انخفاض حالات الطلاق .. هل لمكاتب الإصلاح الأسري دور؟

mainThumb
انخفاض حالات الطلاق.. هل لمكاتب الإصلاح الأسري دور؟

15-09-2024 11:32 AM

printIcon

أخبار اليوم - أكد مختصون وخبراء في القضايا الأسرية أن مديرية الإصلاح والوساطة والتوفيق الاسري التابعة لدائرة قاضي القضاة، ساهمت بصورة لافتة بتخفيض نسب الطلاق في الأردن، التي أصبحت من الظواهر التي تؤرّق العائلات نفسيا واجتماعيا واقتصاديا.

وبين التقرير الإحصائي لدائرة قاضي القضاة لعام 2023 انخفاض في حالات الطلاق التراكمي، حيث شهدت المحاكم الشرعية انخفاضاً بنسبة 4.8% في عام 2023 مقارنة بعام 2022، بواقع 1,292 حالة، حيث بلغ عدد حالات الطلاق في 2022 حوالي 26,756 حالة، بينما سجل في 2023 حوالي 25,464 حالة.

وفي السياق, تقول سهام -وهو اسم مستعار- احدى المراجعات لمكاتب الإصلاح والوساطة والتوفيق الاسري في المحاكم الشرعية: «إنني متزوجة منذ 8 سنوات، وأم لطفلين، فكرت كثيراً بالطلاق بسبب خلافات ومشاكل مع زوجي تزداد باستمرار يوما بعد يوم».

وتضيف: «لقد نصحتني إحدى صديقاتي في التوجه إلى مكاتب الإصلاح و الوساطة و التوفيق الأسري في المحاكم الشرعية لعلي اجد حل لمشكلتي قبل رفع دعوى الطلاق وبالفعل ذهبت إلى هناك ووجدت ترحيبا ومعاملة طيبة وجهود ومساعي كبيرة من أجل حماية الأسرة والأطفال».

وقالت: تم توعيتي بحقوقي في مكتب الإصلاح الأسري ومساعدتي في كيفية حل المشكلات الزوجية من خلال الإرشاد وتقديم النصيحة وخصوصا فيما يتعلق بالدعم النفسي، وبالفعل بعدها اعطيت نفسي فرصة أخرى لاستمرار الزواج واخذت بكل النصائح التي قدمت لي من خلال المختصين في مجالات متعددة تصب في صالح حماية الأسرة في مكاتب الإصلاح الأسري وبعد فترة بسيطة تم حل لكل الخلافات بيني وبين زوجي وتراجعت عن فكرة الطلاق واستقرت أسرتي احيانا نكون بحاجة لدعم نفسي أو نصيحة ولكن نتسرع في اتخاذ قراراتنا من كثرة الخلافات».

وفي مسعى من دائرة قاضي القضاة لإيجاد حلول لهذه الظاهرة، نجحت مديرية الإصلاح والوساطة والتوفيق الاسري التابعة لها، في حماية الأسرة ولم شملها وضمان ديمومتها واستقرارها وخفض حالات الطلاق من خلال تزايد المراجعين إلى مكاتبها في المحاكم الشرعية المنتشرة بجميع محافظات المملكة والعمل على حل النزاعات الأسرية بالطرق الودية وإيجاد حلول رضائية لها ومعالجة الخلافات الأسرية قبل اللجوء للتقاضي قدر المستطاع وفق شعار التراضي قبل التقاضي والوفاق بدل الشقاق.

ويشير التقرير السنوي الصادر عن دائرة قاضي القضاة الى مدى نجاح مديرية الإصلاح والوساطة والتوفيق الاسري في حل النزاعات الأسرية من خلال تزايد المراجعين إلى مكاتبها في المحاكم الشرعية المنتشرة بجميع محافظات المملكة حيث شهدت ارتفاعا في عدد الحالات التي راجعت تلك المكاتب خلال 2022 إلى 72 ألفا و 708 حالة وبزيادة نسبتها 16%.

ويشير فضيلة القاضي الدكتور إسماعيل نوح القضاة، الناطق الإعلامي باسم دائرة قاضي القضاة،إلى أن انشاء مكاتب الاصلاح والوساطة والتوفيق الأسري بموجب قانون أصول المحاكمات الشرعية وجعله ضمن اختصاص المحاكم الشرعية يهدف إلى تقديم الإرشاد الأسري الوقائي والعلاجي،وهو اداة تدخل إيجابية من قبل دائرة قاضي القضاة من أجل لم شمل الأسرة و استمراريتها والأخذ بيد أفرادها في معالجة الخلافات الأسرية وتمكينهم من الوصول الى حلول لنزاعاتهم بشكل ودي رضائي،وقد يكون هذه الاتفاق منهياً للنزاع دون حاجة إلى أية اتفاقيات، وقد يتم تسجيل اتفاقية تتضمن ما اتفق عليه الأطراف من التزامات لحل هذه الخلافات والمنزاعات، بحيث يحفظ لكل طرف حقوقه دون الحاجة الى المرور بالاجراءات القضائية في المحاكم وبما يحافظ على السرية والخصوصية لأطراف هذه المنازعات، ويتجاوز الآثار النفسية التي قد يشعر بها البعض عند تسوية نزاعاتهم بالطرق القضائية.

