اخبار اليوم - في عصر يُعيد فيه الذكاء الاصطناعي تشكيل المشهد المهني، تبرز "وظائف بالذكاء الاصطناعي" كركائز لمستقبل تُقدر قيمته السوقية اليوم بـ200 مليار دولار. ينتظر الخبراء أن تنمو هذه القيمة بشكل مذهل إلى تريليوني دولار بحلول عام 2030، ما يعكس التحول العميق والمتسارع في هذا المجال.
في هذا السياق، يُعد عام 2024 بمثابة عتبة جديدة حيث يبدأ التنفيذ الفعلي لتقنيات الذكاء الاصطناعي، وفقاً لما ذكرته مجلة "فوربس".أظهرت استطلاعات شملت أكثر من 10 آلاف موظف مكتبي حول العالم، أن هناك إجماعاً تقريبياً بين القادة التنفيذيين (96%) على الحاجة الماسة لدمج الذكاء الاصطناعي في العمليات التجارية.
فيما تشير البيانات إلى ارتفاع نسبة القادة الذين يستهدفون تحقيق هذا الدمج في الأشهر الـ18 المقبلة إلى 35%، بزيادة تعادل 7 أضعاف ما كانت عليه في سبتمبر 2023.
التوجه نحو تعزيز الاعتماد على الذكاء الاصطناعي يتجاوز مجرد الإحصاءات إلى تحول ملموس يؤثر في جميع جوانب النشاط الاقتصادي والإنتاجي. وفقاً لتقرير نشرته "mckinsey" ارتفعت نسبة استخدام الذكاء الاصطناعي من 50% إلى 72% عالمياً في العام الماضي.
الشيء الذي يؤكد أن عام 2024 لن يكون فقط عام استكشاف الذكاء الاصطناعي، بل سيكون عام تنفيذه على نطاق واسع، ما يفتح آفاقاً جديدة للمهنيين للاستفادة من الفرص الوافرة في هذا المجال الذي يتسم بالنمو السريع والتطور المستمر.
من خلال هذا التقرير سنتطرق إلى أبرز الوظائف التي يمكن العمل فيها عن طريق الذكاء الاصطناعي وما الخبرات المطلوبة فيها وكم تصل رواتبها حسب مجلة فوربس.
الذكاء الاصطناعي.. وظائف جديدة في طور النمو
على الرغم من المخاوف المتزايدة من أن التقدم في مجال الأتمتة والذكاء الاصطناعي قد يعرض بعض الوظائف التقليدية للخطر، يشير تحليل مفصل من معهد "ماكينزي" العالمي إلى أن هذه التكنولوجيا ستؤدي أيضاً إلى خلق موجة كبيرة من الفرص الجديدة.
وفقاً لدراسة أجراها المعهد، من المتوقع أن يساهم الذكاء الاصطناعي بين 20 إلى 50 مليون وظيفة جديدة بحلول عام 2030، موزعة عبر قطاعات متنوعة مثل الرعاية الصحية، التكنولوجيا، والمالية .
إضافة إلى ذلك، يبرز تقرير صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي أن "وظائف الغد" التي سيخلقها الذكاء الاصطناعي من المرجح أن تفوق عدد الوظائف التي قد تختفي بفعل هذه التكنولوجيا. على الرغم من أن الوظائف ذات المهارات المنخفضة قد تواجه تهديدات جراء الأتمتة، فإن الأدوار الجديدة التي تتطلب مهارات مختلفة ومتقدمة تظهر بالفعل، ومن المتوقع استمرار زيادة أعدادها مع مرور الوقت.
هذه الوظائف الجديدة تشمل تخصصات مثل تحليل البيانات الكبيرة، تطوير الأنظمة الآلية، وإدارة أنظمة الذكاء الاصطناعي، التي تظهر بوصفها مكونات أساسية للاقتصاد المستقبلي.
أبرز الوظائف بالذكاء الاصطناعي
خلال السنوات الأخيرة ظهرت العديد من الوظائف التي يمكن العمل فيها من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي، إذ توفر هذه الأخيرة إمكانية العمل دون الحاجة إلى عدد سنوات خبرة كبيرة بل تعتمد فقط على المعرفة بخوارزميات العمل على الذكاء الاصطناعي. من بين أبرز الوظائف نجد:
مهندس الذكاء الإصطناعي – تعلم الآلة
في عالم يتزايد فيه الاعتماد على التكنولوجيا بشكل مستمر، يبرز دور مهندس الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة كواحد من المهن الأكثر طلباً وحيوية. هؤلاء المهندسون يعملون على تصميم، تطوير، ونشر نماذج الذكاء الاصطناعي وأنظمة التعلم الآلي التي تمكن الآلات من تفسير البيانات المعقدة، تعلم الأنماط، واتخاذ قرارات ذكية.
