أخبار اليوم - تحاط "وحدة الظل" بكثير من التكتم، حيث تحافظ على سريتها كتائب الشهيد عز الدين القسام (الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية "حماس") لحساسية المهمة التي تأسست من أجلها، وهي "تأمين الأسرى الإسرائيليين" في غزة وإبقاؤهم في "دائرة المجهول"، لضمان عمليات تبادل أسرى ناجحة مع دولة الاحتلال.
توكل مهمة الإشراف على الوحدة إلى القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف، وقد كشف النقاب عن وجودها لأول مرة بعد مرور 10 أعوام على تأسيسها في عام 2016، بعد تولي مهمة تأمين الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط التي انتهت بصفقة تبادل أسرى ناجحة.
ومنذ ذلك الحين لم يسمع أحد شيئا عن هذه الوحدة حتى أعلن المتحدث باسم كتائب القسام المكنى بـ"أبو عبيدة" نهاية يوليو/تموز 2022 عن استشهاد أحد أعضاء "وحدة الظل" وإصابة 3 آخرين جراء استهداف إسرائيل أحد أماكن احتجاز جندي إسرائيلي أسير خلال الحرب الإسرائيلية على غزة في مايو/أيار 2021.
النشأة والتأسيس
تأسست وحدة الظل بعدما تمكنت كتائب القسام بمشاركة "لجان المقاومة الشعبية" و"جيش الإسلام" من خطف شاليط في يونيو/حزيران 2006، حيث أسندوا لها مهمة تأمين الجندي الأسير، لتصبح واحدة من أهم الوحدات العسكرية في كتائب القسام وأكثرها سرية.
وظلت هذه الوحدة -التي توصف بأنها "وحدة مهام خاصة"- سرية حتى مطلع العام 2016، حيث تم الكشف عنها من خلال مقطع فيديو قصير بثته قناة الأقصى الفضائية التابعة لحركة حماس في غزة.
أبرز المحطات
تمكنت الوحدة من إخفاء الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط عن أعين الموساد وعملائه لنحو 5 أعوام، حتى أجبرت المقاومة دولة الاحتلال على الرضوخ لمطالبها بإنجاز صفقة تبادل "وفاء الأحرار" المعروفة شعبيا بـ"صفقة شاليط"، وتحرر على إثرها 1050 أسيرا وأسيرة من سجون الاحتلال.
ثم أوكلت لها مهمة احتجاز 4 أسرى إسرائيليين منذ عام 2014، بينهما جنديان أسرتهما كتائب القسام خلال الحرب الإسرائيلية الثالثة على غزة عام 2014، وتسميها المقاومة "معركة العصف المأكول"، إضافة إلى اثنين آخرين دخلا غزة في ظروف غامضة ووقعا في "قبضة القسام".
ويحتل ملف الأسرى في سجون الاحتلال مكانة خاصة لدى كتائب القسام التي تعتبر تحريرهم "أولوية" بالنسبة لها، وتقول إن وحدة الظل "تأسست في الأصل لاعتبارات عملياتية في إطار مهمة كسر قيود الأسرى الفلسطينيين في سجون العدو"، وتؤكد أن عملها لن ينتهي إلا بعد "تبييض سجون الاحتلال من الأسرى".
يقوم مبدأ معاملة الأسرى في هذه الوحدة -كما أعلنت "كتائب القسام"- على "معاملة أسرى العدو بكرامة واحترام وفق أحكام الإسلام، وتوفير الرعاية التامة لهم، المادية والمعنوية، مع الأخذ بعين الاعتبار معاملة العدو للأسرى المجاهدين".
بعد معركة "طوفان الأقصى" التي شنتها المقاومة على إسرائيل يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كان لهذه الوحدة دور في حراسة وتأمين ما بين 200 إلى 250 أسيرا إسرائيليا والعناية بهم.
وقالت يوخباد ليفشيتس، الأسيرة الإسرائيلية المفرج عنها لأسباب إنسانية بعد 15 يوما من أسرها، إنها لقيت والأسرى الآخرين معاملة جيدة، وكان هناك ممرض يعالج المصابين، وطبيب يأتي كل يومين لفحص الأسرى.
