المدرسة أيام زمان

mainThumb
المدرسة أيام زمان

27-08-2024 03:52 PM

printIcon

نبيل عماري

قبل بداية المدرسة تشعر بحركة غريبة بالسوق التجاري، إذ يخرج قماش المرايل من المخازن وكان يباع في الذراع وتخرج مسطرة البائعين في سوق شدوان بالزرقاء يقيس الأذرع، وتبدأ ماكنات السنجر المنزلية تدرز وتخيط المرايل الولادية والبناتية، ويبدأ بشراء الكلف والأزرار مثل محلات حواء ومرقة وجورج نعمة وغيرها، وتسمع دربكات الماكينات بكل الحارة، وكذلك يشتغل الحلاقون بنشاط وتكون الحلاقة على الصفر أو أفرنجي ..... ويتسلل شهر ايلول بخريفه النظر معلناً بدايات المدارس وتشاهد الأزدحام حول مكتبة السعادة والوطنية لشراء لوازم المدرسة من دفاتر وطوابع وورق تجليد وأقلام وبرايات ومساطر هنا دفتر للحساب وآخر للطبيعة وذاك للأنجليزي ودفتر الخط وأدوات الفن وغيرها ، وعلى بسطات محلات الأحذية يخرج البوط الصيني ذو الخط الأبيض لحصص الرياضة ويتم الاتجاه لمحلات بسيسو لشراء شورت او بلوزة، كانت المدرسة بالزمانات مرتبطة بروائح خاصة فاكهة الجوافة والتي تعلن برائحتها بداية المدرسة بعد عطلة طويلة، وكذلك منظر البلح الأصفر المعلق على العربات، ووصول البطيخ الحلبي بحجمة الكبير، كانت للمدرسة مغناطيس يجذبني إليها من خلال لسعة برد قادمة ايلولية او زخة شتاء تعطي رائحة رائعة تصنعها التربة وكذلك تجمع أهل البيت بقص أوراق التجليد وتجليد الكتب والدفاتر وإلصاق الطوابع على زاوية كل دفتر مع ذكر الاسم والمدرسة ونوع المادة، هنا تشعر بقيمة العائلة ونقاء زماننا وأيام كان كل شيء جميلا. والحديث عن الماضي وعن الحياة الاجتماعية التي عاشها الناس وتحديداً في مدينة الزرقاء هو حديث ذو شجون وذكريات جميلة لاتنسى، وتخزن الأذهان جزءا من ذاك الماضي الجميل الذي كان وهجه يملأ الدنيا ضياء، كان أول يوم مدرسة يوم استلام الكتب الجديدة ويوم معرفة غرفة الصف يوم الكل يلبس الجديد، والكل برنجي يلمع ويلصق ويضع بجيبه محرمة كروهات قماشية حتى المعلمون والمعلمات يلبسون أبهى ما لديهم، ندخل الصف وبطبشورة بيضاء يكتب المعلم جملة جميلة على اللوح وهي العقل السليم بالجسم السليم، لذا كان أهالينا يرغمونا على شرب كأس حليب وبيضة نيئة وحبات زيت السمك قبل الذهاب للمدرسة.