الحرفيون غير المرخصين: مهن دون غطاء قانوني ولا ضمان اجتماعي .. من يفتح ملفهم؟

mainThumb
الحرفيون غير المرخصين: مهن دون غطاء قانوني ولا ضمان اجتماعي... من يفتح ملفهم؟

28-10-2024 03:33 PM

printIcon

أخبار اليوم - تالا الفقيه - تُعتبر شريحة الحرفيين غير المرخصين في الأردن من الفئات التي تعمل في الظل، دون أن تتمتع بأي حماية قانونية أو اجتماعية. هؤلاء الأشخاص يتنقلون بين الشركات والمنازل لتقديم خدماتهم في مجالات متعددة، مثل السباكة والكهرباء والدهان، دون أن يكون لديهم ترخيص قانوني أو ضمان اجتماعي يؤمن لهم الحماية في حالات المرض أو الحوادث. ومع هيمنة العمالة الوافدة غير المرخصة على هذا القطاع، بات الوضع يتطلب تدخلاً سريعاً لإعادة تنظيم هذه المهن وإدخالها تحت المظلة القانونية.

الحرفيون غير المرخصين: غياب الترخيص والحماية الاجتماعية

في الأردن، يعمل العديد من الحرفيين دون ترخيص رسمي من الجهات المختصة. هؤلاء الأشخاص يعتمدون على مهاراتهم اليدوية في تقديم خدماتهم للمواطنين والشركات، لكنهم في الوقت ذاته محرومون من أبسط حقوق العمالة القانونية، مثل الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي. الأمر الذي يعرضهم لمخاطر كبيرة في حال وقوع حوادث أثناء العمل أو إصابات مهنية قد تؤثر في صحتهم ومستقبلهم المالي.

تُعد مهنة الحرفي من المهن الأساسية التي تعتمد عليها الأسر والشركات في عمليات الصيانة والإصلاح، إلا أن غياب التنظيم القانوني لهذه المهن يضعف جودة الخدمات المقدمة، ويبقى هؤلاء الحرفيون في دائرة الهشاشة الاجتماعية. فما الحل لإخراج هذه الشريحة من الظل؟

العمالة الوافدة: سيطرة غير مرخصة على سوق الحرفيين

من أكبر التحديات التي تواجه قطاع الحرفيين في الأردن هو سيطرة العمالة الوافدة غير المرخصة على هذا المجال. هؤلاء العمال الوافدون، الذين يعملون دون تراخيص قانونية، يشكلون جزءاً كبيراً من القوى العاملة في هذا القطاع، ما يزيد صعوبة تنظيمه وإدارته. انتشار العمالة الوافدة غير المرخصة يساهم في تفاقم التحديات التي تواجه الحرفيين الأردنيين المرخصين وغير المرخصين على حد سواء، حيث يضطر الحرفيون المحليون إلى التنافس مع العمالة الوافدة التي تقدم خدماتها بأسعار أقل.

وتزداد خطورة هذه السيطرة في ظل غياب الرقابة الكافية على هذا النوع من العمالة، ما يسمح لهم بالعمل على نحو غير قانوني ودون التزام بأية معايير مهنية أو صحية. هذا الوضع يجعل المنافسة غير متكافئة بين الحرفيين المحليين والعمالة الوافدة، ويضعف من قدرة الأردنيين على تطوير هذا القطاع والاستفادة منه بشكل قانوني ومُنظم.

الحاجة إلى تنظيم المهن الحرفية: من يفتح الملف؟

يبقى السؤال المطروح: من يفتح ملف هذه المهن، ويقدم لها الغطاء القانوني اللازم؟ إن إدماج هذه الشريحة ضمن المنظومة القانونية يتطلب تنسيقاً بين الجهات الحكومية المعنية، مثل وزارة العمل ومؤسسة الضمان الاجتماعي والغرف التجارية. يجب أن تكون هناك خطوات جدية لتوفير التراخيص القانونية للحرفيين غير المرخصين وتسجيلهم في الضمان الاجتماعي لضمان حقوقهم وحمايتهم.

توفير برامج توعية وتدريب للحرفيين يمكن أن يكون خطوة أولى نحو تنظيم هذا القطاع. برامج التدريب قد تشمل التعليم حول متطلبات السلامة المهنية، كيفية إدارة الأعمال الصغيرة، وأهمية الترخيص القانوني في تعزيز موثوقيتهم وزيادة فرصهم في السوق. إضافة إلى ذلك، يمكن للحكومة تقديم حوافز مثل تخفيضات في رسوم الترخيص لتشجيع الحرفيين على الانضمام إلى النظام القانوني.

