"المشروع الأردني" في خطابات الملك

mainThumb
سهم محمد العبادي

26-09-2024 12:05 AM

printIcon

سهم محمد العبادي
بعد الخطاب التاريخي الذي ألقاه جلالة الملك في الأمم المتحدة، وحاز عل إجماع الأردنيين والعرب وغيرهم، وبعد كتاب التكليف السامي لحكومة الدكتور جعفر حسان، صار لازما علينا البدء بالمشروع الأردني، وهذا المشروع الذي نادينا به على نحو متكرر فهو أحد قلاع الوطن والدولة داخليا وخارجيا، وله القدرة على تطويع كافة التحديات، وجدار من "نار" إذا ما حاول الطامعون المس بالوطن، وهذا المشروع الوطني استلهمناه من الخطابات الملكية.

إعطاء الأولوية لأي مشروع أو قانون أو عمل لا بد أن يكون للشأن الداخلي الأردني، والعمل العام أفراد ومؤسسات قطاع عام أو خاص لا بد أن يكون للوطن وتعزيز قوته ومنعته بكافة المجالات والقطاعات.

إذا كنا نريد بناء الوطن الأردني القوي والحفاظ عليه، فلا بد من تبني المشروع الأردني الذي يكون الأردنيون جميعهم منتسبين له، مؤمنون بهذا الوطن، شركاء مصير لا شركاء طريق، وأن المشروع هو قضيتهم الوطنية الخاصة، لا يتقدم عليها أحد.

منذ سنوات نسمع عن التنمية الشاملة لكافة محافظات المملكة، والحال لا يخفى على أحد "مكانك سر"، مثل محاربة الفقر والبطالة التي أصبحت أسطوانة يعزف عليها الجميع، لكنها لم تعالج لا فقر ولا بطالة، وحتى الهوية السياسية لم تعد موحدة، بل منقسمة ما بين شرائح المجتمع، حتى أصبحت لكل فئة هويتها الخاصة بها حزبية، جهوية، قبلية أو مصلحية، ومنها العابرة للحدود ولو على حساب الوطن ومقدراته، وأصبح الأردن منقسماً حسب الميول والأهواء والمصالح، أخر هموم البعض هذا الوطن ومستقبله، والبعض الآخر يقف متفرجا وكأن هذا الوطن لا يعنيه.

اليوم إذا أردنا الإصلاح الشامل، يجب أن يجلس الجميع على طاولة الحوار، ونحدد أولوياتنا الوطنية الأردنية، ونبدأ العمل عليها، تلك الأولويات التي تعنى بالأردن قولا وفعلا ولمصلحة الأردن، ونهضة الأردن ومستقبله، فهي ليست ترفا أو كماليات، بل مستقبل الأجيال الحاضرة والقادمة، مثلما هي أمانة الآباء والأجداد الذين قضوا حياتهم في البناء والحفاظ على هذا الوطن ليبقى عظيما وعزيزا.

لقد أحبط الأردنيون عدة مرات بسبب التصريحات الرسمية التي سمعوها دون أن يلمسوا منها شيئاً، والتقطهم بعض "السيارة" الذين داعبوا جراحهم وهمومهم بمعسول الكلام والتحريض، حتى انحرفت البوصلة عن وجهة الوطن وأصبحت بلا اتجاه، فغابت عنهم رمزية الأردنيين والوطن، ومنهم من استورد رموزا من الخارج ليتباهى بها في جبال عمان الأردنية.

من هنا نجد أن بعض الأردنيين يتفاعلون مع كافة القضايا في أركان الكرة الأرضية، لكن لا تجدهم متفاعلين مع قضاياهم الوطنية، أو أن لديهم إيماناً بأننا مجرد "أرض ترانزيت" لا ولاء ولا انتماء إليها.

فهل حُلِّلَت الخطابات الملكية والأخذ بما جاء فيها والعمل على ترجمتها على أرض الواقع؟ فبالعادة بعد كل خطاب تأتي الإشادات، ولكن من يطبق ما جاء فيها؟ القصة ليست مسؤولية الحكومات وحدها، بل هي مشتركة بين كافة القطاعات وكذلك الشعب، ولكنها تحتاج إلى تشاركية حقيقية بين الجميع لتكون منهاج حياة الأردنيين وقضيتهم.
لقد تحدث جلالة الملك عن كافة التحديات والفرص الداخلية والخارجية، وعن قوة وقدرة الأردنيين على بناء المستقبل وازدهار وطنهم، وتناول محاور عديدة، أجد لزاما على الجميع إعادة قرأتها من جديد وتحويلها إلى مشروع أردني، خصوصا الأحزاب التي أصبحت اليوم لاعبا رئيسيا في الحياة السياسية، وعلى النواب تحويل هذه الخطابات خطة برامجية محددة الزمن، فهم من يمتلكون إعادة فتح القوانين وتشريعاتها وهم من يوافقون على موازنة الدولة ونفقاتها.


"الأردن العظيم يستحق الأفضل دوما"