"خذ بنت عمك تصبر على همك": مقولة شعبية بين الواقع والموروث

mainThumb
"خذ بنت عمك تصبر على همك": مقولة شعبية بين الواقع والموروث

28-10-2024 12:35 PM

printIcon

أخبار اليوم - عواد الفالح - تُعتبر المقولات الشعبية جزءًا لا يتجزأ من ثقافتنا، وتعكس العديد من المفاهيم التي تشكل وعي المجتمع وتوجيهاته. من بين هذه المقولات، تبرز عبارة: "خذ بنت عمك تصبر على همك وخذ بنت خالك تحافظ على مالك وخذ الغريبة بتبعد عنك كل مصيبة".

هذا المثل الشعبي يُجسد نظرة المجتمع لاختيار شريك الحياة، حيث يميل بعض الناس إلى تفضيل الزواج من الأقارب لأسباب تتعلق بالثقافة والعادات والتقاليد، بينما يرى آخرون أن الزواج من خارج دائرة الأقارب قد يجلب الاستقلالية والتجديد.

الزواج من الأقارب: مميزات وتحديات

من منظور الكثيرين، الزواج من الأقارب يحمل بعض المزايا، إذ يُعتقد أن بنت العم أو الخال قد تكون أكثر دراية بظروف العائلة وتفاصيلها، مما يُسهم في بناء علاقة قائمة على التفاهم المشترك والدعم.

يقول محمد الخوالدة، موظف في القطاع الخاص: "الزواج من بنت العم يُعزز الروابط الأسرية، ويُسهم في تقوية العلاقات بين أفراد العائلة".

ومع ذلك، يعترف البعض بالتحديات التي قد تنشأ عند الزواج من الأقارب، مثل احتمالية نقل الصفات الوراثية غير المرغوب فيها إلى الأطفال، بالإضافة إلى إمكانية تأزم العلاقات العائلية في حال وقوع مشاكل بين الزوجين.

تقول هدى الزعبي، معلمة: "الزواج من الأقارب قد يكون مُريحًا في البداية، لكنه قد يُسبب حرجًا في حال نشبت مشاكل، إذ تتداخل العلاقات العائلية مع المشاكل الزوجية، مما يزيد من تعقيد الأمور".

آراء مواطنين: هل الغريبة تُبعد المصائب؟

أما عن الجزء المتعلق بالزواج من "الغريبة"، فيرى بعض المواطنين أنه قد يفتح بابًا لفرص جديدة وتنوع في التجارب الحياتية. تقول نسرين الحياري، طالبة جامعية: "الزواج من خارج دائرة الأقارب يمنح الزوجين فرصة للتعرف على عادات وتقاليد جديدة، وقد يسهم في تحسين العلاقة بسبب عدم وجود ضغوط عائلية".

بينما يرى آخرون أن الزواج من خارج الأسرة قد يقلل من التدخلات العائلية والمشاكل المرتبطة بالترابط العائلي الوثيق.

يقول خالد الرواشدة، عامل حر: "الزواج من الغريبة يُعطي مساحة أكبر للاستقلالية، حيث تكون الحياة الزوجية مبنية على التفاهم الشخصي بعيدًا عن الضغوط العائلية".

تأثير الثقافة والعادات في اختيارات الشباب للزواج

يؤثر الموروث الثقافي بشكل كبير على اختيارات الشباب للزواج، حيث يميل البعض إلى اتباع الموروث الشعبي والتمسك بالتقاليد المتوارثة من الأجيال السابقة، بينما يتجه البعض الآخر نحو التجديد واختيار شريك حياة من خارج دائرة الأقارب.

يقول أحمد المناصير، خريج حديث: "الزواج من الأقارب قد يُسهّل التعارف والتفاهم، لكنه لا يُلبي دائمًا طموحات الشباب الذين يسعون إلى تجربة حياة مختلفة وأكثر استقلالية".

وتتفق سمر العبادي، وهي ناشطة اجتماعية، مع هذا الرأي، مضيفة: "الكثير من الشباب اليوم يُفضلون الابتعاد عن الزواج من الأقارب، بحثًا عن فرص جديدة للتعارف وتطوير العلاقات بعيدًا عن القيود العائلية".

بين التقليد والتجديد: اختيارات الشباب في الزواج اليوم

في النهاية، تتباين آراء المواطنين حول المقولة الشعبية وتطبيقها في واقعهم. يرى البعض أن الحفاظ على التقاليد يُعزز من استقرار الحياة الزوجية، بينما يرى آخرون أن اختيار شريك الحياة يجب أن يكون بناءً على التفاهم الشخصي والانجذاب العاطفي، بغض النظر عن الروابط العائلية.

وبين التمسك بالتقاليد والسعي نحو التغيير، يظل الزواج قرارًا شخصيًا معقدًا، يتأثر بتفاعل الفرد مع البيئة المحيطة والتجارب الحياتية.

يظل السؤال مطروحًا: هل يجب على الشباب اليوم اتباع الموروث الشعبي أم الاستماع إلى صوت قلوبهم ورغبتهم في التجديد؟