الدكتور محمد أبو هديب
*نائب سابق
المرحلة القادمة تحمل استحقاقات مهمة في حاضر ومستقبل الدولة الأردنية فالدولة أطلقت مشاريع التحديث السياسي والاقتصادي والإداري مع بداية المئوية الثانية للدولة، وألزمت نفسها على الأقل بالتحديث السياسي دستوريا وقانونيا من خلال تشريعات أُقِرَّت، وأصبحت نافذة ولم يكن في الحسبان اندلاع الحرب في غزة واستمرارها كل هذا الوقت وما ترتب على ذلك من تحديات كبيرة وكبيرة جدا لم تكن في الحسبان. قلبت التوقعات كلها، وطفا على السطح مقاربات جديدة، وصعبة لم تكن أبدا في ذهن صانع القرار. زيادة على الصعوبات الكبيرة التي أصبحت تواجه الدولة اقتصاديا وتضرر الاقتصاد الوطني بصورة كبيرة زيادة على الصعوبات الموجودة أصلا؛ مما أربك المخطط كله على المستوى الاقتصادي بصورة جسيمة، ولكن الأهم من ذلك هو التعقيدات السياسية التي أفرزها العدوان، وأصبحت تلقي عبئا ثقيلا على صانع القرار، وأصبح الخطر جديا. وبروز مخاطر ومحاور مهددة للأمن الوطني والتي كشرت عن أنيابها. وبدت ملامحها واضحة للعيان لا يمكن تجاهلها والاستعداد للوقوف بوجهها فهناك مشاريع سياسية وأطماع صهيونية وإقليمية. لتحقيق مصالح مهددة لأمننا الوطني فعدم القبول بإقامة دوله فلسطينية والتهديد. بل والعمل بتهجير الفلسطينيين قسريا من أرضهم أصبح إحدى المفردات. اليومية في خطاب القادة في الكيان مدعومون بقوى كبرى تدعم حربهم، وتشهر الفيتو لكل محاولة للجمهم وأيضا لا يمكن إغفال التهديد المليشاوي المدعوم إقليميا وحالة الفلتان في دول الجور من حجم التهديد والعبء الأمني والسياسي الذي أصبح يرهق موارد الدولة. كل ذلك أدى إلى بروز تيارات داخل المجتمع كادت تودي به إلى الانقسام والتناحر بذور ذلك لا تزال موجودة. وتغذيها المهددات التي ذكرناها آنفا، والتي لا تزال موجودة ومستمرة علاوة على أن السياسة الأمريكية الدولة الحليف لنا أصبح لا يمكن التنبؤ بمالاتها وانتخاباتها القادمة أيضا مبهمة في سياساتها تجاه المنطقة كل ذلك يواجهنا ونحن نذهب إلى مرحلة مفصلية من حياتنا السياسية قد تكون أهم الملاذات التي نلجأ إليها لحماية بلادنا ونظامنا السياسي لذلك أن استنهاض كل أبناء الوطن المخلصين والذهاب لمرحلة توافق وطني حول مشروعنا السياسي، وهذا لن يتم بالطرق السابقة، والتي أثبتت أنها لم تنتج نخبا. وقيادات سياسية تحسن الوقوف إلى جانب الوطن وتمتلك من الخبرة والرؤيا والوطنية لتكون عونا للدولة، وليس عبئا عليها فالذهاب إلى مجلس نيابي قوي سياسي واجتماعيا هي الضمانة الأولى لعودة الثقة لنسيجنا الوطني والبدء ببناء مشروع الدولة الذي يحميها ويحفظها. وهذا بالضرورة يحتم على عقل الدولة على العمل على إنجاز ذلك، وأن يُتَجَاوَز البحث عن الضعفاء وأصحاب المصالح والمتسلقين وأصحاب المال السحت وشراء الذمم الذي ثبت بالدليل القاطع أنه مهدد رئيس وأخطر من المهددات الخارجية لأمننا الوطني، فهل سنذهب إلى نقلة نوعية في حياتنا السياسية الجديدة؟ وقودها رجال ونساء من أبناء الوطن الأقوياء والأكفاء بعيدا عن كل ما عرفناه من تشوهات لازمت بناءنا الديمقراطي، إنها الفرصة التي على كل وطني غيور على وطنه ونظامه السياسي أن يعمل بل ويناضل من أجلها، فالمستقبل ملئ بالمخاطر والصعاب التي تهدد الكينونة والوجود في عالم لا يعترف بالضعيف، ولا يحترم إلا القوي حمى الله الوطن الأعز.