المعايطة: الأردن يُدرك خطورة السياسات الإسرائيليّة عليه، وعلى القضية الفلسطينيّة.
غيشان: بقاء المقاومة الفلسطينيّة وقوَّتها هي مصلحة أردنيّة
الحوارات: العلاقات الأردنيّة الإسرائيليّة محكومة بالتصرفات والتناقضات الإسرائيليّة
سياسيّون لـ "أخبار اليوم": الأردن يوازن بين القضيّة الفلسطينيّة وعلاقاته الخارجيّة
سياسيّون لـ "أخبار اليوم": نتائج حرب غزّة ستُحدد شكل العلاقات الأردنيّة الإسرائيليّة.
سياسيّون لـ "أخبار اليوم": الأردن يُدرك خطورة السياسات الإسرائيليّة، ونجح في إحداث تغيير كبير في الموقف الغربي
سياسيّون لـ "أخبار اليوم": الأردن يُدرك خطورة السياسات الإسرائيليّة، ويوازن في علاقاته الخارجيّة
أخبار اليوم - سمير الصمادي - جاءت أحداث 7 أكتوبر نتيجة عقود من التوتر بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وسنوات طويلة من الاستفزازات المتكررة في القدس والمسجد الأقصى وفرض الحصار والظلم والاضطهاد بحق الشعب الفلسطيني؛ فكانت ردّة الفعل الإسرائيليّة تقوم على إعلان حرب شاملة على قطاع غزّة، أودت بحياة آلاف الشهداء والجرحى، وألحقت الدَّمار الواسع بالمباني السكنيّة والبنية التحتيّة للقطاع.
ونتيجة ارتباط الأردن بمستقبل القضية الفلسطينيّة وتأثّره بما يجري في قطاع غزّة؛ جاء رد الأردن على الحرب الإسرائيليّة وِفقَ عَدَّة اتِّجاهات منها؛ الدعوة إلى وقف التصعيد وإدانة الانتهاكات الإسرائيليّة، والتأكيد على حماية المدنيين وضرورة ضبط النفس، والتحذير من محاولات التهجير والتأكيد على حَلّ الدَّولتين، والدعوة إلى فتح ممرَّات آمنة لخروج المدنيين وإدخال المساعدات، والأهم من ذلك قيادة جهود دبلوماسيّة حثيثة في كافة المحافل الدوليّة؛ لكشف كذب الرواية الإسرائيليّة والوقف الفوري لإطلاق النار؛ مما أدّى إلى فتور وتوتُّر العلاقة بين البلدين، وبعد كُلِّ هذا كيف يرى المحللون السياسيّون شكل العلاقة بين الأردن وإسرائيل بعد 7 أكتوبر ونهاية الحرب؟
المعايطة: إذا ذهبت إسرائيل لمسار يُنصِف الفلسطينيين فعلاقتها بالأردن ستكون مختلفة عمَّا هي اليوم.
وزير الدولة لشؤون الإعلام الأسبق سميح المعايطة، قال لـ "أخبار اليوم"، إنَّ العلاقة السياسيّة مع إسرائيل متوترة خلال السنوات الأخيرة؛ بسبب ما تفعله في القدس ومقدساتها وبسبب أنَّها تُدير ظهرها للحق الفلسطيني ولعملية سلام حقيقيّة مع الفلسطينيين؛ ولا تعطيهم دولة مستقلَّة على أرضهم.
أمَّا عن شكل العلاقة بين البلدين بعد نهاية العدوان الإسرائيلي، يعتقد المعايطة أنَّ شكل الحَلّ وإنهاء حرب غزّة سيؤثِّر في طبيعة العلاقة بين الدَّولتين ويرتبط بأمرين: أولهما قبول أو رفض إسرائيل لحَلّ سياسي ودولة فلسطينيّة، أو إصرارها على الحلول الأمنيّة والعسكريّة، وثانيهما سياسة إسرائيل تجاه الضَّفة والقدس وفكرة التهجير التي تأكد الجميع من مكانتها في الفكر السياسي الإسرائيلي خلال العدوان على غزّة، بمعنى إذا ذهبت إسرائيل لمسار يُنصِف الفلسطينيين، وتبنَّت حلاً سياسياً حقيقياً ودولة فلسطينيّة؛ فالعلاقة ستكون مختلفة عمَّا هي اليوم.
