كيف تحوّلت استشارات "غوغل" الطبية إلى وهم قاتل؟

mainThumb

25-09-2023 09:53 AM

printIcon

يعتمد العديد من الأشخاص في تشخيص أمراضهم على محرك البحث غوغل كمرجع طبي تشخيصي، وليس تثقيفياً توعوياً، ويتفاقم الموضوع عند الكثيرين لأن يصل إلى ما يدعى بـ"الوهم المرضي"، الذي يبعث طاقة سلبية وتوتراً شديداً لدى المريض، ويؤثر على سلوكه وأداء مهامه اليومية.

وصارت الرواشدة لو عانت الصداع على سبيل المثال، تتوجه للبحث على شبكة غوغل، ما هي أسباب الصداع، وكما تتحدث "كنت أعتمد في تشخيص حالتي، على ما هو منشور في مواقع التواصل الاجتماعي".
وتكمل "إن كان التشخيص سيئاً، تتأثر حالتي النفسية وتصيبني الأعراض التي أقرأها، مثل الغثيان أو الإعياء العام وغيره، ثم أدركت أن الموضوع حالة نفسية ليس أكثر".
وتستفيض ساجدة في حديثها لـ 24 موضحة الحالة التي مرت بها "عشت تجربة نفسية سيئة، ما ولّد لدي حالة من التوتر الشديد، وصلت لتسارع دقات القلب وغيرها من الأعراض السيئة، لأنني كلما عانيت من ألم معين أتوجه لغوغل، ما يضاعف سوء حالتي الصحية".

الامتناع عن استخدام غوغل
وتضيف ساجدة "وصلت حالتي لأن أزور طبيباً حتى أتأكد من عدم إصابتي بالأمراض التي قرأت أعراضها، وآخر مرحلة كانت زيارتي لطبيب أعصاب"، حينها تم منعي تماماً من البحث عن الأمراض عبر شبكة غوغل، "لأنه بنسبة قليلة جداً احتمالية أن الإنسان يصادف مرضاً على جوجل هو مصاب به".
وتستأنف حديثها بأسف "أخبرني الطبيب أنه حتى كتابة اسم المرض وإن كان الإنسان مصاباً به، غير كفيلة بتشخيصه بطريقة صحيحة، لأن المعلومات الصحية الموجودة على شبكة الإنترنت عامة جداً".
الدكتور في الطب والجراحة العامة أحمد بني ملحم يوضح لـ 24 قائلاً: "الهدف الرئيسي من المقالات الطبية الموجودة على شبكات التواصل الاجتماعي، لتشخيص الحالة المرضية، وتسليط الضوء على الأعراض التي يعاني منها المريض ليس أكثر".

الطب.. أكثر من مقال صحي
ويتحدث بني ملحم مستغرباً "أتعجب من الناس التي تتجه لغوغل لتشخيص حالتها المرضية، تشخيص الحالة المرضية للمريض يستوجب صوراً إشعاعية دقيقة وفحوصات للدم"، القضية برأي بني ملحم "أعمق من مقال منشور في موقع صحي".
ويرى أن المتأثرين بالمحتوى الصحي المنشور على شبكات التواصل الاجتماعي كثر "ويقرنون أعراض إصابتهم بالصداع على سبيل المثال، والتي قد يكون سببها أرقاً أو توتراً، بأعراض السرطان والأورام الخبيثة، التي تتشابه فيها نفس الأعراض"، ويصفه "بسوء استخدام المعلومات الصحية".

الأعراض واحدة في غوغل.. التشخيص يختلف
ويستذكر بني ملحم تجربته مع أحد مرضاه ويقول: "زارتني حالة مرضية من عدة أيام، وكانت تعاني من عارض بسيط وهو ارتفاع ضغط الدم، قمت بتشخيصها ووصف العلاج المناسب لها، ثم تبعتها حالة تعاني نفس العارض، إلا أن تشخيصها جلطة دماغية".
ويضيف بني ملحم "في هذه الحالة تشابه أعراض، واختلاف في التشخيص"، وفي حال بحثتا كلتا المريضتين على غوغل عن الأعراض ستتشابه نفس الأعراض للحالتين، إلا أن التشخيص مختلف تماماً.
ويلاحظ بني ملحم أن العديد من المرضى يعانون من هذا الوهم المرضي، الذي ينشأ بفعل مواقع التواصل الاجتماعي، والذي يتسبب لهم في إثارة الخوف والهلع.
الاستشاري النفسي والتربوي موسى مطارنة يرى أن أغلب المعلومات الصحية الواردة في منصات التواصل الاجتماعي "غير دقيقة، ولا يجوز اللجوء إليها لتشخيص حالة مرضية".

مصابو الوسواس الأكثر تأثراً
ووفقاً لمطارنة فإن المعلومات الصحية "تنال من الأشخاص الذين يعانون من هواجس ووساوس من الإصابة بالمرض، إذ يقعون في مصيدة تلك المقالات التي تكتفي بكتابة أعراض بسيطة عن أي مرض".
ويكمل "الأثر النفسي الذي تسببه المعلومات الطبية على شبكة الإنترنت يعتبر شديداً، وينتج عنه انعكاسات سلبية في اللاشعور عند الأشخاص الذين لديهم إحساس داخلي هش".
ويشرح مطارنة أن "التفكير الداخلي عن أعراض الإصابة بأي مرض، هو أحاسيس لا شعورية تنعكس على العقل الواعي".
ويستذكر قول الرسول، صلى الله عليه وسلّم: "لا تتمارضوا فتمرضوا فتموتوا"، إذ إن الوهم من المرض مؤذ للصحة النفسية، ويؤدي إلى الموت.
وبحسب مطارنة "تبدأ هذه المشاعر بانتكاسات مرضية، نتيجة للتوهم والوسوسة، التي تبعثها طاقة الأعراض السلبية، ومن ثم تنعكس على النشاط والحيوية وطاقة الإنسان اليومية".