أخبار اليوم - صفوت الحنيني - في الوقت الذي تتوقف فيه العدوان على قطاع غزة بفعل الهدنة المتفق عليها بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال، بات من الواضح أن الضفة الغربية تدفع ثمن ما يحصل في القطاع.
الوضع العام في الضفة أصبح صعبا على الأصعدة جميعها، لعل أبرزها الوضع الاقتصادي والسياسي الذي أخذ منحنى أكثر خطورة منذ السابع من أكتوبر.
المحلل السياسي الفلسطيني سليمان بشارات قال ل "أخبار اليوم" إن قوات الاحتلال أصبحت أكثر وحشية بتعاملها مع الفلسطينيين ملخص ذلك بمظاهر عدة منها حالات الإغلاق شبه الكامل من خلال إقامة الحواجز العسكرية وإغلاق الطرق الرابطة ما بين المدن والمحافظات وتحويلها لشبه مناطق معزولة.
وأضاف بشارات أن من تلك المظاهر أيضا تصاعد اعتداءات المستوطنين سواء من خلال استهداف السيارات والمحال التجارية للمواطنين الفلسطينيين، أو من خلال عمليات إطلاق النار المباشرة التي أسفرت عن استشهاد 8 فلسطين برصاص المستوطنين خلال قطف الزيتون.
وأكمل بشارات حديثة بشأن ما تقوم به قوات الاحتلال من وحشية التعامل، مشيرا إلى أن تصاعد استهداف المخيمات الفلسطينية بالتحديد في شمال الضفة (جنين، طولكرم، نابلس) ولأول مرة يستخدم الاحتلال عمليات القصف من الطائرات الحربية منذ عام 2005 التي أدت إلى استشهاد العديد من الفلسطينيين بهذا القصف، وهذا يدلل على أن الاحتلال معنى في إظهار حالة القوة العنيفة في استهداف الفلسطينيين، لا سيما تعزيز حملات الاعتقال اليومي حيث اعتقل ما يزيد عن 3 آلاف فلسطيني منذ السابع من أكتوبر، غالبيتهم حُوِّلُوا للاعتقال الإداري، وتعرضوا للضرب والشتم والإهانة خلال عمليات الاعتقال.
البشارات بين أن الخنق الاقتصادي للضفة الغربية، ومنع العمال من العمل داخل الأراضي المحتلة عام 48، ومصادرة أموال المقاصة الفلسطينية؛ مما جعل السلطة الفلسطينية تقع في عجز مالي لم يمكنها من صرف رواتب الموظفين للشهر الثاني على التوالي، معتبرا إياه الوتر الحساس التي تحاول قوات الاحتلال الانتقام من الفلسطينيين من خلاله.
بشارات ختم حديثه مدللا على زيادة تنفيذ عمليات هدم المنازل بالضفة تحت ذرائع مختلفة، إضافة لتدمير البنية التحتية للمخيمات الفلسطينية عبر استقدام الجرافات خلال عمليات الاقتحام.
أما في النواحي الاقتصادية، فقد قال الخبير الاقتصادي حسام عايش في حديثه ل "أخبار اليوم" أن الضفة الغربية المتأثر أكثر نتيجة هذه الحرب الإسرائيلية على غزة، لعل أبرزها وجود 18 ألف عامل من غزة يعملون داخل الأراضي المحتلة يجنون ما يقارب 2.5 مليون دولار يوميا، وأن ما بين 165 ألفا إلى 200 ألف فلسطيني يعملون داخل أراض ال 48 بعائد مالي يتراوح ما بين ال100 إلى 130 دولارا، والتي أصبحت متوقفة منذ بداية الحرب؛ مما قلل من إنفاق عوائل الفلسطينيين الأمر الذي رفع معدل البطالة لمؤشر خطير.
وأوضح عايش أن ارتفاع مستوى البطالة لدى الفلسطينيين يزيد مؤشر الفقر بسبب عدم الإنفاق في كافة القطاعات الاقتصادية، مبينا على أن "إسرائيل" تتحكم بالأموال المخصصة للسلطة الفلسطينية، والتي تتعلق بالجمارك على السلع والمنتجات التي تدخل الأراضي الفلسطينية من خلال المواني التابعة للاحتلال التي تعتبر ورقة ضغط تمارسها حكومة الاحتلال الأمر الذي يؤثر في رواتب العاملين في السلطة الفلسطينية.
وتطرق عايش إلى كافة القطاعات الاقتصادية منها النقل والزراعة والصناعة، معتبرا أن قطاع النقل من أبرز القطاعات التي من شأنها أن تؤثر في حركة وتنقل العمال وحرمانهم من الذهاب لأعمالهم؛ مما أثر في إنتاجية القطاع العام والخاص، لافتا إلى أن "إسرائيل" تسعى دائما لفصل الضفة الغربية عن محيطها العربي وبالذات الأردني وهناك عرقلة مستمرة للتعامل الاقتصادي بين البلدين، خصوصا الصادرات خشية أن يحل المنتج الأردني محل المنتج التابع للاحتلال الذي يجني ما قيمته 4 إلى 5 مليارات دولار سنويا بفعل انتشاره في أراضي الضفة الغربية.
وختم عايش حديثه أن الأوضاع الاقتصادية في الضفة لا تأخذ بمعزل عن نتائجها السياسية والأمنية على الأوضاع في المنطقة، والتي من الممكن أن تدفع الكثير لمقاومة الاحتلال، موضحا على أن فلسطين ستندفع الثمن الاقتصادي والبشري، وهذا ما يؤكد أهمية القضية، وعلى أن كلفة التخلص من الاحتلال كلفة مرتفعة.