وفي معرض ردِّه عن استشعار الأردن لخطورة ما تقوم به إسرائيل، أوضح أنّ الأردن دولة مُستقرَّة، ولا يمكن لإسرائيل، بالرغم من كل مواقفها العدوانيّة أن تُهدِّد وجوده، وهو يُدرك خطورة السياسات الإسرائيلية عليه، وعلى القضية الفلسطينيّة، خاصَّةً مع وجود فكرة التهجير ورفض فكرة الدولة الفلسطينيّة الحقيقيّة، وهذا الإدراك ليس مرتبطًا بهذه المرحلة فقط؛ بل قبلها بمراحل كثيرة.
ويرى المعايطة أنَّ الأردن استطاع أن يوازن بين مواقفه الثابتة تجاه القضيّة الفلسطينيّة وبين مصالحه مع الولايات المتحدة من خلال علاقته مع المؤسسات الأمريكيّة؛ في عهد ترامب رفض الأردن صفقة القرن، رغم العلاقة الوثيقة بينهما، وحافظ على ثوابته الوطنيّة وتجاوز التأثيرات الكبرى على علاقته معها.
وفي السياق ذاته بيّن المعايطة أنَّ الدول الغربيّة الأكثر مساندة لإسرائيل في هذا العدوان؛ بدأت بالحديث عن الحل السياسي وإنصاف الشعب الفلسطينيّ وإعطائه دولته على أرضه.
وأضاف أنَّ الأولويّة الأردنيّة في أثناء حرب غزّة؛ كانت مساعدة الفلسطينيين وتبني موقفاً يُنقِض فيه الرواية الإسرائيليّة لما جرى في القطاع، وعمل على كل ما يخفف عن الأشقاء سياسيًّا وإنسانيٍّا.
وأكَّد المعايطة أنَّ الأردن يدعم القضية الفلسطينيّة؛ لكنه ليس طرفًا في المعادلة الداخليّة فيها، ويبتعد عن تفاصيلها وتجاذباتها المتعدِّدة، ويتعامل مع السلطة الوطنيّة باعتبارها الجهة الرسميّة والمُمثِّل الشرعي للشعب الفلسطيني.
غيشان: نتائج حرب غزّة ستُحدد شكل العلاقات الأردنيّة الإسرائيليّة
الكاتب والمحلل السياسي نبيل غيشان أكَّد لـ"أخبار اليوم"، أنَّه لا أحد يعرف كيف سيكون شكل العلاقات العربيّة والأردنيّة مع إسرائيل قبل معرفة نتائج الحرب في غزة؛ فلكل نتيجة - مهما كانت - سيناريو خاصاً بها، وليس من السهل العودة إلى علاقات طبيعيّة؛ نظرًا للموقف الشعبي الرافض، وضغط الشارع الأردني.
وبيّن غيشان أنَّ الأردن لديه خيارات صعبة جدًا في المحافظة على علاقات طبيعيّة مع إسرائيل - وليس المحافظة على اتفاقياته فقط - نظرًا لطبيعة الحكومة الإسرائيليّة المُتطرِّفة التي تضرب كل المصالح الاستراتيجيّة الأردنيّة ومعاهدة وادي عربة بعرض الحائط.
وأضاف أنَّه من العبث العودة إلى عقد اتفاقيات ثنائيّة مع إسرائيل أو حتى إقليميّة بدون عملية سياسيّة، تقوم على حل الدولتين وقيام دولة فلسطينيّة بحدود الرابع من حزيران والقدس عاصمة لها، في ظل وجود نتنياهو وحكومة المستوطنين، والتهديد بالتهجير من الضَّفة الغربيّة إلى الأردن.
ويرى غيشان أنَّ الأردن يجب ألا يكون مَعنِيًّا بأي علاقة مع إسرائيل في حال استمرت الخروقات والتهديدات للمصالح الأردنيّة، وأن يكون متحفظًا في أي علاقة معها إذا لم يكن هناك مشروع سياسي حقيقي للحل السلمي الذي يُرضي الفلسطينيين.
فالموقف الأردني حساس تجاه إسرائيل التي يمكن أن تستمر في ضرب مصالحه الوطنيّة؛ لكنه في الوقت نفسه لا يمكنه السكوت عمَّا تفعله في الأراضي الفلسطينيّة المحتلَّة وقطاع غزّة، وبالرغم من الاشتباك الخشن معها؛ يمرر الأردن المساعدات للفلسطينيين جوًّا وبرًّا.
ولفت غيشان إلى أنَّ الأردن مَعنِيّ باطلاع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على ما تفعله إسرائيل من تهديد للسلام في المنطقة والخروقات لمعاهدة وادي عربة، بالرغم من أنَّه لن يذهب إلى إلغاء معاهدة السلام والاتفاقيّات الاقتصاديّة الموقعة على الأقل في المدى المنظور.
