أخبار اليوم - في رسالة خاصة لوكالة "أخبار اليوم" أرسلها علي ابن الشهيد المقدم صالح الشويعر بطل معركة وادي التفاح عام 1967 إلى أهالي غزة جاء فيها:
عزوتي أهل غزة من أخذتم بثأر والدي،
عليكم من ربي سلام.
عليكم مني سلام.
عليكم سلام من ملايين الأحرار من أدهشهم صبركم.
لم أشعر يوما بأن ثأر والدي انتصر له أحد إلا أنتم أيها الصامدون المرابطون الشجعان الأفذاذ في محيطات الهوان. لكم من ربي سلام ولكم مني تحية إجلال واحترام.
◦ والدي ابن ال ٣٤ عاما استشهد في نابلس سنة 1967 بمعركة وادي التفاح افتخر بذكراه وبذكرى رفاقه الذين يرقدون معه في ثرى فلسطين الطاهرة، وافتخر بإخوانه وجنوده الأشاوس الأبطال، أبطال كتيبة الدبابات الثانية الذين أحبهم كأبنائه، ويفتخر كثير من الشرفاء به من عرفه ومن لم يعرفه، بل أقام له ولرفاقه أهل نابلس ضريحا شكرا وعرفانا. ضريحا يذكر بوحدة الأمة، يرقد فيه بعيدا عن بلد منشأه الأردن وبعيدا عن بلدٍ مولده وقبيلته في بلاد الحرمين الشريفين. أما أنا ومن ذلك اليوم وأنا ابن الثلاثة عشر عاما -عندها - وأكبر إخواني وأخواتي العشرة علق بروحي، ووجداني سرد سائق الدبابة الناجي الوحيد كيف نهاية والدي المؤلمة التي تبكينني كلما ذكرتها ويؤلمني سردها با أخفي ذلك رحمة بهم.
◦ أخفى ذلك عن أهلي وإخواني لهولها. و يصبّرني أن آخر ما قاله يا جمعه (سائق الدبابة) الله ولي. عندها ولد في قلبي جرحا غائرا يوجعني ويكبر ويذكرني أن من له شهداء ينتصر لدمه، ما ذكر والدي يوما أمامي بفخر، ما شدني فخر، بقدر ألم الجرح الغائر في صدري الذي سكن وجداني من داخلي يكويني.
◦ اليوم بطولات أهل غزة في دبابات العدو، خففت ألمي على والدي، أخذتم بثأره الذي ترك ١٠ أيتام أكبرهم أنا وبعمر ثلاثة عشر عاما. وأخذتم بثار الشهداء على أرض فلسطين، وبثأر من شردوا وقتلوا، و تيتمو و ترملو وانتكبو ونزحوا، أخذتم بثار ٧٠ عاما من التنكيل والاستعباد في أطول قصة استعمار ما زال قائما. لم تعتدوا، بل اعتدي عليكم، فضيق عليكم و حوصرتم فصبرتم وقمتم بعدها بأقوى عملية بطولية في تاريخ البشرية. مليونان من المحاصرين يقفون ببطولة وشهامة وفداء أمام عدو مدجج يمده ويدعمه مستعمرو العالم القدماء والجدد، ما ارتجف لكم جفن، ولا انكسر منكم عزيمة. أنتم أبطال فوق العادة أنتم أبطال لو كنا من أمم الأصنام لوجب علينا أن نصنع لكل واحد منكم تمثالا.
كيف أخاطبكم أهل غزة؟
ماذا أقول لكم. رحمتم قلبي المنكسر منذ خمسين عاما وأكثر، قبل أن أغادر هذه الدنيا الفانية.
هل يعيبني إن قلت أن آلامكم تبكينني كذكرى أبي، بل الحق الأكبر أن صبركم وتضحياتكم سكنت روحي، ووجداني فخرا كما سكنت قلوب ملايين من الأحرار والقلوب الطاهرة حول العالم.
الصبر والتضحية تجدد لها عنواناً- غزة الباسلة -وإن شاء الله المنتصرة.
الدنيا دول والعدو مآله لزوال. وذكراكم لخلود.
سلام ربي عليكم. ولكم مني سلام.