اخبار اليوم - اعتبر نقيب الأطباء د. زياد الزعبي، أن التداخل بين الجهات المعنية بشأن قانون المسؤولية الطبية مثل نقابة الأطباء ووزارات الصحة والعدل والداخلية، يخلق صعوبات وتحديات في كيفية تطبيقه.
وشدّد الزعبي على أن النقابة معنية بملفين رئيسن بشأن الرقابة، الأولى: قضية لائحة الأجور، والثانية: التحقيق في الأخطاء الطبية، مبينا أن النقابة يهمها أن يكون لها رأي رئيس في ملف الأخطاء الطبية وقانون وتطبيقات المساءلة.
من جانبها، أكدت رئيسة لجنة ضبط المهنة في النقابة د. مها فاخوري، ضرورة إصدار البروتوكولات والإجراءات القياسية لتفعيل المادة (6)، وأهمية إصدار دليل إجراءات واضحة للمادة (9)، بالإضافة لتفعيل المادة 17 من قانون المساءلة الطبية.
وأشارت إلى تجربة شخصية عاشتها لأكثر من 30 عاماً من المعاناة في الأخطاء الطبية، ومنذ مشاركتها في مجلس النقابة من العام 2013 إلى 2016، مؤكدة أنه كان هناك فوضى في موضوع جراحة السمنة والتداخلات في بعض التخصصات.
وقالت فاخوري "للأسف، عملنا ولم يكن هناك أي إجراء من الجهات الرسمية، بخاصة وزارة الصحة"، مبينة أنه في العام 2022، وجد مجلس النقابة الأخير، بأن الفوضى امتدت الى كل القطاعات والتخصصات، أكان في التجميل او جراحة السمنة وعيادات الألم وزراعة الشعر، معتبرة بأن لجنة المعايير لم تفعل للآن، وهذه من المعيقات لقانون المساءلة.
وأضافت فاخوري "لا وصف وظيفيا مقدم، والمادة 6 و9 و17 في قانون المساءلة، تحتاج لدراسة مستفيضة من النقابات، بالاضافة للتعاون مع القضاء ووزارة الصحة". مشيرة إلى أن الأخطاء الطبية يمكن أن تكون ناتجة عن غير الأطباء المنتشرين عبر وسائل التواصل، مبينة أن الإعلان الطبي غير منضبط، برغم من التزام دول الجوار ببروتوكولات ضابطة للإعلان الطبي ومعظم أطبائهم وافدون.
وتحدّثت حول مشكلة، تكمن في التغول على الاختصاصات وعدم الالتزام بنظام الألقاب وعدم الانتظام بممارسة المهنة. مؤكدة ضرورة إعادة العضوية لمن ألغيت عضويتهم ويجب إعادتها لهم، لأنهم ضمن قوانين النقابة يمارسون مهمتهم بطريقة غير رسمية.
وقالت فاخوري "نحن كنقابة، علينا العمل على أطبائنا، ونطالب الجهات الرسمية بممارسة دورها وضبط الإعلان الطبي، وتوسيع إدارة مديرية الترخيص والمهن بوزارة الصحة، خصوصا أن مسؤولياتها متعددة، وجوانبها شتى من عيادات ومستشفيات ومختبرات وعيادات أسنان وغيرها".
وتسمح الأنظمة الداخلية للعديد من النقابات، بتلقي شكاوى ضد أعضائها نتيجة ارتكابهم مخالفة، أو وجود خطأ ما، وهو ما تشير إليه المادة (48) من قانون النقابة رقم 13 لسنة 1972، التي تفيد بأن مجلس النقابة عبر لجنة الشكاوى، ينظر بقضايا المخالفات، في حال تلقي شكوى خطية من طبيب أو مواطن، مقابل رسم يحدده النظام الداخلي للنقابة.
كما تعتبر النيابة العامة، صاحبة الاختصاص الأصيل بتلقي شكاوى من متضررين، وفقا لقانوني أصول المحاكمات الجزائية رقم 9 لسنة 1961 والعقوبات.
ويقود هذا التعدد في الجهات المستقبلة للشكاوى لتشتيت انتباه متلقي الخدمة وتعقيد الإجراءات أمامه، باعتباره الطرف الأضعف في المعادلة، بخاصة في ظل ضعف الوعي القانوني لدى متلقي الخدمة حول القانون ونصوصه، ومفهوم الخطأ الطبي والآليات القانونية ضمنه.
ويترتب عليه أيضا، خلق حواجز تدفع متلقي الخدمة للتراجع عن تقديم الشكوى في المقام الأول، كما يقود لدى الجهات المستقبلة للشكاوى لخلق ازدواجية وتداخل في الصلاحيات بين الجهات الثلاث، خصوصا أن لهذه الجهات، سلطة النظر في الشكاوى، وإن كانت تختلف فنيا وإداريا من الوزارة والنقابة، ومن الناحية الجزائية نيابيا.
