أخبار اليوم - زادت في الأيام الماضية كشوف المسافرين الفلسطينيين الصادرة عن وزارة الخارجية المصرية، التي كانت مخصّصة لسفر المصريين الذين كانوا في قطاع غزّة، منذ بدء الحرب الإسرائيلية في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. لكن الجديد أن هذه الكشوف بدأت تضم أسماء عشرات الفلسطينيين، بعد دفعهم مبالغ مالية عبر "سماسرة"، ليتم تسجيلهم في هذه الكشوف. وأوضح أحد العاملين في هذه الكشوفات لـ"العربي الجديد" أنه "منذ ثلاثة أشهر، بدأ العمل على إضافة الفلسطينيين في كشوفات وزارة الخارجية، والتي يتم الإعلان عنها بشكل يومي، عبر وزارة الداخلية الفلسطينية في قطاع غزّة، لتسهيل سفرهم عبر معبر رفح مقابل دفع مبالغ مالية من أجل مغادرتهم القطاع".
وبحسب المصدر، فإن "المسافرين الذين تتم إضافتهم على هذه الكشوف هم من النساء والأطفال الذين يريدون مغادرة قطاع غزّة، ويجري تسجيلهم عبر سماسرة في الجانبين، المصري والفلسطيني، من أجل مغادرتهم قطاع غزّة عبر المعبر، مقابل دفع مبلغ مالي يقدّر بنحو سبعة آلاف دولار لكل فرد". وأفاد بأن "عشرات الفلسطينيين باتوا يقبلون على الدفع لهؤلاء السماسرة، بدلاً من التوجّه إلى شركة هلا للسياحة المملوكة لرجل الأعمال إبراهيم العرجاني، المعروف بصلته القوية بالأجهزة السيادية المصرية، وشريك محمود السيسي، نجل الرئيس عبد الفتاح السيسي، بغية مغادرة القطاع، في ظل اختلاف الأسعار ما بين كشوف الخارجية وكشوف شركة هلا للسياحة". وأوضح المصدر أن "الشركة تتقاضى خمسة آلاف دولار على كل مسافر فلسطيني، و2500 دولار عن كل طفل عمره دون 16 عاماً، ويتم إصدار كشوف شركة هلا يومياً، بنحو 300 مسافر، فيما كشوف وزارة الخارجية، تقدر الأعداد بها ما بين 100 إلى 150 اسماً فقط".
وبحسب المصدر ذاته، "بات عشرات الفلسطينيين على قوائم انتظار وزارة الخارجية المصرية، وكذلك جهاز المخابرات العامة المصرية الذي يضيف الأسماء إلى كشوف الخارجية، ويتولّى الشق الأمني، إذ يسجل أسماء الفلسطينيين ضمن هذه الكشوف، بدلاً من المصريين الذين يرغبون في مغادرة قطاع غزّة، فيما يتم تأخير سفر المصريين، في مقابل تسهيل سفر الفلسطينيين الذين يدفعون المبالغ المالية للخارجية، والتي تعتبر أقلّ من أسعار شركة هلا".
وقال مصدر مسؤول في معبر رفح البري من الجانب المصري إن "هناك أربعة أنواع للكشوف، كشف الجوازات الأجنبية، وكشوف شركة هلا الـ(VIP) وكشوفات الخارجية المصرية، بالإضافة إلى كشف الجرحى والمرضى الفلسطينيين، وهو الأقلّ عدداً في المغادرة بشكل يومي من قطاع غزة باتجاه مصر". وأوضح المصدر أن "الأسماء التي تُضاف إلى كشوفات الخارجية المصرية لا يتم إدراج الرجال الفلسطينيين فيها، نظراً إلى أنها تذهب إلى الفحص الأمني لدى الجانب الإسرائيلي قبل مغادرتها غزّة، وحتى لا يقع الجانب المصري في حرج، في حال وجود أي أسماء ممنوعة من السفر من الجانب الإسرائيلي، فيتم الاكتفاء بالعائلات والنساء والأطفال فقط".
وأفاد المصدر بأن "توجيهات سيادية" صدرت في الأيام الماضية إلى إدارة معبر رفح، بعدم السماح بسفر أي فلسطيني، حتى لو كان طفلاً برفقة عائلته، لم يتم تسجيله في هذه الكشوف، والاكتفاء بمن جرى تسجيل أسمائهم ودفعوا المبالغ المطلوبة من أجل سفرهم عبر المعبر، سواء عبر شركة هلا للسفر التابعة للعرجاني، أو عبر وزارة الخارجية المصرية. وحاولت "العربي الجديد" التواصل مع وزارة الخارجية المصرية، وبالتحديد مع المسؤولين عن الملف الفلسطيني فيها، فكان الردّ أن "كل ما يتعلق بالسفر عبر معبر رفح يعود إلى الجهات الأمنية، ولا علاقة للوزارة كجهة سياسية بهذا الملفّ، إذ ترسل الأجهزة الأمنية، الأسماء من الجانبين الفلسطيني والمصري عبر علاقات ووسطاء من دون أي علاقة لوزارة الخارجية بذلك".
وأدى التسجيل عبر وزارة الخارجية المصرية، إلى تراجع أعداد المسافرين الذين يرغبون في تسجيل أسمائهم لدى شركة هلا، ما دفع الأخيرة إلى إعادة التجديدات المتعلقة بالسفر، من خلال السماح لأي شخصٍ بتسجيل أي شخص آخر، حتى لو كان من خارج عائلته، من دون الحاجة إلى وكالة في تسجيل الأسماء، وإنما يتم التسجيل بشكل مباشر من دون سماسرة أو دفع مبالغ إضافية، وإنما بالتوجّه إلى الشركة والتسجيل المباشر لمغادرة قطاع غزّة.
وبحسب تحليل أجرته "العربي الجديد" لبيانات الخارجية المصرية والكشوف التي نشرتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي والصفحات الرسمية لهيئة المعابر في قطاع غزّة، فإن أكثر من نصف المسجّلين في هذه الكشوف هم من الفلسطينيين، وبالتحديد من النساء والأطفال، إذ يكتب اسم المرأة الفلسطينية بالإضافة إلى أبنائها داخل خانة واحدة، ويدفع مبلغ يقدّر بسبعة آلاف دولار مقابل كل خانة.
وتعليقاً على ذلك، قال الناشط السياسي المصري الفلسطيني، رامي شعث، لـ"العربي الجديد"، إن "العرجاني وشركته التابعة للأجهزة، يتقاضون مالاً لا يقل عن المليون ونصف المليون دولار يومياً، ما بين خروج الأفراد ودخول البضائع، وتصل، في بعض الأحيان، إلى مليوني دولار يومياً، وذلك خلال 188 يوماً من العدوان". وأضاف إن "هذه المؤسّسة والجهاز الأمني وهذا الفساد هو ابتزاز للشعب الفلسطيني، بأكثر من 350 مليون دولار. ورأينا الكثير من الأفراد ينشرون إعلانات حول العالم لجمع المال لإخراج أولادهم، ويقولون إنها مطلوبةٌ لدفع رشى". وأكّد شعث أن "المطلوب خروج الحالات الحرجة من المصابين والحالات التي ترغب في الانضمام لأهلها للمّ الشمل في مكان ما في العالم. وطبعاً ليس مقبولاً أن يكون الباب مفتوحاً أمام الهجرة، وهذا لا يحدُث، لأن الأعداد مهما كانت لا تزال قليلة، ولكن ابتزاز أموال الناس لن ينساه لا الشعب المصري ولا الشعب الفلسطيني".
العربي الجديد