سؤال يتردد في الشارع، الدواوين ومواقع التواصل الاجتماعي، يتردد ما بين فئات وشرائح عديدة من المجتمع الأردني، وغالبا ما تتم المقارنة من خلاله ما بين الأردن ودول أخرى ، من حيث الإنجازات وأرقام البطالة ونسب الفقر، وهذا سؤال مطروح على طاولة الشعب يحتاج لإجابة من الحكومة، والإجابة تكون بما تراه العين لا بما تسمعه الأذن، لان حال إذن المواطن تقول "سمعنا كثيرا".
لنعترف جميعا دون أدنى مجاملة، أن الثقة ما بين الشارع والمؤسسات الرسمية اصبحت تحتاج لعلاج وحل سريع، وكان جلالة الملك من الذين أشاروا إلى تراجع منسوب ثقة المواطن بالحكومات، وانعدام الثقة نستطيع قرأتها مع كل خبر يتم نشره في الأخبار وردود الفعل عليها من قبل المواطنين، حتى بات التشكيك في كل شيء سيد الموقف.
أسباب انعدام الثقة كثيرة، منها المنطقية ومنها ما هو خارج حدود المنطق والنقد البناء، وفي كل خطابات الحكومات المتعاقبة تتعهد ببناء جسور الثقة مع المواطنين، لكن هذه التعهدات تذهب مع الريح ومن أول تصريح، وهنالك مبالغة كبيرة من قبل الرسميين بعدم الحديث بواقعية حال المواطن وظروفه المعيشية، وقيامه بالحديث عن إنجازات طال انتظار المواطن لها لكنه على أرض الواقع لا يراها.
الحكومة تخرج في كل مرة تتحدث عن إنجازات وتلمسها لاحتياجات المواطنين، وتتحدث عن نسب وأرقام، لكن المواطن لا يشعر بهذه النسب وأرقامها ولا تنعكس على ظروفه ، كما "دواء البر لا ينفع ولا يضر"، وبالتالي فالحكومات تخاطب نفسها وتسمع لنفسها وتفتخر بهذه الإنجازات مع نفسها، لكن الحال في الشارع الأردني كما هو، وكمْ من مسؤول أصبح تحت نيران رماية الانتقاد والشتم في بعض الأحيان من مختلف الفعاليات.
والسؤال الأبرز، لماذا لا يلمس المواطن الأردني هذه الإنجازات في معيشته؟ ولماذا لا تجد الحكومات من يدافع عنها من المواطنين؟ ولماذا تتعمق الفجوة وتتسع الهوة بينها وبين الشارع؟ وان تحدثت عن إنجاز أيا كان وجدت السخرية والانتقاد والاتهام ، فأين العلة؟ وما هو الحل؟ .
" جردة حساب" ليس مجرد مصطلح متداول لتبيان الأمور ووضعها في نصابها، "فالدكانة" في القرية تقوم "بجردة حساب" لزبائنها ومعرفة مالها وما عليها واين وصلت وما المطلوب منها واين أنجزت او أخفقت، وهذا الحال ينطبق على كثير من الأمثلة، وتجد أن الجميع راض بما خلصت عنه نتائج " جردة الحساب".
وبما أن الحكومات تتقدم كل عام لمجلس النواب بمشروع قانون الموازنة العامة ومن ثم التصويت عليه، فلماذا لا تقدم " جردة حساب" للنواب والشعب عن الإنفاق خلال العام الماضي والمشاريع التي أقيمت والإنجازات التي تحققت؟، وبذلك تستطيع وضع النقاط على الحروف وتبديد كل الانتقادات غير الدقيقة وتوضيح مسيرتها للرأي العام وإنهاء حالة التشكيك والسوداوية التي تتحدث عنها الحكومة في خطاباتها، نحن نعلم أن هنالك تحديات وظروفا إقليمية ودولية تفرض نفسها علينا ، لكننا قادرون على تحويل التحديات إلى فرص والمحنة إلى منح ، لكن دعونا نراها ونلمسها لا أن نسمع عنها، فنحن نحتاج إلى رجال دولة نرى إنجازاتهم وليس رجال فضاء نسمع عنهم في قصص الخيال العلمي.
ادعوا الحكومة إلى تقديم " جردة الحساب" خلال تقديمها لمشروع قانون الموازنة العامة، فوالله أن هذا الوطن يستحق كل الخير والخير موجودا بإذن الله تعالى.