أخبار اليوم - حرص جلالة الملك عبدالله الثاني ومنذ تولي جلالته سلطاته الدستورية على توجيه الحكومات المتعاقبة للتعامل مع قطاع المياه باعتباره من أهم القطاعات الحيوية ويواجه تحديات استراتيجية في ظل زيادة النمو السكاني واستضافة اللاجئين، وشح الأمطار ونضوب موارد المياه، والتغير المناخي، والحاجة المتزايدة للقطاعات المختلفة إلى الماء، بالإضافة إلى محدودية الموارد المائية عموما.
وأكد مسؤولون في وزارة المياه والري أن ملف المياه يشكل أولوية لجلالة الملك عبدالله الثاني، حيث دعا في أكثر من مناسبة إلى تسخير الإمكانات المتوفرة لإيجاد الحلول العلمية الممكنة مستقبلا، والخطط البديلة التي يمكن عبرها التغلب على هذه الأزمة وتجاوزها، بما يضمن تأمين حاجات الأردن المائية لعقود كثيرة قادمة.
وقال أمين عام وزارة المياه والري الدكتور جهاد المحاميد إن مشروع الناقل الوطني يأتي في مقدمة المشاريع الاستراتيجية التي يركز جلالة الملك على إنجازها لما له من أهمية في ظل الأزمة التي يواجهها الأردن في قطاع المياه، حيث يؤكد جلالته ضرورة تحمل مؤسسات الدولة مسؤولياتها في التعامل مع ملف الأمن المائي كقضية أمن وطني بالغة الحساسية، ومحرك أساسي لمختلف القطاعات.
وأضاف يعد الناقل الوطني مشروعا استراتيجيا لتحلية مياه البحر الأحمر في العقبة ونقلها إلى جميع محافظات المملكة، ويتكون من نظام تحلية مياه البحر المحلاة، وبناء منشأة ضخمة لتحلية مياه البحر في العقبة ونظام نقل المياه العذبة إلى بقية المناطق، وتقدر كلفة هذا المشروع بنحو 3 مليارات دولار، وتعمل الحكومة وبمتابعة ملكية حثيثة على الإسراع للسير في تنفيذ هذا المشروع الذي يتوقع تشغيله بحلول 2029 لتزويد جميع محافظات المملكة سنويا بحوالي 300 مليون متر مكعب من المياه المحلاة من البحر الأحمر.
ويعتمد المشروع على الطاقة المتجددة؛ إذ تهدف الإستراتيجية الوطنية للطاقة إلى توليد 31 بالمئة من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول العام 2030.
بدوره، أكد مساعد الأمين العام لشؤون الإعلام عمر سلامة أن الأردن يعاني من عجز مائي يصل إلى نحو 400 مليون متر مكعب سنويا بسبب تراجع المصادر المائية، إذ يبلغ إجمالي المياه المتوفرة من جميع المصادر 1115 مليون متر مكعب، منها نحو 510 ملايين متر مكعب للاستخدامات البلدية، و570 مليون متر مكعب للاستخدامات الزراعية والحيوانية ، ونحو 35 مليون متر مكعب الصناعية.
وأضاف إن حاجة الأردن من المياه تبلغ حوالي 3 ملايين متر مكعب يوميا، مشيرا إلى أن مستوى خط الفقر المائي على المستوى الدولي يبلغ 500 متر مكعب للفرد سنويا، وهو أضعاف المستوى الراهن في المملكة 61 مترا مكعبا سنويا ، ليكون الأردن في صدارة الدول الأكثر فقرا مائيا في العالم.
وكان جلالة الملك دشن مشروع ضخ مياه الديسي إلى عمان وعدد من محافظات المملكة بكلفة مليار دولار، ليسهم في توفير مصدر مستدام للمياه في محافظة العاصمة وبقية محافظات المملكة، الأمر الذي سيدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ضمن منظومة متكاملة لتعزيز الوضع المائي في الأردن.
وبين أن مشروع جر مياه الديسي الذي تم إنجازه باستثمار محلي ودولي، يعد أحد أبرز المشروعات الحيوية في إدارة مصادر المياه، ومواجهة تحديات نقص المياه وحل مشكلاتها لمحافظات المملكة كافة، حيث رفع حصة الفرد وتأمين مناطق واسعة باحتياجاتها، ويقوم بتزويد المملكة، بحوالي 100 مليون متر مكعب سنويا وبنوعية مياه شرب عالية الجودة ويغطي احتياجات العاصمة وعدد من محافظات المملكة.
