على مدار 33 عاما من حربه المفتوحة على تجار المخدرات ومروجيها وحائزيها، قدم الأردن 17 شهيدا قضوا دفاعا عن سلامة المجتمع الأردني من تبعات هذه السموم كان لإدارة مكافحة المخدرات التابعة لمديرية الأمن العام النصيب الأكبر من الشهداء الذين بلغوا حتى اليوم 14 شهيدا فيما ارتقى 3 شهداء من أبناء القوات المسلحة - الجيش العربي.
وكان الأردن تنبه مبكرا لخطر هذه الآفة فبادر عام 1968 إلى تأسيس مكتب مختص بمكافحة المخدرات وكان وقتها يتبع لإدارة التحقيقات الجنائية، وفي الرابع من كانون الثاني عام 1973 تم إنشاء إدارة لمكافحة المخدرات وحظيت بالدعم الملكي طيلة 51 عاما، وفي عام 1993 أنشئ أول مركز لعلاج ضحايا هذه الآفة في المنطقة، وفي عام 2013 تم إنشاء فريق مهمات خاصة لإدارة مكافحة المخدرات بعد اشتداد الحرب على المخدرات بسبب انفلات الحدود في دول مجاورة.
وسجل في العام 1990 أول شهيد في هذه المواجهة حين قدم الملازم أحمد السخني روحه في مواجهة مع تجار المخدرات، فقد كان ضمن فريق المواجهة المكلف بالقبض على مجموعة من المهربين كانت تعتزم تهريب كمية من المواد المخدرة للأردن، ليرتقي شهيدا.
الشهيد السخني وزملاؤه في إدارة مكافحة المخدرات منعوا حينها تسرب 250 كيلو غراما من مادة الحشيش عبر عصابة من المهربين شرق المملكة لكن أحد أفراد العصابة أطلق أعيرة نارية باتجاه الشهيد ما لبثت روحه الطاهرة أن ارتقت إلى بارئها ليكمل رفاقه المهمة وألقوا القبض على أفراد العصابة لينالوا عقابهم الرادع من القضاء.
وبعد 20 عاما وتحديدا في تشرين الأول 2010 قدمت مديرية الأمن العام شهيدا جديدا هو النقيب عماد النوايسة الذي لم تكتمل فرحته بتخرج ابنه فالتحق بفريق مع زملائه لإلقاء القبض على عصابة من المطلوبين الذين بادروا بإطلاق النار وأصابوا الشهيد وثلاثة من زملائه، وفي الحادثة ذاتها ارتقى الرقيب عمر الزيود شهيدا بعد أن أصيب برصاصة ما لبث أن التحق برفيقه دربه عماد.
ففي الأول من تشرين الأول عام 2011 ارتقى الشهيد النقيب أسامة العيسى، ولحق به في الأول من تشرين الأول عام 2013 الملازم أول وائل الدويكات بعد تعرضه لحادث سير أثناء عودته من الواجب الرسمي ومكث أسبوعا في المستشفى لكنه ارتقى ملتحقا برفاقه، أما مساعد مدير مكافحة المخدرات في محافظة العقبة النقيب محمود أبو الشوارب فقد ارتقى هو الآخر شهيدا في تشرين الأول 2014 خلال تأديته الواجب.
وفي العشرين من أيلول 2015 قدمت إدارة مكافحة المخدرات شهيدا آخر في هذه المواجهة هو الرقيب محمد السلايمة، حيث صرح مصدر مسؤول في وزارة الداخلية أن قوة أمنية نفذت مداهمة لموقع اختباء عدد من الأشخاص الخطرين والمشتبه بتورطهم في حادثة مقتل أحد مرتبات الأمن العام على إثر قضية لمكافحة المخدرات، حيث تواجد المشتبه بهم في منطقة نائية وخالية من السكان جنوب المملكة.
وفي 30 تموز 2017 ارتقى الملازم أول حمزة العلاونة والملازم أول سامي الحمايدة وأصيب ثالث من إدارة مكافحة المخدرات إثر حادث تدهور خلال مطاردة مطلوب في إحدى المناطق.
أما القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، فقد نعت في 16 كانون الثاني 2022 النقيب محمد ياسين موسى الخضيرات والوكيل محمد حامد المشاقبة وأصيب آخرون من زملائهما في مواجهة مع مهربي مخدرات على إحدى الواجهات الحدودية الشمالية الشرقية، وبعد تفتيش المنطقة تم ضبط كميات كبيرة من المواد المخدرة وتحويلها إلى الجهات المختصة.