وأضافت أنه كانت هناك نساء يعتنين بالأسيرات لأنهن أعرف بحاجاتهن، وأن كتائب القسام اهتمت جيدا بالنظافة وبصحة الأسرى.
معايير اختيار الأعضاء
تقول المقاومة إن آلية اختيار أعضاء وحدة الظل ومواصفاتهم تتم بعناية فائقة من كافة الألوية والتشكيلات القتالية لكتائب القسام وفق معايير دقيقة وصفتها بـ"ميزان من ذهب"، حيث يتم إخضاعهم لاختبارات عدة مباشرة وغير مباشرة، ويخضعون لتدريبات خاصة لرفع قدراتهم الأمنية والعسكرية.
وتتلخص هذه المعايير والمواصفات بالتالي:
يتمتع بانتماء عميق للقضية الفلسطينية ومشروع المقاومة.
رغبة عالية في التضحية والفداء.
قدر عال من الذكاء وحسن التصرف في أوقات الأزمات والطوارئ.
قدرة عالية على استشعار المخاطر.
شخصية تتمتع بالسرية والكتمان وكراهية الثرثرة.
يتمتع بقدرات أمنية وعسكرية بمواصفات فريدة.
الشهداء
قضى 5 شهداء عملوا في الوحدة خلال استهدافات إسرائيلية متفرقة منذ عام 2008، ولم يعلم أحد بالمهام التي كانوا مكلفين بها إلا بعد كشف كتائب القسام عنهم، حيث قالت إنهم "كانوا على ارتباط وثيق بعملية إخفاء شاليط واحتجازه لـ5 سنوات".
وأضافت "خلف ستار العتمة جهادهم، وبين الناس يعيشون حياتهم الطبيعية، فلا تشعر بأنهم يخفون أو يحفظون سرا خلفهم، وهم من ألحقوا الهزائم تواليا بأجهزة الأمن الصهيونية بمختلف مسمياتها بعدما وقفت عاجزة أمام العثور على أسيرها (شاليط).. هم أبطال وحدة الظل القسامية"، وهم القادة الميدانيون:
سامي الحمايدة
ولد في 18 يناير/كانون الثاني 1975 لأسرة لاجئة تعود جذورها الأصلية إلى مدينة الرملة المحتلة، وسكنت مخيم الشابورة للاجئين في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، وكان إلى جانب عضويته في "وحدة الظل" عضوا في "وحدة مكافحة الإرهاب" المتخصصة في حفر الأنفاق حتى استشهد عام 2008 بعملية اغتيال نفذتها طائرة حربية إسرائيلية.
عبد الله لبد
ولد عام 1968 في مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة بعد أن هجّر أهله من مدينة المجدل إبان النكبة عام 1948، وانضم مع بداية انتفاضة الأقصى عام 2000 إلى كتائب القسام، وبرز دوره في جهاز التصنيع، واستشهد برفقة شقيقه إسماعيل والشهيد محمد الداية في قصف جوي إسرائيلي عام 2011.
خالد أبو بكرة
سكن مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، تعود جذور عائلته إلى مدينة بئر السبع المحتلة، شارك في زرع العبوات وحفر الأنفاق، وفي ليلة الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2013 وداخل أحد أنفاق كتائب القسام استشهد برفقة محمد رشيد داود ومحمد عصام القصاص بعد اشتباك خاضوه مع قوة إسرائيلية في عملية أطلقت عليها الكتائب "بوابة المجهول".
محمد رشيد داود
ولد عام 1987 في حي الأمل بمدينة خان يونس، ونشط في "وحدة المدفعية" التابعة لكتائب القسام، واستشهد في عملية "بوابة المجهول".
عبد الرحمن المباشر
ولد في مخيم خان يونس للاجئين، وارتقى شهيدا عام 2015 إثر انهيار نفق للمقاومة.
وقررت كتائب القسام الاحتفاظ باسم آخر شهداء وحدة الظل "لأسباب أمنية"، مكتفية بكشف أنه قتل في الحرب الإسرائيلية على غزة في مايو/أيار 2021.