الضمان الاجتماعي: ضرورة لحماية الحرفيين

من أكبر التحديات التي تواجه الحرفيين غير المرخصين هو عدم انضمامهم إلى الضمان الاجتماعي. هذا الأمر يتركهم دون حماية في حال تعرضهم لحوادث العمل أو الأمراض المهنية. الضمان الاجتماعي يُعد ضرورياً لضمان حياة كريمة لهؤلاء الحرفيين، خاصةً في حالات العجز أو التقاعد. ولذلك، يجب أن يُعْمَل على تسهيل انضمام الحرفيين إلى مؤسسة الضمان الاجتماعي عبر برامج ميسرة ومتاحة للفئات جميعهن.

كما أن تنظيم هذا القطاع سينعكس إيجابياً على الاقتصاد الوطني، حيث أن إدخال الحرفيين غير المرخصين في النظام القانوني سيعني تنظيم دافعي الضرائب وإدخال إيرادات إضافية إلى خزينة الدولة.

العمالة الوافدة غير المرخصة: خطر على السوق المحلي

انتشار العمالة الوافدة غير المرخصة لا يشكل خطراً على الحرفيين المحليين فقط، بل يؤثر أيضاً على جودة الخدمات المقدمة، ويهدد الأمان المهني. هؤلاء العمالة غير المرخصة يعملون دون أن يكونوا مؤهلين على نحو رسمي للقيام بالأعمال المطلوبة، ما يرفع من احتمالات وقوع حوادث أو تقديم خدمات دون المعايير المهنية المطلوبة.

الحل هنا يكمن في تكثيف الرقابة على العمالة الوافدة وتنظيمها عبر سياسات قانونية تُلزم هذه الفئة بالحصول على التراخيص اللازمة قبل ممارسة المهن الحرفية. يجب أن تعمل الجهات الرقابية على مكافحة العمالة غير المرخصة عبر تطبيق القوانين الموجودة على نحو حازم، وتغريم كل من يعمل بدون ترخيص، أو من يسمح لهؤلاء العمالة بالعمل في منازله أو شركاته.

الحلول المقترحة: تنظيم القطاع وفتح الفرص

لتنظيم قطاع الحرفيين في الأردن وإخراجهم من دائرة العمل غير القانوني، يجب اتخاذ عدة خطوات عملية، منها تشجيع الحرفيين على الترخيص، عبر تقديم برامج توعوية وتخفيضات على رسوم الترخيص، إدماج الحرفيين في الضمان الاجتماعي لضمان حمايتهم وتوفير غطاء اجتماعي لهم، تشديد الرقابة على العمالة الوافدة غير المرخصة لضمان أن تكون المنافسة في السوق عادلة ومتكافئة، توفير فرص التدريب المهني: لتأهيل الحرفيين وإعدادهم للعمل وفق المعايير الدولية.



حماية الحرفيين ضرورة لتعزيز الاقتصاد

في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، يجب أن لا يبقى الحرفيون غير المرخصين في الظل. هؤلاء الأفراد يمثلون جزءاً مهماً من الاقتصاد المحلي، وتنظيمهم ومنحهم الحماية القانونية والاجتماعية سيعزز من استقرارهم المهني، ويساهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

أبو نجمة: ضرورة وصول وزارة العمل والضمان الاجتماعي للعاملين في الاقتصاد غير المنظم لضمان تغطيتهم بالحمايات القانونية


قال رئيس مركز بيت العمال المحامي حمادة أبو نجمة أن هناك تنوعاً في طبيعة عمل الحرفيين، فمنهم عمال يعملون لدى أصحاب عمل بحرف متخصصة، فهؤلاء يتعين على صاحب العمل توفير بيئة عمل قانونية وصحية لهم، كما ينبغي أن يلتزم بتسجيلهم في الضمان الاجتماعي، وفقا للقوانين التي تنظم حقوق العمال وحمايتهم، لكن في كثير من الحالات يكونون عاملين في منشآت أو مشاريع بسيطة في الاقتصاد غير المنظم، ولا يُسَجَّل العديد منهم، ويتركوا بلا حماية في حقوقهم العمالية كالأجور والإجازات وغيرها، وفي حال المرض أو الحوادث، مشيرا أنهم محرومون من الحصول على الرعاية الصحية أو التقاعد، وهنا يتوجب على الجهات الرقابية المعنية خاصة وزارة العمل والضمان الاجتماعي، أن يكون لها القدرة على الوصول إليهم واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان تغطيتهم بالحمايات القانونية.

