بقلم: محمد الحموري أبو كريم
يلعب الإعلام دوراً محورياً في تشكيل وعي الأجيال الجديدة، وتوجيه سلوكهم، وتأثيرهم على المجتمع. فالشاشة الصغيرة والشاشة الكبيرة، ومنصات التواصل الاجتماعي، أصبحت نوافذ تطل على العالم، وتشكل وجدان الشباب، وتؤثر في قراراتهم. ولكن هل يسير هذا الدور في اتجاه بناء أخلاقيات المجتمع، أم أنه يستغل للتلاعب بالعواطف وإثارة الجدل؟
منذ القدم، كان للإعلام دور توعوي وتثقيفي، فكان يسعى إلى نشر القيم والأخلاق الحميدة، وبناء مجتمع متماسك. ولكن مع تطور التقنيات ووسائل الإعلام، تغيرت هذه الأولويات إلى حد كبير. فبدلاً من التركيز على المحتوى الهادف والبناء، أصبح هناك تركيز كبير على الترفيه والإثارة، وعلى جذب أكبر عدد من المشاهدين بأي وسيلة كانت.
إننا نرى اليوم كيف أن بعض البرامج والمسلسلات تتنافس على إثارة الجدل واللجوء إلى المواضيع المثيرة للجدل، حتى وإن كانت على حساب القيم والأخلاق. كما نرى كيف أن بعض الشخصيات الإعلامية تسعى إلى الشهرة بأي ثمن، حتى لو كان ذلك عن طريق إطلاق التصريحات المثيرة للجدل أو المشاركة في برامج تفتقر إلى المصداقية.
هذا التوجه الخطير يهدد بنشر قيم سلبية بين الشباب، مثل العنف والكراهية والتطرف. كما أنه يزرع الشك في نفوس الشباب، ويجعلهم يشككون في كل ما يحيط بهم.
ولكن، هل يعني ذلك أن دور الإعلام سلبي بالكامل؟ بالطبع لا. فالإعلام قادر على أن يكون قوة إيجابية في المجتمع، وأن يساهم في بناء جيل واعٍ ومثقف. ولكن هذا يتطلب أن يكون الإعلام ملتزماً بمسؤوليته الاجتماعية، وأن يركز على تقديم محتوى هادف وبناء، وأن يسعى إلى نشر القيم والأخلاق الحميدة.
إننا بحاجة إلى إعلام يقدم نماذج إيجابية للشباب، وإعلام يشجع على التفكير النقدي والحوار البناء. إننا بحاجة إلى إعلام يسلط الضوء على القضايا المهمة التي تهم المجتمع، ويعمل على حلها.
إن الإعلام مسؤولية كبيرة، ويجب أن يكون على قدر هذه المسؤولية. فالشباب هم مستقبل الأمة، وهم الذين سيقودونها إلى الأمام. ومن واجبنا أن نوفر لهم إعلاماً يلهمهم ويوجههم نحو الخير.
ختاماً، يمكن القول أن الإعلام سيف ذو حدين، فهو قادر على بناء الأمم أو تدميرها. فإذا استخدم بمسؤولية، يمكن أن يكون قوة عظيمة في تغيير المجتمع نحو الأفضل. ولكن إذا استخدم بشكل خاطئ، يمكن أن يكون سبباً في تدمير الأجيال وتفكك المجتمعات.