أظهرت دراسة جديدة أن تناول كميات كبيرة من الأطعمة والمشروبات فائقة المعالجة، خاصة إذا كانت محلّاة صناعيًا، قد تكون مرتبطة بتطور الاكتئاب.
وقال غونتر كوهنلي، أستاذ علوم الغذاء والتغذية بجامعة "ريدينغ" بالمملكة المتحدة، وهو لم يشارك في الدراسة، ببيان: "تشير الدراسة إلى وجود علاقة بين استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة والاكتئاب، مع زيادة خطر الإصابة بالاكتئاب بحوالي 50% بالنسبة لأولئك الذين يستهلكون 9 حصص (يوميًا) أو أكثر مقارنة بأولئك الذين يستهلكون 4 حصص أو أقل".
وتشمل الأطعمة فائقة المعالجة الحساء الجاهز، والصلصات، والبيتزا المجمدة، والوجبات الجاهزة للأكل، والنقانق، والبطاطس المقلية، والمشروبات الغازية، والبسكويت الذي يتم شراؤه من المتجر، والكعك، والحلويات، والمثلجات، بالإضافة إلى العديد من الأطعمة والمشروبات التي تحتوي على المُحليات الصناعية.
وأوضح الدكتور أندرو تي تشان، المؤلف المشارك في الدراسة، ورئيس وحدة علم الأوبئة السريرية والانتقالية في مستشفى "ماساتشوستس" العام في مدينة بوسطن الأمريكية: "ركزت دراستنا على العلاقة بين الأطعمة ومخاطرها في الإصابة بالاكتئاب".
وتابع: "يمكن أن تُساهم الأطعمة فائقة المعالجة في تفاقم حالة الأفراد الذين يعانون من الاكتئاب المزمن".
ولاحظ الباحثون أن الأطعمة فائقة المعالجة، والتي تحتوي على المحليات الصناعية تحديدًا، قد ارتبطت بزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب بين الأشخاص الذين شملتهم الدراسة، والذين كانوا جميعًا من النساء.
وأوضح كوهنلي: "هذه نتيجة مثيرة للاهتمام.. وتشير إلى أن الرابط الذي يجمع الأطعمة فائقة المعالجة والاكتئاب يتمثل بالمحليات الصناعية".
ما هو الرابط؟
وقال تشان إن هناك صلة معروفة بين الأطعمة فائقة المعالجة والالتهابات المزمنة.
والالتهاب هو السبب الجذري للعديد من الأمراض المزمنة.
وعلى سبيل المثال، ربطت الدراسات بين الأطعمة فائقة المعالجة وسرطان القولون والمستقيم لدى الرجال، وأمراض القلب والوفاة المبكرة عند الرجال والنساء.
وكشفت دراسة أُجريت في عام 2014 عن وجود صلة بين المشروبات الغازية الدايت ومشروبات الفاكهة الدايت والاكتئاب.
وأظهرت الدراسة أن الأشخاص الذين استخدموا المحليات الصناعية في القهوة والشاي كانوا أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب.
وهناك رابط للخرف أيضًا.
وإذا كان أكثر من 20% من السعرات الحرارية اليومية للفرد تأتي من الأطعمة فائقة المعالجة، فإن خطر التدهور المعرفي يرتفع بنحو 28%، وفقًا لدراسة أجريت في عام 2022.
وأوضح تشان: "هناك أيضًا صلة بين الأطعمة فائقة المعالجة وتعطيل ميكروبيوم الأمعاء".
وتابع: "توجد أدلة ناشئة على أن الميكروبات الموجودة في الأمعاء مرتبطة بالمزاج من خلال دورها في إنتاج بروتينات نشطة في الدماغ".
ونُشرت الدراسة، يوم الأربعاء، في مجلة "JAMA Network Open".
وفحصت النظام الغذائي لحوالي 32 ألف امرأة في منتصف العمر. ولم تشمل الدراسة أي رجال، لذلك لا يمكن تعميم النتائج، نقلا عن سي ان ان.
وتقوم الدراسة على الملاحظة، ما يعني أن الباحثين لا يستطيعون سوى العثور على رابط بين بداية الاكتئاب وتناول الأطعمة فائقة المعالجة.
وأشار الدكتور بول كيدويل، استشاري الطب النفسي وزميل في الكلية الملكية للأطباء النفسيين، إلى أنه من الصعب فصل أي تأثير للنظام الغذائي على خطر الاكتئاب مقارنة بعوامل الخطر المعروفة الأخرى، مثل التاريخ العائلي للاكتئاب، وارتفاع مستويات التوتر، وعدم وجود شبكة اجتماعية داعمة.
وتحكم الباحثون في عدد من الأسباب المحتملة الأخرى للاكتئاب، مثل العمر، ومؤشر كتلة الجسم (BMI)، وإجمالي السعرات الحرارية، والعلاج الهرموني بعد انقطاع الطمث، واستهلاك الكحول، ومدة النوم، وأمراض أخرى، مثل مرض السكري وارتفاع ضغط الدم.
وقال كيث فراين، وهو أستاذ فخري للأيض البشري بجامعة أكسفورد، في بيان: "قائمة العوامل المرتبطة باستهلاك UPF، مثل زيادة مؤشر كتلة الجسم، والتدخين، وقلة ممارسة التمارين الرياضية، تؤكد على عدد العوامل المربكة التي قد تكون موجودة".
وتابع: "مع ذلك، تبرز العلاقة بين المحليات الصناعية والاكتئاب بشكل واضح".
وأوضح فراين: "هذا يزيد من المخاوف بشأن المحليات الصناعية وصحة القلب والأوعية الدموية.. وارتباطها بالاكتئاب يحتاج إلى تأكيد ومزيد من البحث لاقتراح كيفية حدوثه".