سهم محمد العبادي
بهذا العنوان الكبير الذي يتضمن رسائل أردنية عميقة وصريحة واضحة من القيادة والشعب للمنطقة والعالم، كان حديث جلالة الملك في خطاب العرش يوم أمس خلال افتتاح الدورة العادية لمجلس الأمة.
هذا العنوان ليس طارئا أو وقتيا على السياسة الأردنية، فهو عقيدة ثابتة لدى الأردن قيادة وشعبا منذ الأزل، ففلسطين وأرضها وشعبها كانت الأولوية العليا لدى الهاشميين وقدموا الأرواح والغالي والنفيس لنصرتها.
الأردنيون كانت مواقفهم دوما تجاه فلسطين وأهلها ثابتة، رغم كيد الكائدين، فالتاريخ شاهد على معارك ميشع المؤابي وصولا إلى ثورة الهية وإعدام أبناء الكرك في القدس عام 1835، وصولا إلى تسليح العشائر لأبنائها وإرسالهم للقتال في فلسطين في ثلاثينيات القرن الماضي، وبطولات الجيش العربي الأردني في عام 1948 وصولا إلى سنوات طويلة من المعارك خلفت آلاف الشهداء ووصولا إلى معركة الكرامة الخالدة وتحطيم صورة الجيش الذي لا يقهر بعد ثمانية شهور من هزيمة 1967 رغم نقص العدة والعتاد، ولكن الرجال الأسود كان زئيرهم في الميدان وصنعوا النصر بقيادة البطل مشهور حديثة الجازي- رحمه الله-.
الهاشميون هم الأوصياء الأوفياء على المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين على مر التاريخ، تشهد لهم بذلك المواقف، وقد حملوا ملف فلسطين برمته إلى العالم حتى اللحظة، ودفع الأردن ثمن هذه المواقف الكثير سياسيا واقتصاديا، لكنه لم يتراجع عن هذه المبادئ والقيم العروبية.
حديث جلالة الملك أمس أمام مجلس الأمة يتطلب الوقوف عنده كثيرا، فقد وضع جلالته الحكومة والأعيان والنواب والشعب بأكمله كلا أمام مسؤولياته في بناء الأردن العظيم، وتعظيم الإنجاز والمشاركة به من كل فئات وشرائح المجتمع.
ومن ضمن العبارات التي استوقفني في حديث الملك، مصطلح الحاقدين، وهذا المصطلح دلالة على وجود فئة بسواد النوايا سواء على الساحة المحلية أو من الخارج مهمتها التشكيك بكل ما هو أردني، سواء من مواقف الدولة أو منجزاتها أو حتى سياساتها، وكل شأنهم هو "تكسير المجاديف" وكأننا بحاجة لمن يدلنا على طريق الصواب رغم قدرتنا على قيادة المنطقة بأكملها، إضافة إلى دور الأردن المحوري الذي لا يمكن القفز عنه سواء من الدول أو بعض الجهات ذات الولاءات المتعددة، وهنا لدي سؤال أوجهه إلى أركان الدولة برمتها، لماذا يتم السكوت عن هؤلاء الحاقدين؟ ولماذا يزاود بعضهم على خطاب الدولة الأردنية ومواقفها؟ واترك الإجابة لكم.
أما على الأرض فنحن أمامنا عمل مهم في خدمة الأردن العظيم، من خلال تطبيق منظومة التحديث الشامل السياسي، الاقتصادي والإداري، الذي لا بد من أن يكون المواطن الأردني شريكا أساسيا به كي تنجح، ولا بد من أن يلمس الجميع هذا النجاح في كافة مناحي الحياة، ولا بد من إعادة إنتاج النخب القادرة على ذلك خصوصا من فئة الشباب.
خطاب الملك، بالأمس، خارطة طريقة فيها مواقفنا الثابتة محليا وخارجيا، وفيها رؤى ملكية لأجل الأردن المزدهر والمشرق، ولا بد من العمل ترجمتها على أرض الواقع، ونحن على أبواب انتخابات نيابية مقبلة، ولا بد من أن نكون نحن من يصنع المستقبل لا أن ننتظر من يصنعه لنا، ورسالتنا إلى جلالة الملك هي أننا سنعبر معك الدرب والصعب حتى تتحقق كل أماني الوطن والحفاظ على الثوابت والقيم الأردنية الوطنية النبيلة.