"سياسة السعر على الخاص: بين الاستفزاز وثقة المستهلك"

mainThumb

23-10-2024 04:56 PM

printIcon


جدل متزايد حول الشفافية في عرض الأسعار

أخبار اليوم - تالا الفقيه - ازدادت في الآونة الأخيرة الشكاوى من أسلوب بعض الشركات في تسويق منتجاتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يعمد بعض البائعين إلى عدم عرض أسعار المنتجات على نحو علني، مع مطالبة المستهلكين بالاستفسار عنها عبر الرسائل الخاصة. وقد أثار هذا الأسلوب جدلاً واسعًا بين المتابعين، خاصة أنه يعكس مشكلة تتعلق بشفافية السوق وثقة المستهلكين.

لماذا يعتمد البائعون على سياسة "السعر على الخاص"؟

تُبرر بعض الشركات هذه السياسة بأنها تهدف إلى زيادة التفاعل على المنشورات، فكلما زاد عدد الأشخاص الذين يطلبون السعر، زادت فرص الوصول إلى قاعدة أكبر من العملاء. ويرى بعض التجار أن حجب السعر يُضفي غموضًا قد يجذب الفضول، ويشجع المتابعين على التفاعل. لكن هذه الاستراتيجية تبدو غير فعالة من وجهة نظر الكثيرين، إذ إن ردود الفعل غالبًا ما تكون سلبية، حيث يشعر المستهلكون بأن البائع يحاول جذب الانتباه على حساب الوقت والجهد الشخصي.

آراء العملاء: الإحباط والرغبة في الشفافية

العديد من العملاء يرون أن سياسة "السعر على الخاص" تمثل استغلالًا وعدم وضوح في التعامل، مما يضعف من ثقتهم بالمنتج والبائع على حد سواء. سارة، وهي إحدى المتسوقات النشيطات عبر الإنترنت، تقول: "إذا لم يكن السعر مكتوبًا، فغالبًا ما أتجاوز المنشور، ولا أهتم بالاستفسار عنه حتى لو أعجبني المنتج." وتضيف أن التواصل عبر الرسائل لطلب السعر يستنزف وقتها، ويعتبر تجربة غير مريحة.

في السياق ذاته، يُعبر خالد عن إحباطه من التجار الذين يتبعون هذه السياسة، قائلاً: "أجدها مضيعة للوقت، وبمجرد رؤية منشور لا يعلن عن السعر، انتقل مباشرةً إلى منشور آخر أو متجر آخر حيث يُعْرَض السعر بشكل واضح. "من جانبه، يصف أحمد هذه الطريقة بأنها "خدعة تسويقية تهدف لزيادة التفاعل على المنشور، لكن في الواقع هي تُضعف من المبيعات."

أثر سياسة "السعر على الخاص" على المبيعات وثقة المستهلك.

رغم محاولات البائعين لجذب الزبائن عبر زيادة التفاعل على منشوراتهم، إلا أن سياسة "السعر على الخاص" قد تأتي بنتائج عكسية. وتشير دراسة أُجريت على عينة من المستهلكين عبر الإنترنت إلى أن 70% منهم يتجاهلون المنشورات التي لا تعرض الأسعار بجلاء، معتبرين أن هذه الطريقة تتعارض مع الثقة المطلوبة عند الشراء. يضيف مازن، وهو مستهلك منتظم: "عدم عرض السعر يُشعرني وكأن البائع يحاول إخفاء شيء، وأفضّل دائمًا التعامل مع من يعرض السعر بشفافية ووضوح."

كيف يُمكن تحسين العلاقة بين البائع والمستهلك؟

يشير خبراء التسويق إلى أن الشركات التي تعتمد على مبدأ الشفافية في تسويق منتجاتها، تحقق ولاءً طويل الأمد من المستهلكين، وذلك بفضل بناء الثقة والمصداقية. فالإعلان عن السعر على نحو علني يُظهر استعداد البائع للمنافسة بشكل شريف ومباشر، ويعكس اهتمامه برضا العملاء، ما يُحسن من سمعة العلامة التجارية، ويزيد فرص البيع. كما يُنصح البائعون بتقديم كافة المعلومات المتعلقة بالمنتج، من خامات ومقاسات وألوان، في المنشور ذاته، لتجنب إحباط المستهلكين ولتعزيز مصداقية العرض.