ونوه إلى أن مكاتب الاصلاح والوساطة والتوفيق الأسري المنتشرة في مناطق اختصاص المحاكم الشرعية يتشكل من رئيس يكون من القضاة أو موظفي الدائرة وأمين لهذا المكتب وكادر اداري معاون، ويتم تعيين عدد من الأشخاص في كل مكتب،تطلق عليهم تسمية، أعضاء مكاتب الاصلاح والوساطة والتوفيق الاسري، بحيث لا يقل مؤهل الشخص عن الشهادة الجامعية الأولى من اصحاب الخبرات والكفاءة في تخصصات الشريعة والقانون أوالتربية أوعلم النفس أوعلم الاجتماع، ويجري تأهيلهم وتطوير مهاراتهم باستمرار من خلال دورات متخصصة تعقد في معهد القضاء الشرعي.

ويشير د.القضاة إلى أن الاتفاقيات التي تم تسجيلها في مكاتب الإصلاح الأسري لها قوة السند التنفيذي بموجب قانون التنفيذ الشرعي، ويمثل تسجيلها رغبة الأطراف في حل النزاعات الأسرية عن طريق التراضي، باعتبار ذلك أحد الحلول البديلة للتقاضي،مضيفا أنه احيانا يتم تسوية حالات النزاعات الأسرية دون الحاجة إلى اتفاقيات أو إجراءات قضائية.

كما أن مراجعة هذه المكاتب قد يكون بإحالة من القاضي الشرعي في المنازعات التي تقبل الوساطة الأسرية، وقد تكون بمبادرة مباشرة من أصحاب العلاقة يطلبون فيه استشارة متخصصة لتعاملهم مع مشاكلهم الأسرية. ونوه القضاة بأن مكاتب الاصلاح والوساطة والتوفيق الأسري لا تتطلب أي رسوم مالية فجميع خدماتها مجانية بدءَ من توفير خدمة الإرشاد الأسري، والعمل على تسوية النزاعات الأسرية عبر الوساطة أو التوفيق وتجنيب الأزواج المتخاصمين من الدخول في مراحل التقاضي المختلفة.

من جهته، يقول الدكتور المحامي الشرعي عاكف المعايطة، مستشار بقضايا المرأة، إن مديرية الاصلاح والوساطة والتوفيق الأسري نجحت وبدور كبير في حل الخلافات الزوجية، وأحيانا التوفيق بين الزوجين لحل الخلافات أو تسوية الحقوق المالية بين الزوجين وحقوق الأطفال وكذلك نفقات التعليم والمشاهدة بحيث تتم وفق اتفاقية يتم تسوية الخلافات بواسطة الإصلاح الأسري.

ويضيف د.المعايطة إلى أن المديرية بذلت جهوداً كبيرة في الإصلاح وبالفعل نجحت العديد من الحالات في التوصل إلى إعادة الحياة والتوفيق بين الزوجين عن طريق الإرشاد والتوجيه وأحيانا وضع ضمانات تجعل الأطراف في حالة مستقرة وتشجع على الإصلاح.

أما المحامية نرجس صالح فقد أكدت على أهمية الاصلاح والوساطة والتوفيق الاسري في خفض حالات الطلاق، التي تؤدي الى التفكك الأسري وحماية الأبناء من الضياع بسبب الخلافات الأسرية،وحل النزاعات الأسرية بالطرق الودية من خلال الأرشاد الأسري من أجل الحفاظ على تماسك وترابط الأسرة الواحدة وحماية الأطفال للنهوض بالمجتمع.

وتشير إلى أن نجاح فكرة مكاتب الإصلاح الأسري وتحقيق الغاية من نص المادة (4) من نظام مكاتب الإصلاح والتوفيق الأسري لسنة 2013، «على إنشاء مكتب للإصلاح والتوفيق الأسري، وحسب الحاجة، في كل محكمة شرعية؛بهدف إنهاء النزاعات الأسرية بالطرق الودية وبالتوعية والتثقيف بالحقوق والواجبات الزوجية وتقديم الإرشاد الأسري».

وترى بأن نظام الإصلاح الأسري شكل نقلة نوعية للقضاء الشرعي في البحث في إيجاد حلول للخلافات والمشاكل الأسرية، والمساهمة في حل الخلاف بين الازواج بطرق ودية من خلال النصح والإرشاد،بالإضافة إلى توسط أهل الخير، قبل الدخول في مرحلة التقاضي.

الرأي