نضال المجالي
لا يخفى على متابع ما يعيشه القطاع السياحي من أوضاع في الربع الأخير من العام الماضي ومطلع الربع الأول من هذا العام، وإن كانت الأرقام المعلنة تحدثت عن نمو في العائد السياحي، في وقت سجل الأردن المركز التاسع في تصنيف الوجهات السياحية «الأفضل نمواً» خلال السبعة أشهر الأولى في 2023، بنسبة بلغت 23 %، وسجل ارتفاعاً في أعداد زوار المبيت، وارتفاعا في الدخل السياحي، وارتفاعا في الواصلين عبر المطارات، وارتفاعا أينما توجهت وسألت في القطاع الذي كنا نتحدث أنه تعافى بامتياز ما بعد «شماعة كورونا»، والباحث عن النسب والأرقام يجدها حقيقية وقد نشرت في أكثر من مكان، ولكن «يا فرحة ما تمت»!.
نعود الآن إلى واقع اليوم في القطاع، وحديث غير منقطع في عناوين كثيرة منها ارتفاع تكاليف التشغيل، أسعار تنافسية في المنطقة العربية، نقص كوادر متخصصة، ضعف تلبية الطلب، حقيقة واقع الخدمات السياحية، القدرة على صناعة الضيافة، مجابهة الركود السياحي، ميزان الإيرادات المتوقعة، آليات التميز والنجاح، مجابهة الظروف الاقتصادية، تحديات الأوضاع السياسية، أهمية التسويق والدور الرسمي، وسمِّ ما شئت من قائمة لا تنتهي فيما يعيشه القطاع السياحي سنويا والفندقي خصوصا، وفيما لا يتوقف عن التردد في حديث اجتماعات ومجالس مختلفة، أو بين مالكي ومشغلي الفنادق والمنشآت السياحية من علامات تجارية عالمية كانت أم محلية.
واقع سياحي صعب ما يعيشه القطاع أردنيا، والذي ما أن يعلو صهوة الحصان لينطلق كل عام ليجد كبوة تهزه، كبوات أجزم أننا لم نتعلم كثيرا منها، بالرغم من تكررها وبالرغم من الخطط الموضوعة والإستراتيجيات المأمولة والجهود الرسمية غير المتوقفة بحقه، مما يستوجب صدق الوقفة الرسمية، بحق دعم ورفعة القطاع ومشغليه، الذين عاشوا ويعيشون بين تحفيز البناء ورسائل الاهتمام الرسمي للتوسع، وبما يقابلها من ضعف وتذبذب طلب على القطاع، تتحكم في مسيرته أي أحداث داخلية أو إقليمية أو عالمية، وآخرها «الحرب على غزة»، التي تسجل شهداء من شكل مختلف خارج قطاع غزة، لتسجلهم شهداء داخل القطاع السياحي، بين من أغلق أو تعطل أو تعسر بالالتزامات، وبين من تم فصله من موظفين أو من تم منحه جزءا من راتب أو غير ذلك من أشكال الضرر وهي كثيرة وممتدة لكافة سلاسل التزويد والعمليات الخدماتية المرتبطة بنمو وحركة سياحية نشطة.
ولنعلم أن اليوم هو الأكثر محركا لضمان تفعيل ما تضمنته رؤية التحديث الاقتصادي من خطوات وإجراءات وبرامج لمواجهة تحديات القطاع والمشاريع المستقبلية، اليوم رؤية التحديث الاقتصادي هي معيار الاستجابة والمحاكاة الحقيقية الذي ننتظر نتائجها في التخفيف والتقليل من آثار أي كبوة يعيشها القطاع، ولتكون أيام العام كاملا تعظم النتائج وليس أشهرا منه فقط، وتنهي شكوى العاملين والمشغلين، ولنبدأ جدّيا لا عناوين لقاءات واجتماعات رسمية بما يستوجبه القطاع السياحي والفندقي خصوصا من وقفة في الضيق ليستمر في الرخاء والضيق، وأبرزها ما زلنا نكرره يوميا دون حل توافقي وخطوة إيجابية كاملة في ملف الضرائب والطاقة والمياه والامتيازات المحفزة ونسب العمالة ومتطلبات التصنيف، وعوائد التنظيم وغيرها مما يعانيه مشغلو ومستثمرو القطاع السياحي والفندقي، والذين يقضون وقتهم بين ترخيص وتصويب مخالفة وتفتيش وتضييق والبحث عن تمويل ليستمروا في عملهم، فهل تضمن رؤية التحديث الاقتصادي أن تلمع نجوم الفنادق حقا في الأعوام القليلة القادمة؟.