حزم الأم وقسوة الأب أيهما يبقى حاضرا في ذاكرة الطفل؟

mainThumb
حزم الأم وقسوة الأب أيهما يبقى حاضرا في ذاكرة الطفل؟

26-08-2024 10:30 AM

printIcon

أخبار اليوم - يحمل الطفل أحمد قريوتي، البالغ من العمر خمسة عشر عامًا، في داخله تناقضات نفسية تنعكس أحيانًا على سلوكه. فهو يصف والدته بأنها شخصية حازمة وقوية، في حين يصف والده بأنه يحمل نوعًا من الصرامة في قلبه، لكنه قليلا ما يظهرها إلا في لحظات الغضب الشديد.

يقول أحمد إنه يتعرض لحزم والدته بشكل يومي تقريبًا، سواء بسبب تقصيره في أداء واجباته المدرسية أو رفضه لأوامرها. على سبيل المثال، ترفع والدته صوتها في وجهه، وأحيانا تقسو عليه بكلماتها. لكنه، رغم كل ذلك، لم يكن يغضب منها حقا؛ بل كان يعود إليها بعد كل خصام ليحتضنها وكأن شيئًا لم يكن.

ويؤكد السبب وراء ذلك أن والدته دائما تعرف كيف تحتويه بعد القسوة، وكيف ترسم ابتسامة على وجهه بعد أن ترفع عنه الغضب.

من الجانب الآخر، يروي أحمد موقفه من والده الذي يظهر حزمًا مماثلا، لكنه مختلف في تأثيره عليه. فيقول: "حينما يغضب والدي، يتحدث بصوت عال مليء بالحدة، وكلماته تترك آثرا عميقًا في قلبي. تلك اللحظات التي يظهر فيها والدي غضبه تثير في داخلي شعورا بالخوف والترقب، وأتجنب النظر في عينيه بعد أي موقف حازم".

توضح المرشدة النفسية سماح الرمحي أن الفرق في الأثر النفسي بين حزم الأم وقسوة الأب يكمن في الطريقة التي يتعامل بها كل منهما مع الطفل بعد الموقف. فحتى في أشد لحظات قسوتها، تظل الأم هي التي تحتضن، وتواسي، وتغمر طفلها بالحب والعاطفة.

وتضيف أن هذه العاطفة، مهما كانت مختلطة بالحزم، تمنح الطفل شعورا بالأمان، وكأن القسوة مجرد لحظة عابرة وستمر. أما الأب، وفقا للرمحي، فرغم أنه قد يظهر أقل حزما في الظاهر، إلا أن سلطته قد تزرع الخوف، وغالبا ما تحمل صرامته شعورا غير قابل للتراجع.

وتؤكد أن الطفل قد ينسى حزم والدته لأنها سرعان ما تعود لتكون مصدر الأمان والعطف، فتعوض عاطفتها عن قسوتها. بينما يبقى موقف الأب محفورًا في ذاكرة الطفل، لأنه يمثل رمزًا للسلطة والقرار النهائي. ولهذا، يظل الطفل يحمل في قلبه أثر صرامة الأب، حتى وإن لم تكن القسوة متكررة.

الخبير الأسري والتربوي مفيد سرحان يؤكد أن علاقة الأم بأبنائها هي من أقوى وأسمى العلاقات الإنسانية، فهي علاقة فريدة واستثنائية، مبنية على الحب والعطف.

ويشير إلى أن هذه العلاقة تظل قوية ومتميزة لأن الأم هي مصدر الأمان والدعم لأبنائها في جميع المراحل والظروف. والطفل بحاحة إلى الشعور بالأمان وهو ما تمنحه الأم، بنظرتها التي تحمل المحبة والحنان وتشعره بالأمان، وهذه المشاعر تستمر حتى عندما يكبر فيبقى متعلقا بوالدته.

ووفق سرحان، كلما كان الوقت الذي تقضيه الأم مع أطفالها أطول زادت قوة العلاقة والعاطفة، فالأم بطبيعتها تهتم بأدق التفاصيل والملاحظات، وحتى عندما تقسو بعض الشئ على ابنها فإن ذلك نابع من غريزة الحب والحرص وربما الخوف الزائد والمبالغ فيه وفق سرحان.

ويشدد أن الأطفال أذكياء عاطفيا وقادرين على قراءة هذا الشعور في عيون الأم ونظراتها أو ينعكس من خلال لمساتها وعباراتها.

ويشدد على دور الأب دورا في التربية والرعاية، فهي عملية تشاركيه تتكامل فيها أدوارهما كل حسب طبيعته، وعلى الأب أن يعرف ما هي مداخل أبنائه ويتواجد في حياتهم وأن يفكر كثيرا في ردة فعله تجاه ما يغضبه من الأبناء لأن قسوته وحزمه قد لا يتم التعامل معها بالتسامح كما الأمر مع والدتهم.