فايز الفايز
رغم الامتداد الواسع للامتين العربية والاسلامية الا إن الأغلبية منهم لا نسمع لهم أي صوت فيما يجري على الأرض الفلسطينية وما يقع على أهلنا في قطاع غزة من جرائم حرب وعُدوانٍ على ذلك الشعب الفتيّ من قِبل عدّو بلغ به الإجرام ليقتل آلاف الأطفال والنساء والشيوخ.
وحده الملك عبدالله الثاني يأخذ على عاتقه التجوال بين عواصم الغرب الأوروبي ويقتحم البيت الأبيض ويروي قصص المأساة التي خلفتها حرب نتنياهو وعصابته، وكيفية وقف الحرب على غزة التي تم تهجير أهلها إلى آخر نقطة من فلسطين حيث دفعت قوات الاحتلال بكامل قوتها الضاربّة من الجوّ والأرض والبحّر، كي يتسنى لهم لعب الدور الجديد"ما بعد غزة»، فكيف يستقيّم العدّل إذا ما فهمنا أن حتى المحاكم العالميّة لم تُنصف ذلك الشعب ولم تقرر وقف إطلاق النار، وحكومة حرب الصهاينة لا تسمع لأحدّ.
جلالة الملك، وحتى لا يتبرّم البعض، وصل إلى رأس هرمّ العالم في القمّة التي عقدّها مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، ليعلن من ذلك المكان: إن الحرّب على قطاع غزّة تعُد واحدةً من أكثر الحروب تدميراً في التاريخ الحديث وهي لا تزال مستمّرة، مؤكداً أنّه لا يمكننا أن نقف متفرّجين وندعّ هذا الوضّع يستمر، وأن هذه الحرّب يجب أن تنتهي وأن يوقف إطلاق النار تماماً.
وبعين القارئ للمسّتقبل، أفصح الملك بلغته التي لايجانبّها شك أن الوضّع الحالي لا يمكن احتماله لأكثر من مليوّن شخصٍ تم تهجيرّهم إلى رفحّ منذ بداية الحرب، محذراً أن الأردن ينظّر إلى الخطّر المحتمل بتهجّير الفلسطينيين إلى خارج غزّة والضّفة الغربّية بقلق شديّد وهو أمّر لا يمكنّ أن يتمّ السمّاح به، وكأن الملك يقول: لن نقف مكتوفي الأيدي، وترجمته أن النكبة والنكسة التي أدت إلى تهجيرهم الفلسطينيين من أرضهم وهدم مجتمعهم و الاقتصادي والحضاري عام 1948 لصالح إقامة الدولة العبرّية، والنكسة التالية التي تم فيها طرد الشعب الفلسطيني من أرضه وخسر وطنه للمرة الثانية.
لم يقبل الملك أن يجلس مشاهداً لذلك الفيلم الطويل بانتظار دعم عربي موحدّ، ولكنه من اليوم الأول للحرّب على غزّة، بدأ بجولات مكوّكية لعواصّم عربية وأوروبّية، و قام الملك بجولته الأميرّكية الأروبية لحشد قوة قد تردع الكيان الصهيوني، وهو خير من يشرح للآذان من جميع اللغات الغربية، كيفية الوصول إلى وقف لإطلاق النار وحماية الفلسطينيين،
وأكثر من هذا، ما قدمه الملك لإقناع الدول الداعمة لإسرائيل، أن هناك في قطاع غزة مئة ألف استشهدوا أو أصيبوا أو أصبّحوا في عِدادّ المفقوديّن، غالبيتهم العظمى من النساء والأطفال، محذراً من أن أي هجوم إسرائيلي على رفح من شأنه أن يؤدي إلى كارثة إنسانية أخرى، وشدد على أن القيود المفروضّة على المساعدات الإغاثية والطبيّة الحيوّية تسببّت بتفاقم الوضّع الإنسانيّ المأساوي في قطاع غزة، مؤكداً أنه لا يمكن قبول الفصل بين الضفة الغربية وغزة وأن الحلول العسكريّة والأمنيّة لن تقود أبدا إلى السلام.
وحث جلالته على العمل بشكل طارئ وعاجل لضمان إيصال المساعدات بكميات كافية وبصورة مستمرة إلى قطاع غزة عبر كل المداخل الحدودية وبشتى الآليات الممكنة، معربا عن شكره لدعم الولايات المتحدة لهذه الجهود، ووجوب استمرار تلقّي وكالة الأمّم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» الدعم المطلوب لتمكينها من القيام بدورها ضمن تكليفها الأممي، معتبراً أن أية وكالة أممية لا تستطيع أن تقوم بالعمل الذي تقوم به «الأونروا» لإغاثة سكان غزة في هذه الكارثة الإنسانية غير المسبوقة، فضلاً عما تقدمه من خدمات لـ 2.3 مليون لاجئ فلسطيني مسجّل في الأردن.
الملك لم ينس المقدسات الدينية في القدس الشريف، فقد طالب بعدم تجاهل الوضّع في الضّفة الغربّية والأماكن المقدسة بالقدس التي يدنسها المتطرفون ويمنعون المصلين من دخول المسجد الشريف، حتى الكنائس لا زال يساورها القلق علىيها من تهديدات المتطرفين وجنود دولة الاحتلال، مذكراً الدول الغربية التي جال عليها، أن الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقعت عليها حرب جانبيه، فقد قتل جيش الاحتلال أكثر من 400 فلسطيني بينهم مئة طفل وأربعة آلاف مصاب منذ السابع من تشرين الأول الماضي.
الملك يعّول على تكاتف عربي حقيقي من الأشقاء لمواجهة تلك الحرب الظالمة، وأن لا يدير أحد ظهره ويترك التركة الثقيلة على جانب واحد، فليس هناك مفرّ لشعب وقعت عليه ثلاث نكبات ولا زال صامداً، ونأمل ان يكون النجاح حليفه كما عهدنا به دوما في هذه المهمة المستحيلة.
Royal430@hotmail.com