شحاده أبو بقر
كالعادة، يلقون لنا نحن العرب بالطعم، ونحن نتلقفه كما هو، فهم يتحدثون عن حرب على غزة، كما لو كانت كيانا منفصلا عن وطن محتل اسمه فلسطين.
لا، غزة وحدها ليست فلسطين، فلسطين التاريخية حدودها من البحر المتوسط وحتى نهر الأردن، وفلسطين التي يقبل بها العرب ومعهم الفلسطينيون اليوم، هي ما تبقى بعد قيام ما يسمى إسرائيل، أي الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة.
حبذا لو أن الخطاب السياسي والإعلامي العربي اليوم يصحح الخطأ، ليتحدث عن حرب ضروس ظالمة يشنها المحتل الغاصب ضد فلسطين سواء في غزة أو في الضفة الغربية بما فيها القدس، حيث المداهمات والاعتقالات والقتل وهدم البيوت والاستيطان والتنكيل بالناس واستباحة المقدسات.
يجب أن لا نعطيهم هذه الورقة الكاذبة بأن غزة كيان منفصل عن فلسطين، وبأن حربهم عليها دفاع عن النفس.
هذا عمليا ومنطقيا وسياسيا وجغرافيا وتاريخيا، ليس صحيحا على الاطلاق، وغزة جزء لا يتجزأ من فلسطين مثلها مثل القدس والضفة الغربية.
الأردن وبتوجيه ملكي كان أول من تنبه إلى ذلك، عندما أعلن ثوابته حيال حرب الإبادة على غزة، رافضا وبالكلية، الفصل بين غزة والضفة الغربية.
مؤسف أن الولايات المتحدة حامية دولة الاحتلال، هي وحدها التي بمقدورها وقف الحرب اليوم قبل الغد، لكنها لا تفعل، لا بل وتنكر على محكمة العدل الدولية الحديث عن حرب إبادة جماعية، وهي التي أعلنت قبل يومين فقط، أن تقديراتها تشير إلى قتل ١٥٠ فلسطينيا كل يوم، ولم تتطرق إلى الجرحى وحرمان الناس من أبسط أساسيات الحياة.
مؤسف أكثر، هو ذلك الانقسام الفلسطيني وفي هذا الوقت العصيب المر والمرير بالذات، الأمر الذي يمنح الاحتلال الظالم ورقة الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة في خطابه السياسي والإعلامي إزاء العدوان المجرم.
على العرب والمسلمين الذين يعارضون حرب الإبادة المجرمة، تعديل خطابهم ليكون خطاب حرب إبادة يشنها مجرمون على كامل الأرض الفلسطينية التي أحتلت عام ١٩٦٧، فهذا هو الصحيح، وسواه كذب صهيوني يسوقونه للعالم بأنه دفاع عن النفس ضد جماعات إرهابية!.
قبل أن أغادر، الكيان الإسرائيلي متورط اليوم في مستنقع سياسي عسكري يستحيل عليه تحقيق أي نصر فيه، والعالم كله بات يدرك ذلك جيدا، والمطلوب موقف عربي موحد ولو سياسيا، يسعى لقرار من مجلس الأمن بوقف الحرب، وإلا فإن الآتي خطر شديد على عرب الشرق كافة. الله من أمام قصدي.