أخبار اليوم - مناضلة وسياسية فلسطينية، وقيادية في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ونائبة في المجلس التشريعي بغزة عن كتلة التغيير والإصلاح، ولدت عام 1949 وعاشت حياة حافلة بقصص الفداء، اشتهرت بلقب "خنساء فلسطين" بعد أن دفعت أبناءها للانخراط في صفوف كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحماس. استشهد 3 منهم وتلقت أخبارهم بصبر وثبات، توفيت بعد صراع شديد مع المرض عام 2013.
المولد والنشأة
وُلدت مريم محمد يوسف محيسن فرحات يوم 24 ديسمبر/كانون الأول 1949 في حي الشجاعية شرقي قطاع غزة الواقع جنوب غربي فلسطين، لأسرة بسيطة، ونشأت مع 10 إخوة و5 أخوات.
الدراسة والتكوين العلمي
تفوّقت في دراستها وأنهت المراحل الأساسية في مدارس غزة، والثانوية في مدرسة الزهراء. تزوجت وهي في بداية المرحلة الثانوية بفتحي فرحات، إلا إن ذلك لم يمنعها من استكمال مسيرتها الدراسية فحصلت على شهادة الثانوية العامة وهي حامل بمولودها الأول.
التجربة النضالية
تأثرت منذ طفولتها بمحيطها، إذ فتحت عينيها على أحداث ما بعد النكبة، ثم عاشت أحداث العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وتأثرت بالمد القومي بداية ستينيات القرن الماضي، ثم شهدت أحداث النكسة عام 1967، وفي أواخر ستينيات وبداية سبعينيات القرن الـ20 انتمت إلى الحركة الإسلامية وأصبحت أمينة مكتبة المجمع الإسلامي.
وفور تأسيس حركة حماس عام 1987 انضمت إليها، وبدأت تؤوي المطارَدين من كتائب القسام أمثال محمد الضيف وعوض سلمي ورائد الحلاق وأيمن مهنا وغيرهم في بيتها.
كان من أهم من آوتهم عماد عقل، أحد أبرز مؤسسي الكتائب، رغم أن سنه لم يتجاوز حينها 22 عاما، حيث اختبأ وعدد من رفاقه في منزلها بحي الشجاعية ما يقارب عاما كاملا.
وفي 24 نوفمبر/تشرين الثاني 1993 حاصرت قوات مكونة من 60 مدرعة المنزل وخاضت اشتباكا عنيفا مع عماد ورفاقه الذين رفضوا الاستسلام وارتقوا شهداء في اليوم ذاته.
انضم أبناؤها لكتائب القسام، واستمرت هي بدعمهم فكانت تزور مقراتهم وتعينهم بما تستطيع، وفي الوقت ذاته انخرطت في العمل الدعوي والنسائي المؤسسي، كما اهتمت برعاية الأسر الفقيرة وصعدت شيئا فشيئا في حركة حماس لتشارك في انتخابات المجلس التشريعي عن كتلة التغيير والإصلاح عام 2006 وتفوز فيها وتصبح عضوا في لجنة التربية.
وبعد الحصار الخانق الذي فرضته إسرائيل على القطاع في النصف الأول من عام 2006 سافرت مع وفود المجلس إلى دول عدّة لجلب المساعدات.
"خنساء فلسطين"
لم تكتفِ بنشاطها النضالي، فحثت أبناءها على الانخراط في صفوف كتائب القسام، وكان لها 6 أبناء و4 بنات.
ذاع صيتها عام 2002 حين ظهرت في مقطع مصور تودّع ابنها محمدا، الذي لم يتجاوز الـ17 من العمر وتحثّه على الموت في سبيل الله وأن يثخن في جنود الاحتلال ولا يعود إلا محمّلا على أكتاف الرجال، قبل تنفيذه عملية فدائية في مستوطنة "عتصمونا" الإسرائيلية جنوبي القطاع في 7 مارس/آذار من العام نفسه، وأدت لمقتل 9 جنود وإصابة 20 آخرين.
وفي 16 فبراير/شباط 2003 اغتيل ابنها البكر نضال، وكان قائدا ميدانيا في كتائب القسام، بعد زرع عبوة ناسفة في طائرة صغيرة مسيّرة كان يُجهّزها مع رفاقه في وحدة التصنيع العسكري واستشهد يومها مع 5 منهم، واستقبلت والدته الخبر بكل صبر وثبات وابتهاج بشهادته.
وعام 2005 استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي سيارة شرقي مدينة غزة كان يستقلها ابنها الثالث رواد، الذي رافق منذ نعومة أظفاره قادة الصف الأول في الكتائب حين كانوا يختبئون في منزل والديه، وبرع في مجال التصنيع العسكري وصناعة العبوات الناسفة.
واستقبلت والدته خبر استشهاده بالثبات والفرحة ذاتها، فأطلق عليها الفلسطينيون لقب "خنساء فلسطين" أسوة بالخنساء تَماضُر بنت عمرو التي شجعت أبناءها الـ4 على الجهاد ورافقتهم مع الجيش زمن عمر بن الخطاب وتلقت نبأ استشهادهم في معركة القادسية بصبر وثبات.
أما ابنها الرابع وسام الملقب بـ"أبو حسين" فقد قضى نحو 11 عاما في سجون الاحتلال، قبل الإفراج عنه عام 2005 في حياتها، إلا إنه اغتيل كإخوته بعد وفاتها.
الوظائف والمسؤوليات
- أمينة مكتب المجمع الإسلامي.
- رئيسة جمعية الشموع المضيئة لرعاية أبناء الشهداء.
- عضو المجلس التشريعي عن كتلة الإصلاح والتغيير 2006.
الوفاة
عانت في آخر أيام حياتها من تليّف شديد في الكبد، والتهاب في الأمعاء، فسافرت إلى القاهرة لتلقي العلاج إلّا إنها عادت قبل نحو يومين من وفاتها إلى القطاع، وقرر الأطباء إدخالها فورا إلى العناية المركزة.
توفيت يوم 17 مارس/آذار 2013 بمستشفى الشفاء ودفنت في مقبرة الشهداء شرقي مدينة غزة إلى جانب قبور أبنائها الـ3، بعد جنازة مهيبة شارك فيها الآلاف على رأسهم كبار قادة حركة حماس.