أخبار اليوم - رغم تشتتها ورغم أن إسرائيل تتفوق عليها عدديا وتسليحيا، فإن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بعيدة كل البعد عن الهزيمة، وهو ما يؤكده إعلان إسرائيل أمس السبت أنها حولت جزءا من قواتها لقمع مقاتلي الحركة في شمال غزة.
هذا هو الاستنتاج الذي توصلت له بيفرلي ميلتون إدواردز، المؤلفة المشاركة في كتاب "حماس" الذي سينشر قريبا، وهي زميلة غير مقيمة في مجلس الشرق الأوسط للشؤون العالمية في الدوحة.
وبعد مرور 7 أشهر على بداية هذه الحرب، ترى إدواردز أن إسرائيل أخفقت في تدمير حماس كقوة عسكرية وسياسية، كما أنها لم تتمكن من القضاء على القادة الرئيسيين الذين خططوا لهجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وحتى إن كان ذلك قد حصل (ولو جزئيا)، فإن كل المؤشرات تدل على ظهور قادة جدد متمرسين في القتال ليحلوا محل من اختفوا.
وفي الأسابيع والأشهر الأولى من الحرب، كما توضح الكاتبة، في مقال لها بصحيفة تايمز البريطانية، لم يتوقع سوى القليل من الخبراء، أن ينجو الجناح العسكري للمنظمة، (كتائب عز الدين القسام)، من الهجوم الإسرائيلي الحتمي.
وتضيف أن حماس جندت لمواجهة الهجوم الإسرائيلي، الآلاف من المقاتلين المتفانين الذين يرون في الموت في المعركة مجدا يحولهم لشهداء ويضمن لهم الجنة، ناهيك عن مساهمة تلك التضحية في التحرر من الحصار والاحتلال.
ولئن كانت عمليات الجيش الإسرائيلي قد أدت للقضاء على بعض قادة القسام فإن ذلك غالبا ما كان يأتي بتكلفة باهظة من المدنيين، كما صار في الهجوم الجوي على مخيم جباليا للاجئين في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والذي قالت إسرائيل إنه أدى إلى مقتل إبراهيم بياري، قائد القسام بالمخيم، وهو ما خلف أيضا ألف قتيل وجريح فلسطيني، وفقا لوزارة الصحة في غزة، كما توضح الكاتبة.
وتضيف إدواردز أن استدراج الجنود الإسرائيليين إلى أراضي غزة كان دائما هدفا تكتيكيا للقسام، إذ يرى مقاتلوه أن بإمكانهم الحفاظ على تفوقهم لمعرفتهم بالميدان واستخدامهم الأزقة الضيقة والمداخل المخفية والبساتين والسدود الرملية.
وتحت عنوان: "رفح نهاية اللعبة"، لفتت الكاتبة إلى ما قامت به إسرائيل الأسبوع الماضي من توسيع هجومها على رفح، رغم الاعتراضات الصريحة من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن والانتقادات العالمية المحذرة من مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين في الحرب.
وأضافت إدواردز أن تدمير حماس سيظل هو الهدف، ولكن في هذه العملية يقترب سكان غزة بأكملهم من المجاعة، وفي رفح نفسها، التي وصفتها اليونيسيف بأنها "مدينة الأطفال"، فقد السكان واللاجئون وعمال الإغاثة الأمل.
وما هو مثير للدهشة، والكلام للكاتبة، هو أن الدعم الذي تحظى به حماس في غزة لا يزال غير منقوص نسبيا، وغالبية سكان القطاع الذين تم استطلاع آرائهم مؤخرا ما زالوا يعتقدون أن حماس سوف تنتصر في الحرب.
وفسرت الكاتبة ذلك بالقول إن سكان غزة يعرفون، أولا وقبل كل شيء، أن الدمار الذي طال قطاعهم سببته إسرائيل، وليس حماس، وثانيا، وعلى النقيض من بعض الشكاوى بشأن حماس في الماضي، أظهر مقاتلو حماس كم هم ملتزمون للغاية بالدفاع عن غزة.
ولا يُنظر إلى كتائب القسام في غزة، على عكس الادعاءات الإسرائيلية، على أنها تختبئ في الأنفاق وتخشى القتال، وفضلا عن ذلك، فإن إسرائيل كلما استهدفت وقتلت أفراد عائلات قيادة حماس، بما في ذلك أبناؤهم وأحفادهم، أو دمرت منازلهم؛ عززت بذلك التضامن المشترك، والحزن الجماعي.
وحذرت الكاتبة من أن هدف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المعلن في قتل قادة حماس الحاليين لن يحل المشكلة، موضحة أن حماس كانت دائما تتمتع بالقدرة على تجديد وتجنيد الجيل القادم من المقاتلين المستعدين لمواجهة العدو الإسرائيلي، موردة في هذا الصدد ما قاله مؤسس الحركة الشيخ أحمد ياسين: "وراء كل شهيد ألف شهيد جاهز للمعركة".
ومن ناحية أخرى أبرزت الكاتبة أن صورة الجيش الإسرائيلي بوصفه الجيش الذي لا يقهر قد تضررت كثيرا وقد سقط عدد من القادة الإسرائيليين الأمنيين وأصبحت مواقف الآخرين في المؤسسة السياسية والعسكرية الإسرائيلية أكثر خطورة، حيث غدوا مهددين بأوامر اعتقال محتملة بتهمة ارتكاب جرائم حرب من المحكمة الجنائية الدولية، وبنفس القدر من الأهمية، بدا صبر الجمهور الإسرائيلي ينفد في التعامل مع الحرب.
أما حماس فلن تخضع ولن تستسلم، وهي قادرة، كما أثبتت دائما، على المقاومة الشرسة، وحسب العديد من المصادر فإنها لا تزال تحتفظ بما لا يقل عن 5 كتائب نشطة، مقسمة الآن إلى وحدات حرب عصابات متنقلة، في رفح وحدها.
ووسط الأنقاض، وفي الأنفاق العميقة داخل غزة، فإن البقاء على قيد الحياة رغم الصعاب هو، بالنسبة لحماس، انتصار في حد ذاته، حسب ما ختمت به الخبيرة البريطانية.