ويعتقد غيشان أنَّ الأردن استشعر خطورة ما تقوم به إسرائيل ومدى تأثيرها في الأمن الوطني الأردني، وهدَّد بأنَّ التهجير باتجاهه من الضفة الغربية يعني إعلان حالة الحرب؛ فقام الملك عبدالله باتصالات مع الإدارة الأمريكيّة، وزار أربع دول أوروبيّة رئيسيّة داعمة لإسرائيل؛ سعيًا منه لكشف حقيقة ما تقوم به إسرائيل وخطورته على الأردن والمنطقة، ونجح الموقف الأردني في إحداث تغيير كبير في الموقف الأمريكي والأوروبي.
وفي هذا السياق أوضح غيشان أنَّ من مصلحة الأردن إعادة بناء الموقف الرسمي العربي والتأكيد على مبادرة السلام العربيّة، والتمسك بها كعنوان للحل السلمي الممكن، بالرغم من صعوبة ذلك في ظل الموقف المائع للقمة العربيّة في الرياض من إسرائيل والمقاومة.
وأشار إلى أنَّ بقاء المقاومة الفلسطينيّة وقوَّتها هي مصلحة أردنيّة، وهي أكبر دعم للاستراتيجيّة الأردنيّة في حل الدولتين، وإلغاء المقاومة أو انكسارها - لا سمح الله - يعني تخفيف كُلفة الاحتلال وإنهاء الضغط على إسرائيل بالذهاب إلى حَلٍّ سلمي، والأردن ليس بمقدوره دعم المقاومة الفلسطينيّة دون موقف عربي مساند وموحّد وحقيقي.
ويعتقد غيشان أنَّ الأردن أضاع ورقة التواصل مع المقاومة الفلسطينيّة، وركَّز كل علاقاته مع السلطة الفلسطينيّة التي أصابها الضَّعف، والتي كان عليها أن تدرك أنَّ العلاقة مع حماس هي مصلحة أردنيّة وفلسطينيّة في الوقت نفسه، وكان من المفروض أن يتواصل الأردن علنًا مع المقاومة الفلسطينيّة، وأن يكون له دور في عمليات تبادل الأسرى والتهدئة على الأقل.
الحوارات: غياب الأُفق السياسي وهو ما يفسره رغبة إسرائيل في استمرار الحرب
الكاتب والمحلل السياسي الدكتور منذر الحوارات قال لـ "أخبار اليوم"، إنَّ 7 أكتوبر أحدثت معادلة جديدة في الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، وهي مبنيّة على الشك العميق بينهما، واتِّخاذ إسرائيل قرارًا استراتيجيًّا أبعد من اللحظة التكتيكيّة للحرب مفاده أن تذهب إسرائيل إلى طريقة ما تُصفي فيها القضية الفلسطينيّة، ولا يمكن أن تتم هذه التصفية بدون تهجير الفلسطينيين وتفريغ أراضيهم، وهذه الاستراتيجيّة الإسرائيليّة تقوم على أمرين: أولهما احتلال الجغرافيا، وثانيهما التخلُّص من الديموغرافيا.
وبيَّن أنَّ أي علاقة بين بلدين تَمُر بتوترات مختلفة، والعلاقة بين الأردن وإسرائيل ليست محكومة بالدولتين فقط، وفيها تناقضات كثيرة؛ بسبب التصرفات والتصريحات الإسرائيليّة التي تخلط الأوراق؛ ولكن الولايات المتحدة تتمكن في كل مرّة من استيعاب التناقضات وحلِّها بطريقة لا تتناقض مع مصالحها.
وتوقَّع الحوارات أن تقوم الولايات المتحدة بنفس هذا الدور لاحقًا، بالرغم من التراجع الكبير بدورها ومكانتها، والثقة بأن تكون وسيطًا عادلًا أصبحت محل شك؛ بسبب انحيازها المطلق لإسرائيل ودعمها اللانهائي لمشروع هذه الدولة، ولا يعني وجود تناقضات واختلافات عديدة بينها وبين نتنياهو أن تُفسد هذه التناقضات الوِدّ بينهما.
