المرأة الفلسطينية صامدة في وجه الخنق الاقتصادي .. زراعة، وتربية مواشي، وصمود بلا حدود

mainThumb
المرأة الفلسطينية صامدة في وجه الخنق الاقتصادي.. زراعة، وتربية مواشي، وصمود بلا حدود

03-11-2024 04:27 PM

printIcon

أخبار اليوم - فلسطين - في ظل الضغوطات الاقتصادية التي تواجهها الأراضي الفلسطينية، وتحديدًا الضفة الغربية، تبرز المرأة الفلسطينية كرمز للصمود والتحدي. منذ السابع من أكتوبر، كثّف الاحتلال الإسرائيلي سياسات خنق الاقتصاد في الضفة، عبر منع تحويل الرواتب وإيقاف السيولة المالية، ما أدى إلى شلل شبه تام في الحياة الاقتصادية في المنطقة. إلا أن المرأة الفلسطينية لم تستسلم لهذا الواقع الصعب، بل وجدت في المونة والزراعة وتربية الدواجن والمواشي وسائل فعّالة لسد احتياجات عائلتها والوقوف في وجه هذا الخنق الاقتصادي.

تقول السيدة أم أحمد من مدينة نابلس: "نحن هنا لا نعرف الاستسلام، فمنذ أن بدأت إسرائيل بتشديد الخناق، قررت أن أعمل على زراعة حديقة منزلي بكل ما نحتاجه من خضروات موسمية. أزرع البطاطا والطماطم والخيار، ونحضر ما يكفي من الطعام للعائلة. صحيح أنها جهود فردية، لكنها تعني لنا الكثير، إذ توفر لنا الاكتفاء، وتغنينا عن الشراء في ظل الأزمة."

وتضيف أم إيهاب من رام الله أن النساء الفلسطينيات قادرات على تحويل الشدائد إلى فرص للابتكار. "بدأت منذ فترة بتربية الدواجن في المنزل، وأصبحت أستفيد من البيض الطازج يوميًا، وحتى أبيع بعضه لجيراني. بذلك نكون قد استطعنا توفير جزء من احتياجاتنا الغذائية دون الحاجة إلى التوجه إلى الأسواق." وتوضح أن هذه المبادرات البسيطة تساهم بشكل كبير في دعم الاقتصاد العائلي، وتمنح المرأة استقلاليةً، وتعزز من صمود عائلتها.

السيدة ليلى من منطقة الخليل ترى في هذا الوضع فرصة لإحياء بعض العادات القديمة. تقول: "أعادتنا الأزمة إلى عادات أجدادنا. باتت عملية تحضير المونة المنزلية ضرورية، فنحن نخزن الزيتون، وتصنيع الجبن واللبنة، وإعداد المخللات. هذه العادات التي كانت رمزية أصبحت اليوم ضرورة حتمية للبقاء على قيد الحياة."

ويبدو أن هذا الاتجاه نحو الزراعة وتربية المواشي لم يكن عشوائيًا، بل إنه اتخذ طابعًا جماعيًا. فمع تصاعد الأزمة، توافقت العديد من السيدات الفلسطينيات على تحويل أراضٍ قريبة من منازلهن إلى مزارع صغيرة، يتعاونّ فيها لزراعة المحاصيل الضرورية وإنتاج ما يحتاجونه يوميًا. ترى السيدة سعاد، التي تدير مزرعة صغيرة بجوار منزلها، أن هذه التجربة منحتها الأمل في مواجهة الصعوبات. "منذ بدأنا بزراعة هذه الأرض وتربية الأغنام، شعرنا أننا أقوى وأكثر قدرة على تحدي الاحتلال. أصبح بإمكاننا الاعتماد على أنفسنا وتوفير حاجاتنا اليومية دون انتظار المعونات."

ويؤكد أبو عمر، أحد سكان جنين، على أهمية دعم هذه الجهود النسائية، حيث أصبحت المرأة ركيزة أساسية في مواجهة هذه الأزمة الاقتصادية. يقول: "المرأة الفلسطينية تستحق الاحترام كله، فهي اليوم تقف في الصف الأول للدفاع عن الأسرة، وتعمل بجهد لسد النقص الناجم عن إجراءات الاحتلال."

ومع هذا الصمود الكبير، تسهم المرأة الفلسطينية اليوم ليس فقط في توفير الاكتفاء الذاتي لعائلتها، بل أيضًا في بناء قاعدة مقاومة اقتصادية تعتمد على الاكتفاء الذاتي والتكيف مع الأوضاع الصعبة. هذا التكيف يعكس عزمًا وإصرارًا على البقاء والتشبث بالأرض في وجه الاحتلال، ليبقى الشعب الفلسطيني شامخًا وصامدًا، متحديًا جميع أشكال الحصار والخنق الاقتصادي.