الحرفيون غير المرخصين: الاشتراك الاختياري في الضمان الاجتماعي، مكلف جدا الأمر الذي يدفعهم إلى البقاء دون ضمان.

أما بالنسبة للحرفيين المستقلين العاملين لحسابهم الخاص، أوضح أبو نجمة أن هذه الفئة تشمل الحرفيين الذين يعملون بأنفسهم ودون توظيف أي عمال، مثل من يعملون من منازلهم أو باستخدام سياراتهم الخاصة، وهم عادة لا يشملون بالضمان الاجتماعي، مما يعرضهم لخطر كبير في حال المرض أو الإصابة والشيخوخة، خاصة أن أغلبهم لا يحصل على دعم من أي نظام اجتماعي، موضحا أنه ليس أمامهم إلا الاشتراك الاختياري في الضمان الاجتماعي، وهو مكلف جدا بالنسبة لهم، الأمر الذي يدفعهم إلى البقاء دون ضمان أو حماية من أي نوع.

وأضاف أبو نجمة هناك الحرفيون أصحاب العمل الذين يشغلون عمالا لديهم، فهؤلاء في الغالب قد يكون لديهم ورش أو محال تجارية بسيطة، لكن بسبب ضعف قدراتهم، وعدم تنظيم نشاطهم على نحو رسمي، فهم غالبا لا يسجلون عمالهم في الضمان الاجتماعي، مما يعرض العمال للضرر، كما أنهم هم أنفسهم في الغالب ليس لديهم تغطية تأمينية، مما يجعلهم بلا حماية اجتماعية أو تأمين صحي، وهنا من المهم أن تراعي ظروف هذه الفئة من الضمان الاجتماعي بتغطيتهم بالتأمينات بكلف اشتراك معتدلة وكذلك جميع الفئات العاملة في قطاعات الاقتصاد غير المنظم، بما يشجعهم على الانضمام إلى الضمان الاجتماعي، ويحظوا بحماياته خاصة في الشيخوخة وإصابات العمل وأمراض المهنة وكذلك التعطل وغيرها، كم أن من الضروري أن تقوم وزارة العمل بما يلزم لضمان تمتع العاملين جميعهم لديهم بالحقوق والحمايات القانونية.


الصبيحي: عدم توفر فرص عمل داخل القطاع المنظم السبب الرئيسي لزيادة عدد الحرفيين غير المرخصين

قال خبير التأمينات الاجتماعية موسى الصبيحي أن النسبة أصبحت متزايدة في القطاع الاقتصادي غير المنظم، حيث وصل عددهم إلى 900 ألف عامل، مشيرا أن عددهم يستمر بالزيادة لعدم توفر فرص عمل داخل القطاع المنظم، مشيرا إلى وجود آثار سلبية وإيجابية على الاقتصاد، فمن الآثار الإيجابية زيادة الناتج المحلي الإجمالي، ومن الآثار الاقتصادية عدم وجود أي نوع من الرقابة على جودة وطريقة العمل.

ضرورة تشجيع الحكومة للعمال غير المرخصين بالانتقال إلى القطاع المنظم


وأكد الصبيحي على ضرورة تطويع قانون العمل والضمان الاجتماعي، حتى تشمل العمال في القطاع غير المنظم، عن طريق تشجيع الحكومة للعمال غير المرخصين بالانتقال إلى القطاع المنظم، عن طريق النقابات العمالية التي تضم فئة معينة والتسهيلات الضريبية التي يجب أن توفرها الحكومة.

ضرورة قيام الحكومة باتخاذ إجراءات لتوسيع قاعدة المشمولين


وشدد الصبيحي على ضرورة قيام الحكومة باتخاذ إجراءات لتوسيع قاعدة المشمولين بأحكام قانون الضمان وتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية التي توفرها التأمينات الاجتماعية التي أصبحت تشكل تحديات أمام مؤسسة الضمان الاجتماعي.