"محمد حجازي" .. النّاجي الوحيد من مجزرة شطبتْ عائلته من السّجل المدني

mainThumb
"محمد حجازي".. النّاجي الوحيد من مجزرة شطبتْ عائلته من السّجل المدني

23-09-2024 12:19 PM

printIcon

أخبار اليوم - كانت عائلة حجازي تحاول الخروج من الواقع المؤلم في خضم الحرب المسعورة ضد قطاع غزة، عبر الجلوس في دائرة مستديرة لقراءة وتدبُر القرآن الكريم، لكن لم يهنأ ذلك لقوات الاحتلال "الإسرائيلي" التي نغّصت عليهم باستهداف منزلهم بعدة صواريخ "غادرة".

الساعة الثامنة من مساء يوم الإثنين الذي صادف التاسع عشر من نوفمبر 2023، بدأت قصة عائلة المواطن محمد حجازي حينما ألقت طائرات الاحتلال "الإسرائيلي" صواريخها الثقيلة المتفجرة على منزلها المكون من أربعة طوابق، الذي كان يأوي بين طبقاته سبع عائلات يصل تعدادهم أكثر من أربعين فرداً.

"انهالت الصواريخ على منزلنا دون سابق إنذار"، هكذا يصف محمد حجازي وهو الناجي الوحيد من العائلة اللحظات الأولى للقصف، ثم يصمت برهة من الوقت ويُكمل "لا أعلم ماذا حدث حينها، فبعض أفراد العائلة تطايروا للخارج وآخرين ظلوا عالقين تحت الركام".

تحوّل البيت إلى أكوام من الحجارة وتفرّقت أجساد عائلة المواطن محمد حجازي (50 عاماً) المكونة من سبعة أفراد – زوجته وأولاده- فمنها من تطايرت إلى خارج المنزل، وهم والدته وشقيقه وأولاده الأربعة، حتى هو طار إلى بيت جيرانهم المجاور لهم، وأُصيب بجروح طفيفة فيما ارتقى جميع أفراد العائلة والبالغ عددهم 15 فرداً شهداء. ويُكمل حجازي لمراسل موقع "فلسطين أون لاين": "بفضل الله أن ثلاثة من إخواني كانوا قد نزحوا إلى جنوب قطاع غزة صباح اليوم الذي جرت به المجزرة، وإلا فقد وقع الجميع بين شهيد وجريح".

لم يجد كلمات تسعف ذاكرته المُنهكة، حيث اكتفى بقوله "حسبنا الله ونعم الوكيل (..) ما ذنب عائلتي وأطفالي أن يرتكب بهم الاحتلال مجزرة بشعة كهذه؟". نظرات مليئة بالحسرة والقهر يوزعها "محمد" نحو منزل عائلته المدمر، ويشير بيديه نحوه فيقول "هذا البيت كان يأوي سبع عائلات، وهو الحضن الدافئ لها، لكنه اليوم أصبح كومة من الأحجار والركام، وأصبحت أنا وحيداً بلا عائلة ولا مأوى".

وما يزيد الغصة في قلب "محمد" أن جميع أفراد عائلته ما زالوا تحت ركام المنزل حتى اليوم ولم يتم دفنهم في مقابر، في حين أن خمسة أشخاص الذين تم انتشالهم ودفنهم في المقبرة وهم والدتي وشقيقي وأولاده الأربعة، حسبما يروي.

خلال الحديث معه لم يتمالك "حجازي" نفسه، فغلبه البكاء وأخذت الدموع تنهمر على وجنتيه، ثم ما لبث أن أمسك بهاتفه المحمول يقلب على صور عائلته، ويهز برأسه يميناً ويساراً فيوجه رسالة: "ما ذنب أطفالي وابنتي التي لم تكمل دراستها في تخصص الطب بجامعة الأزهر، وزوجتي التي ساندتني طيلة فترة حياتي".

كان "محمد" يُمسك بيده اليُمنى عدة أوراق وعند سؤالنا له، رفعها أمامنا وقال "هذه الأوراق هي شهادات الوفاة التي استخرجتها لعائلتي ووالدتي وعائلة شقيقي والبالغ عددهم 15 شهيداً".

يعود "محمد" بذاكرته إلى الوراء ويفتش بين ثناياها عن مناقب ابنته "تسنيم" (22 عاماً) التي لم تُكمل دراستها في كلية الطب بجامعة الأزهر في غزة، إذ يقول إنها تمتلك موهبة كتابة وإلقاء الشعر منذ أن كانت في الثانية عشر من عمرها".

استطاع "محمد" انتشال دفتر "تسنيم" من بين أكوام الحجارة ليكون ذكرى ترافقه طيلة حياته بعدما فارقت روحها الحياة، ثم أخذ يقلّب في الدفتر فاستوقفه إحدى أبيات الشعر التي كتبتها وهو "أفضل طريقة لقتل الذكريات هي صنع أجمل منها". يتنهد "محمد" بعد أن التقط أنفاسه ويقول "هذا ما تركه لنا الاحتلال وهو الذكريات ممن نُحب (..) حسبنا الله ونعم الوكيل". وختم حديثه وهو يستصرخ كل الضمائر الحية في العالم، بأن ينظروا بعين الرحمة لقطاع غزة الذي يتعرض للدمار والقتل والتشريد يومياً.


 

 



news image