أخبار اليوم - "لم تكن لدينا خطط عملياتية للتوغّل البري في غزة، ووجدنا بجوار كل شجرة هناك فتحة نفق"، هكذا تكشف مصادر عسكرية إسرائيلية أسباب تعرّض الجيش الإسرائيلي لخسائر موجعة في قطاع غزة، منذ بداية توغّله البري في السابع والعشرين من أكتوبر الماضي.
وحتى يومنا هذا، قُتِل أكثر من 160 جنديا إسرائيليا، بجانب تدمير عشرات الآليات العسكرية في غزة منذ ذلك التاريخ، في حين وصل العدد إلى 501 جنديا وضابطا منذ الهجوم الذي نفّذته حركة حماس على إسرائيل يوم 7 أكتوبر، وفق إحصاءات الجيش الإسرائيلي.
وفي محاولةٍ لرصد أسباب هذه الخسائر، جاء في تقرير نشرته صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، أمس الأربعاء، أن الجيش الإسرائيلي لم تكن لديه خطط عملياتية قبل توغّله البري، وأنّه تقريبا يجد قرب كل شجرة في غزة فتحة نفق، يخرج منها عناصر تُجهز على القوات.
وأضاف التقرير، نقلا عن مصادر عسكرية إسرائيلية:
عادة يشرع الجيش في حملات تعتمد على خطط عملياتية محفوظة في الدرج، ويتم تعديلها أو التدرّب عليها بشكل دوري استجابةً للتغيّرات.
ولم تكن هناك خطة على الإطلاق لهذا التوغّل البري، خاصّة عمقه، فقد تم بناؤه من الصفر خلال الأسابيع الثلاثة التي أعقبت هجوم 7 أكتوبر.
القيادة في إسرائيل لم تتوقّع أن تمتد العمليات إلى أعماق معقل "حماس"، والآن يسير جنود الجيش على أراضي غزة في أماكن لم يكن قد عمل فيها حتى قبل فك الارتباط عن غزة عام 2005.
قوات الجيش عملت في الأيام الأخيرة في بساتين الزيتون بالجزء الشرقي من حيَّي الدرج والتفاح، آخر معاقل "حماس" المتبقية في شمال غزة، ومسحوا الأرض بعناية، ووجدوا تحت كل شجرة تقريبا مدخلا إلى نفق "حماس" أو حفرة لإطلاق الصواريخ.
من المتوقّع أن تستغرق العملية في تلك الأحياء بضعة أيام أخرى، وربما أسابيع، حتى يتم تحقيق السيطرة العملياتية وتوجيه ضربة قوية لحماس.
خطة ما بعد يناير
عن خطة الجيش الإسرائيلي القادمة للحد من هذه الخسائر وتحقيق انتصار، يواصل التقرير:
يستكشف الجيش بدائل جديدة لمواصلة الهجوم البري خلال الأشهر المقبلة، وفي التقديرات أن التوغّل لن ينتهي في يناير، بل سينتقل إلى الغارات.
هدف الجيش الإسرائيلي في غزة تطهير 70% من أراضي العدو، مثل الأحياء أو البلدات، والخبراء يكتشفون معظم الأنفاق ومخابئ الذخيرة الضخمة في أثناء الحركة.
نسبة الـ30% التي سيتم التنازُل عنها من "أراضي العدو" ستترك للغارات لتعزيز الإنجازات العملياتية طوال عام 2024.
في الوقت الحالي، بلغ حجم الأراضي التي تنتشر فيها فرق الجيش الإسرائيلي ذروته من بيت حانون وبيت لاهيا في الشمال، إلى الضواحي الواقعة بين خان يونس ورفح جنوبا.
لن يتوقّف التوغّل بنهاية يناير المقبل، إذ سيتغيَّر الشكل فقط، وسيتم اتخاذ قرار بشأن استمرار العملية في غضون أسابيع قليلة.
في هذه الأثناء، هناك المزيد من الاحتكاكات والمواجهات كل يوم؛ لذا فإن هجوم الجيش موحّد من اتجاهات متعدّدة ومع عدة ألوية.
النّفَس الطويل
يُعلّق الخبير العسكري، جمال الرفاعي، على كلام المصادر العسكرية الإسرائيلية، قائلا لموقع "سكاي نيوز عربية":
حلفاء إسرائيل في أوروبا والولايات المتحدة حذّروها من خطر التوغل البري في غزة، لكنها لم تستمع إلى أحد.
"حماس" استطاعت، خلال 20 عاما من سيطرتها على غزة، أن تكوّن دولة في الظلام تحت الأرض لم يستطِع أحد اختراقها أو معرفة تفاصيلها.
حجم الاستعداد الذي ظهرت به "حماس" يقول إنها دبّرت هجوم 7 أكتوبر منذ سنوات، وليس منذ عام.
ولذا، فإن التوغّل البري كان بمثابة مصيدة محكمة الغلق على جنود الاحتلال، وأشكك في الأرقام المعلنة لضحايا الجيش الإسرائيلي، وبعد الحرب ستظهر الحقيقة.
إسرائيل ستخرج من القطاع دون تحقيق مكاسب حقيقية، وكل الأهداف المعلنة بعد نحو 3 أشهر من الحرب لم يتحقّق منها شيء.
هذه المعركة يفوز بها أصحاب النفس الطويل، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، دفع بالجيش إلى التهلكة؛ لتحقيق انتصار يُنقذ مستقبله السياسي، لكن أزمته الداخلية تفاقمت بعد التوغّل البري.
غزة ومناطق تمركز حزب الله ستكون متاهةً بالنسبة إلى إسرائيل؛ لأنهم (الجماعات المسلحة في المنطقتين) يسيطرون على أراضٍ صالحة بقوّة لحرب العصابات، والجيش الإسرائيلي غير متمرِّس فيها، ودائما في مثل هذه المواجهات يخرج بخُفَّي حُنين، وتكون خسائره فادحة.
وعلى هذا، لا بديل عن التفاوض السياسي، وإذا طالت الحرب سيتعرّض الجيش الإسرائيلي لهزيمة مذلّة، ولن يظهر منتصرا إلا بتحرير الأسرى والقضاء على "حماس" وقتل السنوار، قائد حركة حماس في غزة، أو أسره.