فيما لفت استشاري أول الطب الشرعي والخبير في المسؤولية الطبية د. مؤمن الحديدي إلى أن المادة (17) من القانون، ما تزال معطلة جزئيا، جراء الاضطراب في التطبيق، اذ تريد الوزارة تطبيق الاقتطاع من الطبيب للاشتراك بالصندوق بأثر رجعي اعتبارا من 2018، وهذا مخالف لنص القانون الذي جعل من الجهة المشغلة للأطباء، المسؤولة عن التسديد وليس من الطبيب نفسه، وجعلت من عيادة الطبيب الشخصية مسؤولة عن التسديد، ما يتطلب موازنات يجب أن تكون مرصودة من الخدمات الطبية الملكية والوزارة والمستشفيات الجامعية.
وأكد الحديدي، أن عدد مقدمي الخدمة من أطباء بشريين وأسنان وصيادلة وفنيي مختبرات وممرضين قانونيين وقابلات وممرضين مساعدين وفنيي علاج طبيعي وبصريات، بلغوا في مجملهم 182 الفا، يحملون إجازات من مديرية ترخيص المهن بالوزارة.
وأشار إلى أن الدراسة المتوقعة التقديرية لقيمة الأموال الواجب تحصيلها سنويا من مقدمي الخدمة، تصل لـ7 ملايين دينار، مبينا أنه وبعملية حسابية بسيطة لضرب 7 ملايين سنويا بـ5 أعوام منذ صدور القانون في العام 2018، يجعل المبلغ المتوقع إيداعه بصندوق التكافل للحماية من الأخطاء الطبية يصل لـ35 مليون على أدنى تقدير.
وأوضح الحديدي أن العدد الكبير من مقدمي الخدمة الواجب اشتراكهم بالصندوق، يزيد من قيمة الحماية للمشاركين ويخفض قيمة الاشتراك السنوية للتأمين على الافراد عموما، لتكون في أعلاها فقط 160 دينارا سنويا للأطباء الأعلى خطورة من الجراحين، وأن قيمة الاشتراك لا تتجاوز الـ20 دينارا سنويا من مقدمي الخدمة الأدنى خطورة.
وقال إن مصلحة الأطباء بجميع درجاتهم العلمية وتخصصاتهم، تقتضي الاشتراك بالصندوق الذي يضم هذا الكم الكبير من مقدمي الخدمة، لأن الأطباء الممارسين وحدهم لا يتجاوز عددهم 24 ألفا، وفي هذه الحالة، وبافتراض أن التأمين لهذا العدد فقط، فإن قيمة الاشتراك السنوي ستزيد على كل مشترك.
وشدد الحديدي على أن الحد الأعلى للتغطية التأمينية بحسب مسؤولية الصندوق، لا تتجاوز الـ50 الفا، وقد لا تكون كافية في بعض الحالات.
ودعا لإيجاد ما أسماه بـ"التأمين التكميلي" عن الأخطاء الطبية في الحالات التي يرى الطبيب، أن الأضرار المتوقعة قد ترتفع عن السقف الموضوع، أي بمعنى أن يشترك مقدم الخدمة بتأمين اختياري تكميلي لقيمة الأضرار المتوقعة، وإن كان يتوقع بأن تزيد على السقف، بخاصة في حالات التعامل مع القادمين للعلاج من الخارج، بما هو معروف بالسياحة العلاجية أو حالات التجميل وجراحتها، وهذا إجراء اختياري لمن يريد من مقدمي الخدمة، وفي جميع الحالات على الصندوق، الالتزام بدفع القيمة الأساسية وهي 50 ألفا.
وقال الحديدي، إن أموال الصندوق عامة واجبة التحصيل، ولا يجوز الإعفاء منها، مجددا التأكيد على أن مسؤولية التسديد تكون على الجهة المشغلة لمقدم الخدمة، وأن القانون أفسح المجال في المادة 25 منه للصلح والوساطة والتحكيم الذي إن تم في أي مرحلة من الشكوى فإنه يؤدي لإلغاء الشكوى وعدم ملاحقة المشتكى عليه، ويمكن أن تتضمن بنود الصلح أي حقوق مالية عادلة للمتضرر.
وسجّلت اللجنة الفنية العليا المنبثقة عن القانون منذ بدء عملها ولغاية تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، 1088 قضية وشكوى نظر وينظر فيها القضاء، وقد صدرت قرارات قضائية بـ725 قضية منها، كما انبثق عن اللجنة، لجان فرعية تغطي الاختصاصات كافة، وتضم 400 خبير من أطباء وممرضين وفنيين وإداريين.