مهندسو الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة يعملون على تطوير اللوغاريتمات التي تغذي تطبيقات الذكاء الاصطناعي، بدءاً من الأنظمة الأساسية وحتى الأنظمة المعقدة التي يمكنها تحليل البيانات الكبيرة. وتشمل مهامهم اختيار النماذج المناسبة، تدريبها على مجموعات بيانات واسعة، وتحسينها لضمان الدقة والكفاءة.
وفقاً لتقرير نشره موقع "techrepublic" يعتبر مهندسو الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة حجر الزاوية في تنفيذ الحلول التكنولوجية الحديثة في الشركات الكبرى.
التعليم والمؤهلات:
يتطلب هذا المسار الوظيفي درجة البكالوريوس في علوم الكمبيوتر أو مجال ذي صلة. وتزداد أهمية الحصول على شهادات متخصصة أو مؤهلات متقدمة في مجال الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة، مثل تلك المقدمة من منصات تعليمية مثل Coursera، لتعزيز فرص العمل في هذا المجال.
الأجور:
وفقاً لموقع forbes تتراوح الأجور ما بين 119 ألف دولار و182 ألف دولار سنوياً، ما يعكس القيمة الكبيرة والطلب المتزايد على هذه الخبرات في سوق العمل.
وظيفة عالم بيانات
في قلب الثورة التكنولوجية، يقف علماء البيانات كرموز للتحليل والاستفادة القصوى من المعلومات المتراكمة. هؤلاء المحترفون يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي لجمع البيانات، استخراجها وفهمها بطرق تسمح بتحليلات معمقة تدعم الشركات في تحسين عملياتها وصنع قرارات أكثر استنارة.
يعتبر علماء البيانات حيويين في تمكين الشركات من استخدام البيانات الضخمة لتحقيق نتائج تجارية ملموسة، مثل تحسين كفاءة العمليات، زيادة الإيرادات، وتحديد فرص السوق الجديدة. إنهم يقومون بتطوير نماذج تنبؤية، وتحليل الاتجاهات والأنماط، وتقديم توصيات استراتيجية مبنية على البيانات.
يحتاج علماء البيانات عادةً إلى درجة البكالوريوس في علوم الكمبيوتر أو علوم البيانات. ومع ذلك، أصبح من الممكن الآن دخول هذا المجال من خلال الحصول على شهادات عبر الإنترنت، مثل شهادة IBM Data Science Professional، التي توفر تدريباً مكثفاً ومعرفة عملية في علم البيانات.
الأجور:
حسب موقع فوربس الأمريكي تتراوح الأجور في هذه الوظيفة ما بين 109 آلاف دولار و134 ألف دولار سنوياً، ما يعكس قيمتها العالية والطلب المتزايد على هذه الخبرات في سوق العمل العالمي.
وظائف بالذكاء الاصطناعي.. باحث تعلم الآلة
باحثو التعلم الآلي "ML" يقفون في طليعة التطورات العلمية التي تحول مشهد التكنولوجيا المعاصرة. يتمحور عملهم حول إجراء أبحاث أساسية لتطوير خوارزميات التعلم الآلي التي تعزز القدرات الحاسوبية، وتمكن من اختراعات جديدة في مجال علم المعلومات.
من خلال هذه الأبحاث، يلعبون دوراً حيوياً في تحقيق تقدم ملموس نحو أنظمة أكثر ذكاءً وأكثر تفاعلية. وفقاً لتقرير نشر على "Technology Review"، تشمل مهام باحثي ML تطوير نماذج رياضية وإحصائية لفهم وتحليل البيانات بطرق تتجاوز الأساليب التقليدية. يستكشفون أيضاً طرقاً جديدة لتطبيق التعلم الآلي في مجالات مثل الرعاية الصحية، الأمان السيبراني، والروبوتات، ما يفتح آفاقاً جديدة للابتكار.
الخبرات التعليمية:
يتطلب دخول هذا المجال درجة البكالوريوس، وغالباً ما يفضل الحصول على درجة الدكتوراه في علوم الكمبيوتر، الرياضيات، التعلم الآلي أو الذكاء الاصطناعي، خاصة في الشركات التكنولوجية الكبرى.
الأجور:
في هذه الوظائف تتراوح الأجور ما بين 114 ألف دولار إلى 137 ألف دولار سنوياً.
