مبغوضة و جابت بنت ..

mainThumb
د. صبري ربيحات

20-10-2024 01:02 PM

printIcon

د. صبري ربيحات

هذا القول شائع الاستخدام في القرى والارياف والبوادي الاردنية وقد كان يستخدم للتعبير عن الحالة التي يجري فيها نبذ شخص او جماعة واستبعاده او استبعادها ولومه او لومهم وتأنيبهم واعتبارهم سببا للعنة التي حلت بالعائلة او ما قد يحصل لها من ضيق في العيش او كراهية الجيران او رداءة الموسم أو حتى إذا انكسرت زجاجة المصباح او حرق خبز الطابون او تعثر طفل في زقاق الحي ..

يعتبر هذا التشبيه أبلغ وأقوى وأوضح الأمثلة المعبرة في لغة وتراث وثقافة الامة فالناس يعرفون معنى البعض والبغضاء التي تعني الرفض والامتعاض وعدم التقبل وهي حالة موجودة في المجتمعات وقد تكون عائدة الى شكل الفرد او مستوى جاذبيته البدنية وربما تعود إلى الطباع التي قد تختلف عن طباع من حوله . فقد يكون الشخص كاذبا ومن حوله يمقتون الكذب او صريحا وهم لا يحبون الصراحة وقد يكون بخيلا في بيئة تعج بالكرم وجبانا في وسط كل الذين فيه شجعان . وقد يكون الشخص كسولا او او او اكولا او نماما فاسدا . وقد يكون العكس ففيه كل الصفات الحسنة التي تجعله مختلفا عن من يعيشون معه او حوله.

في العائلات الممتدة تعتبر زوجات الابناء والكناين والسلفات الفئات الاكثر عرضة للمعاناة من البغض والكراهية ويجري اختيار واحدة منهن لتفريغ كراهية وحقد وشتائم العائلة عليها . فهي موضع للوم وعتاب الجميع وسببا لكل شر يحصل لاي فرد . يتكلم الجميع عنها بسوء ولا يدعونهأ لمشاركتهم المناسبات ويسمعونها كل اشكال وانواع الشتائم والإهانات تارة بطريقة مباشرة واخرى بالتلميح .

مشكلة المبغوضة اذا كانت تعيش في أسرة ممتدة مع اهل زوجها ان تنجب انثى . هنا ستصب العائلة جام غضبها على السيدة التي لا تزال تعاني من الآم الولادة فتعيش اكثر ايام حياتها حلكة فلا احد يسعفها ولا احد يتورع او يتردد في شتمها وقدحها وذمها واهانتها ..

فالاسرة تريد ولدا لتكف ولو مؤقتا عن ممارسة طقوس اضطهاد هذه السيدة التي اتخذوها شماعة يلقون عليها باحباطاتهم ولومهم وعتبهم ومسوغات تفسر أسباب كل ما تعانيه الاسرة من مصائب . فتاتي ولادة البنت لتفاقم الحالة وتضاعف مستويات الكراهية والبغض للمرأة التي لم يقبلها او يتقبلها احد اصلا .

اليوم وفي حالات كثيرة نجد ان المثل " مبغوضة وجابت بنت" لا يزال معبرا عن طريقة تعاملنا مع بعضنا البعض في مواقف نعرف جيدا انها بحاجة الى بحث وحوار ومكاشفة اكثر من اللوم والشتم والمضايقة.

الأسر تحتاج إلى إشاعة المحبة اكثر من تفجير الكراهية وعلينا أن لا نستمع الى التحريض الذي قد يقوم به النظارة والجيران والكارهين للاسرة ومكوناتها.