ويرى أنَّ الأردن يملك هامشاً كبيراً للمناورة السياسيّة مع إسرائيل، والهامش واسع للتصرف وانتقاد دولة الاحتلال والوقوف في وجه مشاريعها، والحديث بشكلٍ موسع عمَّا تقوم به والذهاب للمجتمع الدولي لكشف حقيقة تصرفاتها - وهو ما دون إنهاء اتفاقيّة السلام -، وهو بهذا التوازن يضمن عدم توتر علاقاته مع الدول الغربيّة والولايات المتحدة، ومن المعلوم لهذه الدول أنَّ الأردن من حقِّه أن يتَّخذ موقفًا في مواجهة ما تقوم به إسرائيل.
وتابع الحوارات أنَّ القضيّة الفلسطينيّة تَمس الأمن الاستراتيجي الأردني، ووقوف الأردن مع الشعب الفلسطيني جزءاً من موقفه منها؛ وإذا لم تستقر الأوضاع في الأراضي الفلسطينيّة المحتلَّة، ولم يُتَوَصَّل لحَلّ جذري لهذه القضية؛ سينعكس ذلك على استقرار المنطقة والأردن على نحو خاص، وعلى العلاقات بين الأردن وإسرائيل.
وأضاف أنَّ ما تقوم به إسرائيل يشكِّل خطرًا هائلًا على الأردن، بالتالي يستشعر الأردن هذا الخطر، ويعمل على مواجهته، لأنَّ جزءًا من حديث الإسرائيليين عن حلول للقضية الفلسطينيّة يدور حول عملية تهجير سكان الضفة الغربية إلى الأردن، ما يعني تغيير للهويَّة السكانية والسياسيّة للدولة؛ وفي حال اِلتَزَمَ الأردن الصَّمت عمَّا تقوم به إسرائيل سيبدو أنه كالموافق عليه، كما أنَّه لا يمكن لأي دولة أن تقبل زعزعة استقرارها ومحاولة تغيير هويتها وواقعها السياسي.
ولفت إلى أنَّه لو لم تواجه المحاولات الإسرائيليّة لتهجير الفلسطينيين برفض دول المنطقة - تحديدًا الأردن ومصر-؛ لحقَّقت إسرائيل أجندتها الخطيرة في عملية التصفية، ما قادها للتفكير بترحيل الفلسطينيين إلى دول أُخرى طوعيًّا؛ من خلال محاولة الاتِّفاق مع بعض الدول لاستقبالهم، وهو ما رفضه الاتِّحاد الأوروبي على اعتبار أنَّها فكرة تقوم على أساس عملية تهجير منظَّمة.
وأردف الحوارات أنَّ الخطط الإسرائيليّة تبوء بالفشل بسبب إدراك الدول المؤثِّرة بأنه لا يمكن تصفية القضية بهذه الطريقة؛ لذلك تستمر إسرائيل بالإبادة الجماعيّة بحق الفلسطينيين، على أمل أن يغادروا أرضهم، لكن وبالرغم من مرور عِدَّة أشهر على الحرب؛ ما يزال الأُفق السياسي مغلقاً وهو ما يفسره رغبة إسرائيل في استمرار الحرب وإصرارها على إطلاق الرهائن وإيجاد ترتيبات في غزة تختلف عن الترتيبات السابقة.
ويرى أنِّ إسرائيل تطرح مجموعة من السيناريوهات لن تكون ناجحة في غزّة: أولها وجود قوة عربيّة ودوليّة في القطاع - وهو مرفوض إقليمي - ثانيهما أنَّها بدأت بالفعل تقسيم غزة إلى مناطق؛ لتنفيذ مخططها عن طريق تسليمها إلى عائلات وعشائر لتحكمها، ثالث السيناريوهات أمريكي من خلاله تُدير السُّلطة الوطنيّة الفلسطينيّة القطاع، وهو ما ترفضه إسرائيل، وتُصِّر أن يكون لها سيطرة أمنيّة عليه.
مضيفًا أنَّ الدول العربيّة بما فيها الأردن، اتَّخذت السلام خيارًا استراتيجيًّا للتعامل مع إسرائيل، ومن ثم فإنَّ فكرة دعم المقاومة الفلسطينيّة أصبح حديثًا من الماضي، وهو خط أحمر يُمنع أردنيًّا الولوج فيه بغض النظر عن الآراء حول ذلك الموضوع؛ لأنَّ تطبيقه على الأرض سيؤدي إلى نقض اتفاقيّة السلام الأردنيّة – الإسرائيليّة، وهي بوضع لا يتيح لها اتِّخاذ قرار ربما يُقوِّض علاقاتها مع الدول الأُخرى، ويُنهي صيغة التعاون معها.