سمير الصمادي
*صحفي في أخبار اليوم
تشهد الحدود الشمالية الأردنيَّة ازديادًا في محاولات التهريب، خاصةً تهريب المخدرات والأسلحة وبشكلٍ مسعورٍ وغير مسبوق، لكن لماذا تتزامن هذه الحملة من قِبَل تجار ومهربي المخدرات مع ما يحدث في قطاع "غزَّة العزة"؟ الاعتقاد هؤلاء بأنَّ اِنشغال الدولة الأردنيَّة وما تبذله من جهودٍ دبلوماسيَّةٍ لوقف نزيف الدم في القطاع، سيشتت جهود القوات المسلحة "الجيش العربيّ" في تأمين كافة حدود الدولة، ومواجهة التهديدات الخارجيَّة؟
إن كان لِما يحدث على الأراضي المحتلة والقطاع علاقة بما يجري على الحدود الشمالية، إذَن على هذه الجماعات أن تعلم أنَّ الحدود الأردنيّة ليست الحدود الوحيدة مع فلسطين، وأنَّ للأراضي المحتلة حدودًا مع دولٍ مجاورةٍ لها تُعدُ مركزًا لتلك الجماعات، وتسيطر على تلك الحدود مع فلسطين المحتلة، وتمتلك العدد والعِتاد والسلاح، وعليه فإنَّه لا يوجد ما يمنعهم من القيام بالعمل المسلَّح من أراضيهم تجاه الأراضي المحتلَّة، ولا يملكون حُجَّة عدم وجود حدود مباشرة فيما بينهم.
إنَّ محاولة إدخال الأسلحة الرشاشة والقواذف والألغام والمتفجرات وغيرها من الأسلحة المتطورة والنوعيَّة إلى الأردنّ يُنذر بأنَّ الأمر أكبر وأعمق من قضية تهريب وتجارة مخدرات، ومما لا شك فيه أنَّ الأمر مرتبطٌ ارتباطًا وثيقًا بالميليشيات الشيعيّة والجماعات الإرهابيّة المناوئة للأردنّ، والتي تبعد "مرمى حجر" عن الحدود الشمالية والشمالية الشرقية، والتي لا تُريد للأردنّ خيرًا، وتتربص به للنيل من أمنه واستقراره؛ لتمرير مخططاتها التوسعيَّة وزيادة نفوذها في المنطقة.
اللافت للنظر والجديد في عمليات التهريب على الحدود الشمالية هي محاولة إدخال وتهريب أسلحةٍ نوعية؛ الهدف منها تسليح مهربي وتجار المخدرات مع الاِعتماد على استخدام قوة السلاح والاِشتباك المباشر مع الجيش في تلك المحاولات؛ لضمان دخول المخدرات والأسلحة والمواد المُهرَّبة.
ويمكن التأكيد بأنَّ المهربين يرتبطون بالجماعات المناهضة في الجنوب السوري، ولا يخفى على أحدٍ أنَّ هذه الجماعات تعتمد اعتمادا كُليًّا على تجارة المخدرات كأحد مصادر التمويل؛ حتى تضمن بقاءها وتمددها.
تستخدم جماعات التهريب أساليب حديثة ومتنوعة في عملياتها، كاستخدام الطائرات المسيَّرة والبالونات الطائرة وغيرها من الأدوات ومعدات الرؤيا الليليَّة، وتمزج بين الوسائل الحديثة والقديمة حسب المعطيات والظروف الراهنة، وتستفيد من الظروف الجويّة وحالة الطقس، وتمارس نشاطها بتوقيتاتٍ مختلفةٍ للتظليل، وهي على استعدادٍ لفعل أي أمرٍ من شأنه مساعدتها على تنفيذ ما تخطط له.
مع كل ما يجري على الأراضي الفلسطينيَّة المحتلة وما يدور على الحدود، بات يَعرِف صانع القرار وراسم السياسة الأردنيّ أنَّ أمن الأردن واستقراره هدفٌ لأطرافٍ خارجيةٍ، وأنَّه ثمَّة من يدفع "وسيدفع" ثمنًا باهظًا للنيل من الدولة الأردنيّة.
يلعب الجيش العربيّ دورًا مهمًا ومحوريًّا في تحقيق الاِستقرار السياسيّ والاِقتصاديّ والاِجتماعيّ، ويعمل على إنفاذ الأمن الداخليّ وحماية الحدود، كما أنّه يقف صامدًا صلبًا في مكافحة الإرهاب ومواجهة التهريب، ويشكِّل الصَّخرة التي تتكسَّر عليها مخططات المتربصين، فيحبط العديد من محاولات التهريب بكافَّة أشكالها، وينتشر على طول الحدود بأعدادٍ كبيرةٍ، يترقّب تارةً وينفذ عملياتٍ جويّةٍ تارةً أُخرى، بعيونٍ ساهرةٍ وسواعد مشدودةٍ على الزِّناد.
لذلك؛ وجب على الدولة الأردنيّة أن تبقى قواتنا المسلحة الباسلة بكامل جاهزيتها وتوفير الدعم المناسب لها، ورصد الموازنة الملائمة، وتزويدها بالمواد والموارد والمعدات الحديثة والمتطورة؛ ليتناسب دورها مع حجم التحديات والأخطار المُحدِقَة؛ لتكون قادرةً على تنفيذ الواجبات الموكلة إليها بكفاءةٍ واقتدار.