اخبار اليوم - كشفت مصادر صحفية أمركية في تقرير يقيم الوضع في غزة عن الخطط التي يحاول من خلالها زعيم حركة حماس في القطاع يحيى السنوار الضغط على إسرائيل بشكل متصاعد.
وذكرت الصحيفة في معرض تقريرها أن كبار أعضاء قيادة حماس اجتمعوا في الدوحة بوقت سابق من هذا الشهر وسط مخاوف من تعرض مقاتلي الحركة لهجوم إسرائيلي في القطاع، ثم وصل ساعي يحمل رسالة من السنوار يراهن فيها على زيادة الضغط على إسرائيل بسبب ارتفاع القتلى المدنيين.
وبدا السنوار في رسالته متفائلا حيث قال إن "مقاتلي حماس في وضع جيد، وارتفاع عدد الضحايا المدنيين سيزيد من الضغط العالمي على إسرائيل لوقف الحرب"، وذلك وفقا لأشخاص مطلعين على الاجتماع.
ويتلخص هدف السنوار بحسب الصحيفة في "خروج حماس من تحت أنقاض غزة بعد الحرب، وإعلان النصر التاريخي بالتغلب على قوة النيران الإسرائيلية، والمطالبة بقيادة القضية الفلسطينية".
تغير التكتيكات
بحسب المصادر "غيّر مقاتلو حماس تكتيكاتهم اليومية منذ وقف إطلاق النار لفترة قصيرة في نوفمبر، ويحاولون الآن تجنب المعارك الكبيرة بالأسلحة النارية، واستخدام الكمائن على نطاق صغير بدلا من ذلك، باستخدام أدوات تتراوح بين القذائف الصاروخية إلى الأصوات المسجلة للرهائن لجذب القوات الإسرائيلية إلى الفخاخ".
وقال إيال بيريلوفيتش، المؤرخ العسكري في الجامعة العبرية بالقدس: "إنه منطق تكتيكي سليم للغاية، هدفهم الاستراتيجي هو البقاء على قيد الحياة".
سعت حماس مع بداية الحرب في كثير من الأحيان إلى مهاجمة القوات الإسرائيلية بفصائل يصل عددها إلى 30 رجلاً، وفقا لضباط إسرائيليين ومحللين عسكريين.
وفي الأحياء المكتظة بالسكان في مدينة غزة، نفذت فرق من مقاتلي حماس هجمات منسقة، تحاول إحدى المجموعات منع وحدة إسرائيلية متقدمة، مجموعة أخرى ستهاجمها، وسيحاول المسلحون إيقاع خسائر بشرية، ثم يختفون في المباني المدمرة أو في متاهة الأنفاق، لكن مثل هذه الأعمال أدت إلى خسائر فادحة في صفوف مقاتلي حماس وقادتها.
وقال قادة ومحللون إسرائيليون إن حماس استخلصت الدروس خلال فترة الهدنة في نوفمبر، وتحولت إلى هجمات الكر والفر من قبل مجموعات صغيرة من رجلين أو ثلاثة رجال، وأحيانا فرد واحد فقط.
وعادة ما تشتمل كمائن حماس:
قذيفة صاروخية، وخاصة "الياسين 105" التي يتم إطلاقها من قاذفة محمولة على الكتف.
القنابل اللاصقة، وهي متفجرات بدائية الصنع تلتصق بالمركبات المدرعة الإسرائيلية بواسطة مغناطيس أو شريط لاصق.
في بعض الأماكن، حاولت حماس استدراج الجنود الإسرائيليين إلى الفخاخ عن طريق زرع متفجرات في أماكن تخص الرهائن الإسرائيليين الذين تم احتجازهم في 7 أكتوبر.
وفي حالات أخرى، استخدمت حماس تسجيلات صوتية لرهائن يتوسلون المساعدة باللغة العبرية لمحاولة جر الجنود إلى كمين.
قلق إسرائيلي
يشعر كثيرون في الجيش الإسرائيلي، من كبار القادة إلى الجنود العاديين الذين تحدثوا إلى الصحيفة الأميركية، بالقلق من أن تراكم انتصاراتهم التكتيكية في ساحة المعركة قد لا يؤدي إلى نصر استراتيجي دائم، فبعد ما يقرب من 5 أشهر من القتال العنيف، لا تزال إسرائيل بعيدة عن هدف حربها المعلن المتمثل في القضاء على حماس ككيان عسكري وسياسي.
وقال جندي احتياطي إسرائيلي في خان يونس من الفرقة 98: "العديد من الجنود يشعرون بعدم وجود خطة ويتساءلون عن الهدف من جهودهم. سيكون من الصعب للغاية تدمير حماس".
ووعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتحقيق "نصر كامل" يقضي بالقضاء على الحركة، لكن الكثيرين في الجيش الإسرائيلي يعتقدون أن إحجام الحكومة عن بلورة خطة لمن يجب أن يحكم غزة بعد حماس يترك فراغا سياسيا يمكن أن يساعد حماس على النمو مرة أخرى.
خسائر متبادلة
لا يزال المدنيون في غزة يتحملون وطأة الحرب، حيث قُتل الآلاف بسبب الغارات الجوية والنيران الأرضية، والعديد منهم في أمس الحاجة إلى الغذاء والدواء والسلامة.
قتل نحو 30 ألفاً من سكان القطاع، معظمهم من النساء والأطفال، وفقاً للسلطات الصحية الفلسطينية، ويقول مسؤولون إسرائيليون سرا إن إجمالي عدد القتلى دقيق تقريبا، لكنهم يشككون في تكوينه، قائلين إن أكثر من ثلث القتلى كانوا من مقاتلي حماس.
أخبر قادة حماس في غزة المسؤولين المصريين والجناح السياسي للجماعة خارج القطاع أن كتائب القسام فقدت ما لا يقل عن 6000 في الحرب.
تقول إسرائيل إنها قتلت حوالي 12 ألف من مقاتلي حماس في غزة حتى الآن.
يعتقد مسؤولو المخابرات الأميركية والمصرية أن الخسائر الحقيقية تقع تقريبا في المنتصف بين ادعاءات إسرائيل وحماس.
يقول محللون عسكريون إن حماس تستطيع تجنيد مقاتلين جدد ليحلوا محل جنودها العاديين، لكن استبدال القادة ذوي الخبرة أكثر صعوبة.
فقدت إسرائيل حتى الآن 242 جنديا قتلوا في غزة، بالإضافة إلى أكثر من 300 قتلوا في 7 أكتوبر.
ويرى الإسرائيليون أن الحرب في غزة ضرورية للدفاع عن النفس بعد مقتل نحو 1200 شخص على يد حماس في جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر.
لكن الأزمة الإنسانية المتفاقمة وحجم الدمار في غزة أدى إلى توتر علاقات إسرائيل مع الدول في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك مع أقرب حلفائها، الرئيس الأميركي جو بايدن الذي وصف مؤخرا استخدام إسرائيل للقوة النارية بأنه "مبالغ فيه".
وتضغط الولايات المتحدة من أجل وقف إطلاق النار، وأعرب بايدن، الاثنين، عن تفاؤله بشأن التوصل إلى اتفاق لوقف القتال وإطلاق سراح الرهائن، لكن إسرائيل وحماس حذرتا من أن مواقفهما التفاوضية لا تزال متباعدة.