أخبار اليوم - أكد تقرير حقوقي صدر حديثا، أن قوات جيش الاحتلال تواصل عمليات تدمير مكونات البيئة في قطاع غزة، بشكل ممنهج، في سياق “جريمة الإبادة الجماعية” التي بدأتها مع إعلانها الحرب.
واستعرض التقرير الصادر عن مركز الميزان، الارتباط الوثيق بين البيئة وحياة الإنسان، كونها هي التي تجعل حياته آمنة وهانئة، حيث تعتبر البيئة الصحية والنظيفة من أهم شروط الحياة الكريمة.
وأعاد المركز الحقوقي التذكير بأن المساس بمكونات البيئة يشكل “انتهاكاً للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي بشكل عام”.
وقال وهو يستعرض أحوال سكان قطاع غزة “كلما كانت البيئة آسنة ملوثة زادت الأمراض، الناتجة عن غياب النظافة والسموم والإشعاعات والانبعاثات الغازية، وارتفعت معدلات ظهور وانتشار الأوبئة والأمراض المختلفة، وهددت حياة الإنسان”.
وأكد أن استمرار انتهاكات وجرائم قوات الاحتلال الإسرائيلي، يشكل “خطراً جسيماً على مكونات البيئة في قطاع غزة، كونها تستهدفها بشكل منظم”.
وأشار إلى أن سلطات الاحتلال تعمدت عدم إعطاء الفرصة لإعادة الإعمار، وتحسين الواقع البيئي والصحي والمعيشي للسكان قبل السابع من أكتوبر 2023.
وأوضح أن سلطات الاحتلال كانت تتعمّد إعاقة المشروعات التنموية البيئية الرئيسة، كمحطات تحلية المياه أو محطات التخلص من مياه الصرف الصحي أو النفايات الطبية أو مكبات النفايات الصلبة، وأنها حرصت على منع دخول مقومات الحياة العامة كالطاقة الكهربائية والوقود لتبقي معاناة سكان القطاع والقطاعات الحيوية فيه.
وعن وضع قطاع غزة الحالي، ذكر التقرير أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل تدمير مكونات البيئة في سياق “جريمة الإبادة الجماعية”، التي تشنها على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، وتستهدف المدنيين الفلسطينيين والأعيان المدنية بالقتل والتدمير على نطاق واسع.
وتطرق التقرير الحقوقي إلى استخدام جيش الاحتلال كميات كبيرة من القنابل والصواريخ المتطورة وشديدة الانفجار، بحيث طال التدمير شبكات المياه والصرف الصحي وشبكات تجميع مياه الأمطار، ومكبات النفايات وأماكن تجميعها والمعدات المخصصّة لجمعها ونقلها والتخلص الآمن منها.
كما طال التدمير محطات التخلص الآمن من النفايات الطبية والخطرة، وتسبب في تراكم كميات كبيرة من الكتل الخرسانية للمنازل السكنية والمنشآت المدمرة.
وأشار إلى أمور خطيرة أخرى، تتمثل في تدمير التربة والأراضي الزراعية ومزارع تربية الحيوانات والدواجن، والتي بدورها أحدثت تلويثاً شديداً للهواء، إلى جانب التلوث السمعي، جراء تواصل الانفجارات واستمرار تحليق الطائرات الحربية بأنواعها المختلفة في سماء قطاع غزة.
وكانت نتيجة لذلك أن أمسى قطاع غزة “في أتون كارثة بيئية”.
وقد تناول التقرير “إبادة البيئة” ومكوناتها المختلفة في قطاع غزة، من خلال استعراض آثار “جريمة الإبادة” على قطاع المياه والنفايات السائلة والصلبة.
وأشار إلى أن الحرب أجبرت جهات الاختصاص على تقليص كميات المياه التي تصل للسكان، بشكل يمثل أقل بكثير من احتياجاتهم اليومية.
وتطرق التقرير كذلك إلى تلوث مياه البحر جراء ضخ مياه الصرف الصحي دون معالجة، وإلى تدمير شبكات الصرف الصحي جراء الغارات، ما شكل بركا من المياه العادمة بين تجمعات السكان، وإلى مشكلة تجمع القمامة بين تلك التجمعات، لعدم قدرة الجهات البلدية المختصة على حملها إلى مكبات النفايات الواقعة قرب الحدود الشرقية للقطاع.
وذكر أن قطاع غزة ينتج يوميا 200 طن من النفايات الصلبة، وأن التخلص منها أصبح مشكلة كبيرة على المجال الصحي، لعدم القدرة على التخلص منها.
وأوضح التقرير أنه في هذا الوقت تتواجد حوالي 710,000 طن من النفايات الصلبة منها نفايات المنازل والمخلفات البشرية ونفايات الصرف الصحي والنفايات الطبية، لافتا إلى وجود 190 مكبا عشوائيا مؤقتا غير مؤهل معظمها في مناطق السكن وبين الأحياء، بعد أن منعت قوات الاحتلال الوصول إلى المكب الرئيسي شرق مدينة خان يونس في اليوم الأول للحرب.
وخلقت عملية تدمير الحقول الزراعية، حالة من التجويع المقصود والممنهج، وقد أكدت على ذلك وكالة وغوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا”، التي ذكرت أن ما لا يقل عن 40% من سكان القطاع يعانون من جوع كارثي، بحيث بات قطاع غزة من أكثر مناطق المجاعة في العالم
وأبرز التقرير التلوث الهوائي الناجم عن الغارات الجوية الإسرائيلية، موضحا أن إجمالي المتفجرات التي ألقيت على قطاع غزة تقدر بحوالي 85 ألف طن، تسببت في تدمير 80% من البيئة الحضرية، و90% من البنية التحتية.
وأبرز التقرير تلوث مياه البحر، وكميات الركام الكبيرة الناجمة عن تدمير المنازل والمنشآت، وتلّوث التربة، والتلوث الهوائي والسمعي، كما استعرض المخاطر الصحية والبيئية لتلويث مكونات البيئة، وانعكاسات ذلك على السكان ومستقبل القطاع، وأشار إلى الأمراض التي أصابت السكان جراء هذا التلوث الكبير في البيئة، والتي تسببت في حدوث وفيات.