الأميّة الرقمية في مجتمعاتنا العربيّة

mainThumb

10-01-2024 11:29 AM

printIcon

نورالدين نديم

يصادف الثامن من كانون ثاني من كل عام (اليوم العربي لمحو الأمية)، حيث أن الأمية في القرن الحادي والعشرين اختلفت كثيراً عن وصفها وتعريفها عمّا كانت في القرون الماضية.
فالأميّة لم تعد محصورة في عدم تمكن الإنسان من القراءة والكتابة، بل تعدّت ذلك إلى الفقر المعرفي والمهاري، بالتكنلوجيا وأدواتها.
أوجدت التكنولوجيا طرقاً جديدة ومبتكرة للحصول على المعلومة، وامتلاك المهارة اللازمة للتعامل مع الحياة بطريقة ميسرة وسريعة.
وفي مقولة لمفوضة الاتحاد الأوروبي السابقة "نيلي كروس" : " إن لم تمتلك المهارات الرقمية لن تجد لك مكاناً في القرن الحادي والعشرين".
فالقرن الحادي والعشرين هو قرن الانفجار الرقمي، فقد أحدث الإنفجار التكنلوجي ثورة في عالم المعرفة، وتغييراً على مفاهيم كثيرة منها مفهوم الأميّة، لتتحول الأميّة من أميّة القراءة والكتابة، إلى الأميّة الرقمية.

ولم تقتصر مكافحة الأمية الرقمية على حدود المعرفة بالمصطلحات والمفاهيم، وإنما تعدّتها إلى إكتساب المهارات الرقميّة وتطويرها لتواكب التقدم الدائم في العالم الرقمي.
لا يوجد تعليم لا يستخدم أدوات التكنلوجيا الحديثة، ولا يتقبل ما أحدثته الثورة الصناعية الرابعة من رقمنة إبتكاريّة، وصلت حدّ الذكاء الصناعي الذي دخل في كل المجالات.
قال المفكر الأمريكي "ألفين توفلر": "إنّ الأميين في القرن الحادي والعشرين ليسوا أولئك الذين لا يستطيعون القراءة والكتابة، بل هم أولئك الذين لا يستطيعون التعلم ونقض ما تعلموه، ومعاودة التعلم من جديد".
العقول العربية التي تقود صناعة التطوّر التقني في العالم الأول هي ذاتها العقول التي تقف عاجزة عن الإبتكار في العالم الثالث، وذلك لاستدامة التعليم ولوجود قوانين وأنظمة ناظمة وبيئة حاضنة للابداع في الدول المتقدمة غير موجودة ولا متوفرة في الدول النامية.
بل إن الطالب قد يتفوق على معلمه في استخدام أدوات التكنلوجيا الحديثة ويوظفها سلباً في ظل جهل الأهل أحياناً وعدم تأهيل المعلم أو توفر بيئة تعليمية تواكب التطور وتمتلك الأدوات التقنية أحياناً أخرى.
نحن بحاجة إلى إعادة التعامل مع ملف محو الأمية بمستجدات الواقع المعاش رقميّاً، والتعامل مع أدواته، وقبل كل ذلك تهيأة البيئة التعليمية المناسبة، وتأهيل المعلمين ليمتلكوا الأدوات والمهارات للتعامل مع مستجدات الرقمنة والقدرة على نقل المعلومة والمهارة معاً لأن المعلومة وحدها لا تكفي من جهة، ولأن فاقد الشيء لا يعطيه من جهة أخرى.