وفي 23 كانون الثاني 2017 ارتقى الشهيد الوكيل محمد السقرات كان ضمن فريق مداهمة مجموعة من المطلوبين في إحدى المناطق، وألقي القبض على القتلة وأصدرت محكمة أمن الدولة، حكما بالإعدام شنقا حتى الموت على القاتل ومعه 13 مطلوبا آخرين تراوحت أحكامهم بين وضعهم بالأشغال الشاقة المؤقتة من 10 – 15 عاما.
كما استشهد النقيب جعفر السحيمات إثر إصابته بعيار ناري خلال مواجهة في 9 نيسان 2018، وفي 8 حزيران من نفس العام وقبل موعد الإفطار في شهر رمضان المبارك استشهد النقيب طارق السبيلة، وقضت محكمة الجنايات الكبرى بوضع القاتل بالأشغال المؤبدة بعد تعديل التهمة المسندة إليه من جناية القتل العمد إلى جناية القتل الواقع على أكثر من شخص.
وودع الأردن يوم 16 تشرين الثاني 2018 الشهيد الملازم أحمد الرواحنة للشهادة جراء إصابته بعيار ناري في الرأس خلال مداهمة مع زمرة شريرة من مجرمي المخدرات في إحدى المناطق لينضم إلى كوكبة شهداء الأمن العام والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية الذين ضحوا بأرواحهم لينالوا شرف الشهادة دفاعا عن الوطن، مخلفين إرثا عظيما لا ينسى من التضحية والبذل والإخلاص.
وفي 15 كانون الثاني 2019 ارتقى النقيب سيف الرقاد من إدارة مكافحة المخدرات وأصيب زميله إثر تعرض مركبتهما العسكرية لحادث سير في إحدى مناطق الجنوب، وفي 12 كانون الأول 2023 ارتقى الوكيل أول إياد عبد الحميد النعيمي من القوات المسلحة الأردنية- الجيش العربي شهيدا وأصيب الوكيل أول سالم مفتن سالم في اشتباك مسلح على الواجهة الحدودية الشمالية للمملكة مع عشرات المهربين الذين أطلقوا النار على قوات حرس الحدود، مستغلين حالة انعدام الرؤية وكثافة الضباب لإدخال كميات كبيرة من المخدرات، وتم تطبيق قواعد الاشتباك ما أسفر عن مقتل عدد من المهربين وفرار الآخرين في الاتجاه الذي انطلقوا منه.
وتولت محكمة أمن الدولة محاكمة المتهمين المقبوض عليهم في هذه العمليات وأصدرت أحكامها المشددة في كل قضية من هذه القضايا والتي تراوحت بين الإعدام شنقا والإشغال الشاقة المؤبدة.
وتقوم إدارة مكافحة المخدرات منذ تأسيسها على مكافحة ضبط المخدرات في جميع أنحاء المملكة وتنفذ القوانين وتجمع المعلومات عن كل ما يتعلق بالمخدرات وتهيئة الظروف المناسبة لضبط المتعاملين بها بالجرم المشهود وتأهيل العاملين في الإدارة ورفع كفاءاتهم العلمية والعملية، وتنظيم السجلات وفتح القيود الخاصة للمحكومين.
وتعد الإدارة التقارير عن مشكلة المخدرات وتنظيم الإحصائيات اللازمة لذلك، ومتابعة الإجراءات القانونية والإدارية المرتبطة بقضايا المخدرات وتنسق مع الجهات الرسمية المعنية، وإدامة الاتصال مع ضباط الاتصال في المنطقة وخارجها لتفعيل التعاون الدولي، وإلقاء المحاضرات وعقد الندوات، والإشراف على علاج المدمنين والاستناد إلى المادة رقم (14) من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم (11) لسنة 1988 بالتنسيق مع وزارة الصحة، ومتابعة جرائم تزييف النقد وجرائم البطاقات الائتمانية والجرائم المتعلقة بالآثار.
وتخوض القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي حربا شرسة ضد تجار المخدرات وضرب أوكارها وأحبطت إدخال كميات كبيرة من المخدرات بعمليات نوعية كانت معدة لتهريبها إلى دول الجوار عن طريق الأردن.