أخبار اليوم - مقاوم ومناضل فلسطيني، يعد أحد أشهر أعلام حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في فلسطين، ومن أهم أعمدة جهازها العسكري، كان أحد أعضاء المكتب السياسي للحركة وأحد أهم مفكريها. أسس خلال سنوات اعتقاله في سجن النقب الإسرائيلي "جامعة يوسف"، ووضع فيها مقررات دراسية وبرامج تربوية للأسرى داخل السجون، استشهد في الثامن من مارس/آذار 2003، باستهداف طائرات الاحتلال الحربية لسيارته بمدينة غزة.
المولد والنشأة
ولد إبراهيم المقادمة وكنيته "أبو أحمد" في 14 مايو/أيار 1950 في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة. هاجرت عائلته إلى مدينة غزة من بلدة بيت دراس سنة 1948 بسبب الاعتداءات الإسرائيلية، ثم انتقل إلى العيش في مخيم البريج وسط القطاع. تزوج وأنجب 7 أبناء.
الدراسة والتكوين
تلقى المقادمة تعليمه الأساسي في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في مخيم جباليا، وكان من الطلاب المتفوقين، إذ حصل في الثانوية العامة على درجة عالية، مما مكنه سنة 1968 من الالتحاق بكلية طب الأسنان في إحدى الجامعات المصرية، حيث تعرف إلى جماعة الإخوان المسلمين، وانضم إليها خلال سنوات دراسته قبل أن يتخرج طبيبا للأسنان.
التجربة النضالية
عاد المقادمة إلى غزة، وعمل طبيبا للأسنان في مستشفى الشفاء بعد تخرجه من مصر، وشارك في دورات في التصوير الإشعاعي، وأصبح اختصاصي أشعة.
وبفضل انضباطه وتحمسه للقضية الفلسطينية وانخراطه في العمل الميداني النضالي أصبح أحد المقربين من الشيخ أحمد ياسين أحد مؤسسي حركة حماس.
يعود الفضل للمقادمة في تشكيل النواة الأولى للجهاز العسكري في قطاع غزة -التي كانت تسمى "مجد"- بتنسيق مع عدد من قادة الحركة، وأوكلت إليه مسؤولية إمداد المقاومين بالسلاح والذخيرة.
نشاطاته النضالية وعمله ضمن صفوف المقاومة جعله محل تتبع وتضييق من قبل سلطات الاحتلال التي هدمت بيت أسرته في مخيم جباليا سنة 1971.
اعتُقل للمرة الأولى سنة 1984 بتهمة الحصول على أسلحة وإنشاء جهاز عسكري بغزة، وحُكم عليه بالسجن 8 سنوات، قضاها متنقلا بين سجون الاحتلال المختلفة، ثم أُعيد اعتقاله مرة أخرى ليقضي ما مجموعه 10 سنوات في الزنازين.
أبعدت السلطات الإسرائيلية أواخر سنة 1992 عددا كبيرا من قيادات حركة حماس إلى بلدية مرج الزهور في جنوب لبنان، وقتها كان المقادمة قد أنهى محكوميته في سجون الاحتلال، فتولى قيادة كتائب عز الدين القسام -الجهاز العسكري لحركة حماس- في مرحلة اعتبرت صعبة جدا، لكنه تمكن من تحقيق تطور نوعي في أداء الكتائب وتنويع عملياتها.
اختير من قبل الأسرى الفلسطينيين خلال اعتقاله في سجن النقب مسؤولا عن كل أقسامه التي حوّلها إلى ورشات لصناعة المقاومين والمناضلين، إذ أسس "جامعة يوسف" وحدّد لها برامج ثقافية متطورة، وشكل لجانا لتحضير المساقات ومحاور الدروس والمحاضرات التي عقدها ورفاقه بشكل دوري.
وزودت الجامعة حركة حماس بآلاف القادة والمقاومين، وعوضت جانبا كبيرا من الفراغ الذي ينشأ داخل السجن.
عبّر المقادمة عن معارضته لاتفاق "أوسلو" الموقع سنة 1993 بين منظمة التحرير الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، إذ كان يرى أن "المقاومة هي السبيل الوحيد للاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية".
أدت مواقفه المعارضة لسياسات السلطة الفلسطينية إلى اعتقاله سنة 1996 من طرف قوات أمنها، ووجهت له تهمة تأسيس جهاز عسكري سري في غزة، وأطلق سراحه سنة 1999 بعد 3 سنوات من الاعتقال، تلاها قرار بفصله من وزارة الصحة الفلسطينية، مما جعله يباشر عمله طبيبا للأسنان في الجامعة الإسلامية بغزة.
ووصفه الاحتلال بـ"نووي حماس" عقب انتهاء سجنه وإطلاق سراحه سنة 1999، واعتبره المحللون الإسرائيليون أحد أبرز مفكري الشعب الفلسطيني، الذين اختاروا المقاومة خيارا وحيدا لمواجهة الاحتلال.
المؤلفات
تفرغ الدكتور إبراهيم المقادمة بعد عام 2000 إلى الجهود السياسية والدعوية وإلقاء المحاضرات والتنظير لفكر المقاومة وكتابة الأشعار والكتب في سبيل قضية فلسطين. وألّف عددا من الدراسات والكتب، خاصة في المجال الأمني، ومنها:
معالم في الطريق إلى تحرير فلسطين.
الصراع السكاني في فلسطين.
ديوان شعري بعنوان "لا تسرقوا الشمس".
كما نشرت له عشرات المقالات في الصحف الفلسطينية.
الاستشهاد
أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي، في الثامن من مارس/آذار 2003، 5 صواريخ من مروحية أباتشي باتجاه سيارة المقادمة التي كانت تعبر شارع اللبابيدي وسط مدينة غزة، مما أدّى إلى استشهاده و3 من مرافقيه وإصابة عدد من المارة وطلاب المدارس بجروح.
وعقب استشهاده صرّح "جدعون عيزرا"، الذي شغل منصب نائب رئيس جهاز الاستخبارات الداخلية الإسرائيلية (الشاباك) أن إبراهيم المقادمة يعدّ أحد أخطر الفلسطينيين على أمن إسرائيل، وأنه ليس مجرد قيادي في تنظيم فلسطيني، بل هو مدرسة فكرية كاملة غذت اندفاع الفلسطينيين نحو مواصلة القتال ضد إسرائيل.
التكريمات
تخليدا لذكراه وتكريما له أطلق اسمه على أول الصواريخ التي صنعتها كتائب القسام، وهو صاروخ بعيد المدى من طراز "إم 75″، واُستخدم خلال معركة "حجارة السجيل" سنة 2012.
كما كشفت كتائب القسام خلال معركة طوفان الأقصى (7 أكتوبر/تشرين الأول 2023) عن صاروخ جديد يحمل اسم الشهيد المقادمة من طراز "إم 90" قصفت به تل أبيب ردا على المجازر الإسرائيلية المرتكبة في غزة.