استغلال المستهلكين وغش الزبائن: هل من نهاية؟

تُظهر الأبحاث أن سياسة "السعر على الخاص" تُعتبر استغلالية لبعض الزبائن الذين قد لا يمتلكون خبرة كبيرة في تقييم الأسعار، مما يجعلهم أكثر عرضة للغش والاستغلال. وبدلًا من تعزيز علاقة الثقة بين البائع والمشتري، فإن هذه السياسة تُثير الشكوك، وتؤدي إلى زيادة التوتر والاحتقان في السوق.

في نهاية المطاف، يتطلب بناء سوق موثوقة وشفافة احترام المستهلكين وتقدير وقتهم، وهو ما يتحقق من خلال عرض الأسعار على نحو علني ومباشر. وترى سلمى، وهي متسوقة منتظمة، أن "الثقة الحقيقية تُبنى عندما يشعر العميل بالراحة والوضوح عند الشراء، وهذا يتحقق فقط بوجود سياسة تسعير شفافة."
ارشيد: سياسة "السعر على الخاص" لزيادة التفاعل وجذب المزيد من العملاء.

الخبير الاقتصادي مازن ارشيد قال إن أحد الأسباب الرئيسية وراء قيام التجار على وسائل التواصل الاجتماعي بإرسال أسعار المنتجات عبر الرسائل الخاصة عوضا عن الإعلان عنها يعود إلى استراتيجيات تسويقية وتجارية تهدف إلى زيادة التفاعل وجذب المزيد من العملاء المحتملين على سبيل المثال، عندما يرد التاجر على استفسار عبر الرسائل الخاصة، يفتح بذلك قناة تواصل مباشرة مع العميل المحتمل، ما يسمح له بتخصيص الرد بناءً على احتياجات العميل وتفضيلاته الشخصية، مشيرا إلى أن ذلك يعزز من احتمالية إتمام عملية البيع، حيث يمكن للتاجر أن يقدم خصومات أو عروضًا خاصة فورا، دون أن يلتزم بها علنًا.

وسيلة لتجنب المنافسة المباشرة
أضاف ارشيد إنه يُعتبر هذا الأسلوب وسيلة لتجنب المنافسة المباشرة، فعندما يُعلن التاجر عن الأسعار بشكل عام، يصبح عرض الأسعار متاحًا للجميع، بما في ذلك المنافسين، الذين يمكنهم استغلال هذه المعلومات لتعديل أسعارهم أو تقديم عروض أفضل، موضحا إذا كان تاجر ملابس يبيع منتجًا معينًا مقابل 50 ديناراً، فإن المنافسين الذين يرون هذا السعر قد يخفضون سعرها إلى 45 ديناراً، مما يقلل من جاذبية العرض الأولي، أما استخدام الرسائل الخاصة، فيتيح للتاجر الحفاظ على عنصر المفاجأة وتقديم عروض مخصصة.

البعد نفسي
وأشار أن هنالك بعد نفسي وراء هذا الأسلوب، حين يتلقى العميل رسالة خاصة، يشعر بأن المنتج أو العرض أكثر تخصيصًا وفردية هذا الإحساس بالتفرد يمكن أن يحفز العميل على اتخاذ قرار شراء أسرع، مبينا أنه في حال تلقى العميل رسالة خاصة تشير إلى أن العرض محدود أو مخصص له فقط، فإنه قد يشعر بالحاجة إلى الشراء بسرعة قبل نفاد الكمية.

أداة لتجنب الانتقادات العلنية
من ناحية أخرى، قال ارشيد أنه يُعتبر عدم الإفصاح عن السعر أداة لتجنب الانتقادات العلنية في بعض الأسواق، قد يتسبب الإعلان عن السعر علنًا في ردود فعل سلبية من المتابعين إذا كان السعر يعتبر مرتفعًا مقارنة بالأسعار المعتادة أو التوقعات.