أخبار اليوم - صفوت الحبيني - ألقت الأحداث الجارية في المنطقة بظلالها على الاقتصاد الأردني، لعل أبرزها العدوان الذي تشنه قوات الاحتلال على قطاع غزة المستمر منذ السابع من أكتوبر الماضي.
اقتصاديون أردنيون أجمعوا على أن الاقتصاد المحلي، كان قد تأثر بالتوترات على مستوى العالم كالحرب الروسية الأوكرانية، ناهيك عن الكثير من حالة عدم اليقين بأسعار الطاقة والغذاء.
الخبير الاقتصادي حسام عايش قال في حديثه ل "أخبار اليوم" إن العديد من القطاعات كانت قد تأثرت وما تزال بسبب الحرب على غزة، منها القطاع السياحي والخدمات والعقارات والعديد من الجوانب التي أثرت بشكل واضح على الاقتصاد الأردني.
وأوضح عايش أن هذه العوامل أنجبت حالة من الترقب عند المواطنين، والذي تسبب بتراجع الإنفاق على سلع وخدمات كانت بمثابة المكملات والاكتفاء بالحاجات الأساسية فيما يتعلق بقطاع الغذاء، مشيرا إلى أن حركة النقل قد انخفضت؛ نظرا لتراجع الإنفاق على المشتقات النفطية.
العقارات وتراجع ملحوظ
أما في ما يخص قطاع العقارات، فقد لفت عايش، أن القطاع شهد تراجعا ملحوظا في شهر أيلول على وجه الخصوص بعد أن شهد انخفاضا بمقدار 22% بالمقارنة مع شهر آب، الأمر ينطبق أيضا على الأشهر التسعة الأولى من العام حيث شهد القطاع تراجعا ملموسا من حيث بيع العقارات لغير الأردنيين حيث انخفضت بنسبة 18% بدلا من انخفاض الإيرادات الحكومية بنسبة 2% وبشهر أيلول تحديدا كانت قد تراجعت بنسبة 16%.
السياحة وإنجاز كاد أن يتحقق
وأكمل عايش حديثه متطرقا لقطاع السياحة الذي شهد هو أيضا تراجعا واضحا؛ بسبب إلغاء الرحلات التي وصلت نسبتها ما يقارب ال60% علما بأن السياحة في الأشهر التسعة الأولى من العام كانت قد ساوت بالضبط بإيراداتها إيرادات العام 2019 بأكمله، والتي وصلت قيمتها إلى 4 مليارات دينار لافتا إلى أن كان من المفترض أن يحقق قطاع السياحة إنجازا كبيرا في الربع الأخيرة من العام لولا الأحداث الجارية.
إنفاق المواطنين في ثلاثة اتجاهات
وبين عايش في حدثه أن إنفاق المواطنين بات يتوزع إلى ثلاثة اتجاهات، وهي الإنفاق على الحاجات الأساسية ومقاطعة بعض السلع، أو تبحث عن السلع البديلة بسبب الدافع الوطني والإنساني الذي يدفعها للمقاطعة فيما رأى أن الاتجاه الثالث، والذي جاء من خلال تجارب سابقة وهي الاحتفاظ بسيولة مستمرة لديهم وتقليل الإنفاق خوفا من التطورات اللاحقة.
البنك الدولي وتصنيف الأردن
وتحدث عايش فيما يخص تصنيف المملكة التي وضعه البنك الدولي، مبينا على أنه غُيِّر التصنيف الخاص في الأردن من مستوى دخل متوسط إلى منخفض بالنظر إلى تراجع معدل دخل الفرد، وهذا يعني أن الإجراءات التي من المفترض أن تقوم بها الحكومة وهي أن تلامس هذا التراجع، وأن تؤثر فيه بمستوى دخل الفرد من خلال تخفيض الضريبة على المشتقات النفطية وتخفيض أيضا ضريبة المبيعات
حلول حكومية
وتطرق الخبير الاقتصادي عايش إلى أنه يجب أن يكون هنالك تدخل حكومي لوضع الحلول المناسبة لعبور تلك القطاعات لبر الأمان، مبينا أن بعض تلك القطاعات بدأ بالتراجع وبعضها بدأ في التحسن، قطاعي العقارات والسياحة اللذين يعتبران من أهم ركائز الاقتصاد الأردني.
وأشار إلى أنه آن الأوان بأن يكون للحكومة خطط بديلة، ووضع برامج ليُعْمَل بها، ومن الواجب أن لا نتعامل مع الأحداث على أنها أحداث طارئة، وإنما التعامل معها على أنها أحداث يمكن أن تحصل في الأوقات كلهم.
وبشأن تنشيط السوق في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام، قال إن على الحكومة أن تخفض ضريبة المبيعات على سلع وخدمات يمكن للناس الإقبال عليها، حتى لو لم تكن من ضمن احتياجاتهم الأساسية هذا أولا، ثانيا يجب التوجه مجددا لتخفيض الرسوم وغيرها من الضرائب على القطاع العقاري نظرا بأنه كان يعاني قبل حرب غزة الجارية، وجاءت لكي تؤكدها، ثالثا على الحكومة أن تخفض الرسوم والضرائب على ما يدفع المواطنين للإنفاق.
الخبير الاقتصادي زيان زوانة في حديثه ل "أخبار اليوم" قال إن تأثر الاقتصاد الأردني بالعدوان الغربي الإسرائيلي على غزة يرتبط بطول أمد الحرب، وقد كان للحرب تأثيرات فورية من عدة جوانب، كما رأينا في قطاع السياحة بسلسلته الطويلة من نقل وفندقه ومطاعم.
وأشار زوانة أن هنالك تراجعا واضحا على الطلب المحلي حيث تراجع الاستهلاك الداخلي على كل القطاعات ومثلهما التصدير، مما سيؤثر في إيرادات الخزينة من الضرائب، مبيعات ومحروقات بالتراجع، كما ستتأثر احتياطيات العملة الأجنبية بسبب تراجع تدفقاتها من التصدير والسياحة.
وأوضح زوانة تدفقات الاستثمار الداخلي والخارجي ستتأثر بشكل سلبي، في الوقت الحالي والأشهر القادمة إذا طال أمد الحرب.
وختم حديثه لافتا أن الآثار السلبية باتت تمس الخزينة العامة للدولة، في حين أنها تمس أيضا القطاع الخاص، مما يستوجب قيام الحكومة بوضع خطة طوارئ مرنة، تعتمد في قراراتها على عمق الأثر القطاعي وطول فترة الحرب.