الربيحات يكتب: حكومة خُمس حزبية

mainThumb

20-09-2024 04:26 PM

printIcon

صبري ربيحات

لا يزال الناس يخمنون ويسألون إذا ما كان النواب الذين وردت اسماؤهم في قوائم الاحزاب حزبيين اصلا اما جرى تحزيبهم بعد النجاح.

في الوقت الذي حصل الميثاق على أقل من 5% من اصوات الأردنيين وارادة على قرابة 4% من مجموع الأصوات حسب القوائم الحزبية خرج علينا الامينين العامين بقوائم تصل الواحدة منها الى ما يزيد عن عشرين نائبا وتضم اسماء نواب ربما انهم اعضاء في الاحزاب المعلنة لكنهم ترشحوا في دوائرهم المحلية ضمن قوائم وتحالفات عشائرية وجهوية لا علاقة لافكار الحزب ولا الانتماء له في نتائجها.

في رأيي ان المعيار الأقرب والانسب لقياس جماهيرية الاحزاب هو ما تحصل عليه مرشحوها في القوائم الوطنية. أما فيما يخص الدوائر المحلية فالنتائج مرتبطة بأشخاص المرشحين وارتباطاتهم وعلاقتهم وتحالفات عشائرهم اكثر مما ترتبط بالاحزاب التي لا يستطيع الكثير منا التمييز بين الوانها ولا طروحاتها فجميعها متشابهة فيما تقول ومختلفة في الاشخاص الذين ارتبطت بأسمائهم.

التشكيلة الحكومية الجديدة ضمت اعضاء من ثلاثة احزاب تحصلت على أقل من 13% من مجموع الأصوات وقد قال الرئيس أثناء زياراته للاحزاب بأن مشاوراته مع الامناء العامين لم تشمل موضوع التنسيبات الحزبية للمشاركة.

اختيار الرئيس لامينين عامين لحزبين ليكونا وزيرين في الحكومة واسناد خمسة حقائب لوزراء حزبيين دون الإعلان عن مشاركة للاحزاب في الحكومة امر يحتاج إلى تفسير لا سيما وأننا نحاول تلمس اولى خطواتنا ونحن نطبق رؤية التحديث وبرنامج الاصلاح الذي توافقت عليه اللجنة الممثلة لقوى وفعاليات المجتمع وباركه جلالة الملك.

لا أفهم كيف لنا ان نقنع الناس والممولين بأننا ننفذ برنامجا للتحديث الاداري ونطلب من الجميع دعمه ووسط كل هذا تتشكل حكومة من 32 وزيرا منهم خمسة وزراء دولة.

التحديث السياسي نهج تبنته البلاد ونفذت خطوات هامة على طريقه. من اللحظة التي اعدت فيها اللجنة تقريرها مرورا بوضع التشريعات الخاصة بالاحزاب والانتخابات وصولا الى إجراء الانتخابات التي كانت الأفضل والأقرب الى النزاهة والشفافية منذ انتخابات المجلس الحادي عشر عام ١٩٨٩.

اهمية ما نقوم به هذه المرة انه يشكل الأساس ويرسم معالم الطريق ويرسي قواعد للممارسات والتقاليد التي تجسد المبادئ الديمقراطية وتعزز الثقة بمنحى التحديث وتقدم النموذج الذي يبني الثقة بالمؤسسات ويضع الجميع أمام مسؤولياتهم ويدفع بنا الى الالتزام بروح الدستور ونصوصه والسير قدما في تعميق الثقافة الديمقراطية ونشرها في اجواء ومناخات تقطع الطريق على كل من يحاول ان يرى انه صاحب امتيازات واستحقاقات تميزه عن بقية ابناء المجتمع ايا كانت ديانتهم او جنسهم او جهتهم او اقليمهم او فكرهم شريطة ان لا يكونوا خارجين على القانون او يعملون بما يخالف حقوقهم وادوارهم في ممارسة مواطنتهم.

هذا هو المفصل الأهم في تاريخ التحديث السياسي الذي نحتاج فيه الى قواعد وممارسات تستوحى من روح الدستور والمبادئ التي استند لها والرؤى التي كانت وراء التحديث السياسي..

تجربتنا غضة وطرية لذا ينبغي دائما الحوار حول الممارسات ونقدها وتقييمها لكي لا تصبح بعض الممارسات سوابق ولكي لا تهتز ثقة البعض ببرنامج التحديث ولكي لا يشعر البعض انه مواطن ديلوكس وغيره مواطن من درجة اخرى..

يتحدث البعض منا وكأنه وصيا على المجتمع والدولة مفترضا انه اكثر انتماء واكثر اخلاصا من غيره وذلك يتنافى مع الدستور ونصوصه التي تعرف الحقوق والواجبات وعلاقة الفرد بالدولة وعلاقة السلطات ببعضها البعض ومصدر السلطات وكيفية ممارستها ومتى وكيف تكون علاقة الفرد او المسؤول مع الدولة صحيحة ومتى تكون غير صحيحة ومتى يجوز أن يتولى الفرد موقعا في السلطة ومتى يفقد هذا الحق وهنا تقييد للمزاج والاهواء والعلاقات.

انتخابات ٢٠٢٤ كشفت الوزن النوعي والثقل الفعلي للاحزاب والرؤى والطروحات والأشخاص فبعض الاحزاب التي جرى الرهان عليها كادت ان تخرج من السباق بالرغم من كل التسهيلات والتحشيد الذي اجري لها ونيابة عنها والبعض الاخر قطع مسافات طويلة ووصل الى الناس وحصد اصواتا وثقة فاقت مجموع ما حصلت عليه كل الاحزاب التي تجاوزت العتبة ومع ذلك لا تزال هذه الاحزاب تعامل رسميا على أنها الاكبر والأكثر شعبية ورواجا.

كنت اتمنى لو ان الرئيس اعد برنامجا لحكومته وتشاور مع الاحزاب على ضوءه ليرى من يساند هذا البرنامج وان يكون الاصطفاف حول البرنامج لا انتقائيا او مزاجيا.

الحكومة الجديدة متخمة بالحقائب والشخوص ممن يحتاجون لسنوات ليتحولوا من خبراء وكفاءات فردية الى فرق وجماعات تلتقي على رؤى وبرامج قابلة للتنفيذ بالسرعة التي يحتاج اليها المواطن.