أخبار اليوم - ارتدت ليان زعرب ذات الأعوام السبع زيها المدرسي -الابيض المقلم بالازرق- وكسرت سواد ضفيرتيها السمراويتين بشبرتين بيضاويتين، تحمل في يدها دفتر وقلم رصاص، تركض نحو الخيمة التعليمية بهمة غيبتها أشهر الحرب الاثنا عشر.
تنزح ليان مع عائلتها داخل خيمة صنعت من أكياس الدقيق الفارغة في منطقة المواصي غربي خانيونس منذ 11شهرا، لم تجلس على مقاعد عامها الدراسي الاول سوى شهرين فقط، قبل أن تندلع حرب الإبادة الاسرائيلية ضد أهالي قطاع غزة المحاصر، أما باقي أشهر السنة أمضتها تنظر ما بين طابور الخبز، وطابور المياه المالحة، وطابور المياه العذبة.
منذ أن سمعت ليان والعديد من أطفال مخيمها، والمخيمات المجاورة له عن مشروع إقامة خيمة دراسية مؤقتة لتعليمهم ما فاتهم من عامهم الدراسي الذي ضاع عليهم في 2023، واستدراك عامهم الدراسي الحالي، طاروا فرحا لأنهم سيعودون لروتينهم اليومي الذي فقدوه خلال العام الماضي.
مشروع الصلابة الاقتصادية وتسهيل الحصول على وظائف لائقة في قطاع غزة، ينفذه مركز شئون المرأة بتمويل الحكومة النرويجية، تحت إشراف برنامج الأمم المتحدة الانمائي.
بدأ العمل في المشروع في أغسطس 2023، ولكنه توقف مع بدء الحرب الأسرائيلية، واستأنف العمل به في مايو من العام الحالي.
خطة طوارىء
المعلمة فاطمة الحشاش انشغلت منذ اليوم الأول بتأهيل الأطفال نفسيا، من خلال جلسات التفريغ، والدعم النفسي قبل نقلهم لمرحلة تلقي منهاجهم الفلسطيني.
تقول الحشاش النازحة من رفح إلى خانيونس ل"فلسطين":"حاليا ننفذ خطة طوارىء لإدراك ما فات الطلبة من عامهم الماضي، وادخالهم في مرحلة تأسيس لمدة أربعين يوما، ومن ثم البدء بتدريس المواد الأساسية اللغة العربية، والرياضيات، والعلوم، واللغة الإنجليزية للمرحلة الدراسية التي فاتتهم".
وتتابع: "قبل إقامة الخيمة التعليمية قمنا بزيارة المخيم، وعمل احصائية لعدد الطلبة في المرحلة الأساسية من الاول حتى الرابع الابتدائي، بالتواصل مع ذويهم لمعرفة مدى ترحيبهم بالفكرة".
وتبين الحشاش أن المشروع سيوفر لطلبة قرطاسية من أقلام رصاص، وألوان، وكراسات، عدا الكتب المدرسية بسبب عدم إمكانية توفرها قطعيا في الوقت الحالي، وسيستمر حتى نهاية الحرب على غزة.
وتشير إلى أنها تحاول قدر الإمكان أن تعيش الأطفال الجو المدرسي الذي فقدوه، والذي كان يبدأ بطابور الصباح، ودعاء الصباح، ومن ثم السلام الوطني الفلسطيني، وبعض التمارين الرياضية، وتمنحهم استراحة فطور في منتصف يومهم الدراسي الذي يمتد من الثامنة والنصف حتى الحادية عشر.
محاكاة للمدرسة
أما المعلمة ايمان عامر عبرت عن تفاجئها بإقبال الاطفال الشديد وحرصهم على الدراسة، واهتمام أولياء الأمور وطلبهم الملح بشمول جميع المراحل الدراسية، فاق توقعاتها.
وبحسب عامر فإن الخيمة التعليمية الواحدة تضم نحو 30 طالبا، وسنتستقبل نحو 90 طالبا في الخيام الثلاث، والعدد قابل لزيادة وذلك يتوقف على عدد الطلبة الراغبين في التعلم في المخيم والمخيمات القريبة منه.
جهاد الكفارنة أحد أولياء الأمور والساعي نحو فكرة إنشاء خيمة تعليمية لمخيمه الذي نزح إليه من شمال قطاع غزة، جس نبض النازحين قبل التوجه للبحث عن منفذ لفكرته، حيث لقى استجابة من الجميع مجرد طرح الفكرة بدأ الأطفال الإقبال على التسجيل.
ويقول الكفارنة ل"فلسطين" :" الخيمة لن تكون بديلا عن المدرسة البتة، ولكننا ارتأينا ايجاد نموذج يحاكيها من خلال التعليم الوجاهي الذي نجد فيه تفريغ نفسي عن الطالب، والأم واللذان يشعران بأنهما خرجا من روتين الحرب، إلى بعض من روتين حياتهم قبلها".
ويضيف الكفارنة: " نسعى لتطوير الفكرة لتشمل جميع الفئات العمرية بمستوايتها التعليمية المختلفة، ولكن ضعف الإمكانيات يحول دون ذلك".
٢٦ خيمة
ومن جهتها تبين منسقة المشروع اسراء الخواجة أن المشروع يشمل قطاعات مختلفة تنفذها عدة مؤسسات، أما مركز شئون المرأة اختص بقطاع التعليم.
وتشير الخواجة ل"فلسطين" إلى أن الطلبة استعاضوا عن الطابور المدرسي بطوابير الخبز، وتعبئة المياه، وابتعدوا عن التعليم، لذا جاء المشروع ليعيدهم إلى حياتهم الاعتيادية بعض الشيء.
وتذكر أنه تم إقامة ٢٦ خيمة تعليمية من شمال القطاع حتى جنوبه، ويشرف عليها ٨٠ مدرسا، ومدرسة، يستهدفون ٤٠٠ طالبا، ولكن العدد فاق ١٠٠٠ طالب حاليا.
وعن سبب استهدافهم للمرحلة الدراسية الممتدة من الصف الاول حتى الرابع الابتدائي فقط، ترجع الخواجة إلى أن هذه الفئة هم الأكثر تضررا وانقطاعا عن التعليم خلال السنوات الماضية بسبب جائحة كورونا، والتصعيدات، والعدوانات الاسىرائيلية المتواصلة.
وتلفت إلى أن المعلن يركز على كيفية دمج أساسيات الدعم النفسي بالعملية التعليمية، واستخدام أدوات التعلم النشط في تطبيق المنهاج.