بين ماض ليس بالبعيد، يوم وصل الملك المؤسس عبدالله الأول عمان حيث بدأ جلالته منها تأسيس الدولة الحديثة لتصبح لاحقا عاصمة المملكة، وحاضر بلغت به المدينة ما بلغت من التقدم والحداثة، تحتفل عمان بيومها الذي يصادف في الثاني من آذار وهي ترنو الى مستقبل تكون فيه مدينة صديقة للإنسان والبيئة.
وفي يومها، ما تزال عمان مدينة التاريخ والحاضر، على العهد تحافظ على رسالتها الإنسانية والوطنية والدينية القائمة على التسامح وقبول الآخر، والوئام بين الجميع، وما تزال ترفض الإقصاء والتطرف، وتحافظ على وجهها الأردني النبيل والعربي الأصيل.
وكالة الأنباء الأردنية (بترا) تتبعت تاريخ مدينة عمان، ورصدت واقعها الحالي، لتبدو الصورة كما كانت دائما المدينة التي زاوجت بين الذكريات الأجمل والتطور المعيش بزحامها والملايين من سكانها الذين ما زادهم التنوع إلا ألفة ومحبة، ولم ينسهم الذكاء الاصطناعي طيبتهم وأصالتهم، ولم تزدهم شوارعها المزدحمة بالسيارات الحديثة إلا تعلقا بالموروث وتقبلا لكل ما هو جديد.
متخصصون بالتاريخ والتوثيق رأوا عمان في يومها مدينة ملآى بالتاريخ وأيامها مليئة بالإنسانية، وأصبحت أكبر وما زالت تكبر لأنها تحتضن كل قادم إليها سواء مجبرا أو طائعا، ومع نهاية العام الماضي بلغ عدد سكانها أربعة ملايين و744 ألفا و 700 إنسان، بحسب دائرة الإحصاءات العامة.
المؤرخ بكر خازر المجالي يقول، إن عمان وإن كانت تتفاعل مع كل الحضارات فإنها بقيت بوجهها العربي وبعينيها التي رأت فيهما تاريخها الموغل في القدم، مشيرا الى أن عمان ما كانت يوما مدينة مغلقة بل مفتوحة تستقبل بابتسامة كل الوافدين اليها جبرا او اختيارا، وتتفاعل مع كل الحضارات الوافدة اليها تعطي وتأخذ، ولثقافتها وحضارتها قوة جاذبة فلا تختفي معالمها التراثية بل تشتد وتقوى.
من جهته يشير المؤرخ والباحث والأكاديمي الدكتور محمد وهيب إن عمان بدأت قرية صغيرة بسيطة في عين غزال حيث تمكن أجدادنا من بناء اكبر قرية في تاريخ المشرق أقيمت على ضفاف نهر عمان وكانوا يقيمون ويديرون شؤون حياتهم بانتظام في بيوت ما زالت شاهدة على فن هندسة العمارة.
ويؤكد المؤرخ والاعلامي الدكتور جورج طريفي أن تاريخ مدينة عمان القديم يعود إلى الألف الثامن قبل الميلاد، إذ دلت المكتشفات الأثرية في منطقة عين غزال على وجود تجمعات سكنية كانت مأهولة في تلك الفترة، واتخذها العمونيون عاصمة لدولتهم في الألف الثاني قبل الميلاد واطلقوا عليها اسم "ربة عمون"، وسيطر عليها الآشوريون والبابليون والفرس واليونان والرومان فترة من الزمن.
وحديثا كان أهل عمان يعتمدون في بداية عهد الامارة على الزراعة وتربية الماشية ويعيشون في بيوت من الحجر والطين حول المدرج الروماني والقلعة وعلى التلال المحيطة بسيل عمان والينابيع المحيطة فينقلون المياه على ظهور الدواب إلى بيوتهم، وكان طعامهم يعتمد على ما تنتجه الأرض من الحبوب كالقمح.
واشار الى تطور عمان بشكل كبير بعد الاستقلال حيث استقبلت موجات نزوح وهجرات قسرية كبيرة لتشهد نهضة كبيرة في جميع المجالات وتوسعت حدودها وانتشرت الأبنية الجميلة على تلالها السبعة المتصلة بالأودية بأدراج أضفت على المدينة جمالا فوق جمالها.
وانتشرت المدارس الحكومية والخاصة وتأسست الجامعة الاردنية وتبعها تأسيس كليات المجتمع والجامعات الخاصة واكبها تقدم ملحوظ في القطاع الصحي، فظهرت المستشفيات الحكومية والخاصة ومدينة الحسين الطبية، كما وأنشئت المدينة الرياضية ومطار ماركا ومن ثم مطار الملكة علياء، وتأسست الإذاعة الاردنية والتلفزيون الاردني ووكالة الانباء الاردنية والصحافة الورقية.
ولفت الطريفي إلى أن عمان شهدت نهضة اقتصادية واجتماعية كبيرة في الآونة الأخيرة جراء التزايد الكبير في عدد سكانها الذي يزيد على أربعة ملايين نسمة وأخذنا نشهد أنماطا سلوكية جديدة وعديدة مع التطور التكنولوجي السريع.
يشار الى أن مجلس الوزراء وافق عام 2021 على اعتماد الثاني من آذار من كل عام يوما لمدينة عمان، تخليدا لحدث مهم في تاريخ الدولة الأردنية، يتمثل بوصول الملك المؤسس عبدالله الأول إلأيها لتغدو عاصمة لإمارة شرق الأردن، وفيما بعد عاصمة للمملكة الأردنية الهاشمية.