اختصاصي البرمجة اللغوية العصبية
متخصصو البرمجة اللغوية العصبية (NLP)، أو معالجة اللغة الطبيعية، يلعبون دوراً محورياً في تطوير التكنولوجيا التي تتفاعل وتفهم اللغة البشرية بطرق تحاكي الفهم البشري. يعمل هؤلاء المتخصصون على تصميم وتطوير تطبيقات مثل برامج الدردشة الآلية، أنظمة الاستجابة الصوتية، وأدوات الترجمة الآلية، التي تعتبر ثورية في كيفية تفاعل الإنسان مع الآلات.
يشمل عمل متخصص NLP بحث وتطوير اللوغاريتمات التي تحلل وتولد النصوص بطريقة تفهم السياقات والنوايا البشرية. من خلال استخدام لغات البرمجة مثل Python وإطارات العمل مثل TensorFlow و PyTorch، يمكنهم تحسين قدرة الأنظمة على التعلم من التفاعلات البشرية وتقديم ردود أكثر دقة وطبيعية.
المتطلبات التعليمية:
يحتاج متخصصو NLP عادةً إلى درجة البكالوريوس في علوم الكمبيوتر أو مجال ذي صلة. كما يُنصح بشدة بأخذ دورات متخصصة تغطي موضوعات مثل Python والأدوات المتقدمة لمعالجة اللغة الطبيعية لتعزيز الكفاءة والفعالية في هذا المجال.
الأجور:
بالنسبة لمتخصصي NLP تتراوح الأجور حسب مجلة فوربس الأمريكية ما بين 105 آلاف دولار إلى 133 ألف دولار سنوياً، ما يعكس الطلب المتزايد والأهمية الاستراتيجية لهذا الدور في عصر الأتمتة والتفاعل البشري-الآلي.
مطور برامج الذكاء الاصطناعي
مطور برمجيات في مجال الذكاء الاصطناعي، هو المسؤول عن تصميم وبناء حلول الذكاء الاصطناعي التي تدمج بسلاسة مع التطبيقات القائمة، وذلك بالتعاون الوثيق مع علماء البيانات. هذا الدور يتطلب مهارة عالية في تطوير اللوغاريتمات وقدرة ممتازة على حل المشكلات لتحويل النظريات المعقدة إلى تطبيقات عملية تساهم في تحسين وأتمتة العمليات التجارية.
وفقاً لمجلة Forbes يحتاج المطورون في هذا المجال إلى فهم عميق لمفاهيم التعلم الآلي، وإجادة استخدام أدوات مثل NumPy، Pandas، و Sikit-learn، التي تعتبر أساسية لمعالجة وتحليل البيانات الكبيرة. يُعد الحصول على درجة البكالوريوس في علوم الكمبيوتر أو المجالات ذات الصلة ضرورياً، وقد تكون درجة الماجستير في الذكاء الاصطناعي أو التعلم الآلي إضافة قيمة تعزز من فرص العمل وتساهم في تقدم المسار الوظيفي.
تتراوح أجور مطور البرمجيات على الذكاء الاصطناعي ما بين 106 آلاف دولار إلى 157 ألف دولار سنوياً.
كاتب ومحرر الذكاء الاصطناعي
مع تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في توليد المحتوى، مثل الأدوات المتقدمة مثل "chat GPT"، يبرز دور كاتب أو محرر الذكاء الاصطناعي كحارس بوابة ضروري للمحافظة على دقة وصحة المعلومات. تتمثل مهمة هؤلاء المهنيين في تقييم وتحرير المحتوى الذي يولده الذكاء الاصطناعي لضمان خلوه من المعلومات المضللة التي قد تكون ضارة أو مدمرة.
يتطلب هذا الدور تفكيراً نقدياً حاداً ومهارات تحريرية ممتازة للتعامل مع النصوص التي تتطلب دقة عالية. كما يبرز هذا المجال فرصاً للكتاب المستقلين الذين يرغبون في تقديم خدماتهم إلى وكالات الأنباء وشركات الإعلان والتسويق، حيث يمكنهم الاستفادة من خبرتهم في تصحيح وتحسين المحتوى الذي ينتجه الذكاء الاصطناعي. بحسب موقع "poynter" وجود خبرة في الكتابة والتحرير يُعد أمراً أساسياً، ويمكن تعزيز فرص العمل من خلال الحصول على درجة البكالوريوس في الصحافة، الإعلام أو الآداب.
النطاق الأجري لهذه المهنة يتراوح بين 60 ألف دولار إلى 120 ألف دولار سنوياً.