وأشار إلى أن المياه التي يتم ضخها من الديسي تشكل بين 20 إلى 25 بالمئة من احتياجات المملكة لمياه الشرب، واستغرق تنفيذ المشروع حوالي 48 شهرا بسعة تصميمية تصل 107 ملايين متر مكعب وسعة تشغيلية 100 مليون متر مكعب سنويا، ونفذه 33 مقاولا منهم 27 مقاولا محليا، وتم توظيف حوالي 5 آلاف عامل لتنفيذ المشروع.
ومنذ عام 1999 نفذت الوزارة التوجيهات الملكية في السعي لتحقيق مفهوم الأمن المائي على إنجاز مشاريع استراتيجية مهمة، منها مشروع الزارة ماعين بطاقة 45 مليون متر مكعب وبقيمة 125 مليون دولار عام 2006، وإطلاق حملة إحكام السيطرة على مصادر المياه من أجل منع الاعتداءات عليها عام 2013، وبناء أول محطة تحلية مياه البحر في العقبة لتزويد العقبة والاستثمارات السياحية بطاقة (5) ملايين متر مكعب سنويا عام 2017.
كما جرى اطلاق استراتيجة لتزويد محافظات الشمال للأعوام 2017-2028 لمواجهة الأعباء التي خلفتها أزمة اللجوء السوري بكلفة 305 ملايين دينار لتوفير نحو 50 مليون متر مكعب إضافي من المياه، وكذلك تنفيذ مشاريع مياه اليرموك بقيمة حوالي 160 مليون دينار "مشاريع مياه وصرف صحي" عام 2019، وإنجاز مشروع جر مياه وادي العرب 2020.
بدوره، أوضح أمين عام سلطة وادي الأردن المهندس هشام الحيصة أن عدد السدود المائية ارتفع منذ عام 1999 من 6 سدود إلى 16 سدا حتى عام 2023 وبطاقة تخزينية تبلغ 288 مليون متر مكعب، فضلا عن بناء 410 حفائر وسدود ترابية في السنوات القليلة الماضية بطاقة تخزينية تصل لـــ 122 مليون متر مكعب، وتنفيذ استراتيجية زيادة الطاقة التخزينية في السدود لتصل إلى 400 مليون متر مكعب بحلول عام 2025.
وأشار إلى أن الرؤية الوطنية للمياه خلال الأعوام من 2023-2040 تتمثل بتحقيق الأمن المائي المستدام كمتطلب أساسي للصحة والازدهار والنمو وإيجاد الحلول للعجز، منها حفر وتأهيل آبار جديدة منها مشروع آبار الشيدية والقطرانة واستئجار آبار وربطها على الخطوط الناقلة، وزيادة طاقة مشروع مياه الديسي، ومشاريع مياه الصرف الصحي، ومشاريع رفع كفاءة الطاقة، بالإضافة إلى تقليل الخسائر الناجمة عن التسرب والاستخدامات غير القانونية (الفاقد المائي) ليصل إلى نسبة 25 بالمئة بحلول العام 2040، أي بمعدل 2 بالمئة سنويا من خلال تحسين الشبكات وتطويرها وصيانتها بقيمة نحو (360) مليون دولار.
من جهته، قال أمين عام سلطة المياه المهندس وائل الدويري، إن قطاع الصرف الصحي شهد توسعة في شبكة الصرف الصحي، ومعالجة المياه العادمة لإعادة استخدامها، حيث ارتفع عدد محطات الصرف الصحي من 7 محطات عام 1999 إلى 36 محطة تعالج 235 مترا مكعبا من المياه، وتوفر 190 مليون متر مكعب صالحة للمزروعات المقيدة، وارتفع نسبة المخدومين بخدمات الصرف الصحي إلى 66 بالمئة، وأيضا اطلاق استراتيجية للصرف الصحي بكلفة (930) مليون دينار لتنفيذ مشاريع للصرف الصحي وخدمة مناطق جديدة بخدمات الصرف الصحي وتحسين الواقع البيئي.
وأضاف الدويري أن التزويد المائي ارتفع لغايات الشرب من (237.4) متر مكعب من العام 1999 إلى حوالي 532 مليون متر مكعب، ووصلت نسبة تغطية خدمات المياه إلى حوالي 95 بالمئة من المواطنين، وانخفاض نسبة الفاقد من 54 بالمئة عام 1999 إلى حوالي 48 بالمئة، وبلغ إجمالي الإنفاق الحكومي في قطاع المياه للسنوات العشرين الماضية ما يزيد على 6 مليارات دينار.
--(بترا)