وصل معدل التضخم السنوي في مصر إلى 39.7% في آب/أغسطس، وفق ما أظهرت أرقام رسمية الأحد، وهو مستوى قياسي جديد فيما تعاني البلاد من أزمة اقتصادية خانقة.
وأفاد الجهار المركزي للتعبئة والإحصاء عن ارتفاع سنوي بنسبة 71.9% في أسعار المواد الغذائية، و15.2% في أسعار النقل، و23.6% في أسعار الملابس.
وكان معدل التضخّم السنوي في مصر سجل مستوى قياسيا في حزيران/يونيو حين بلغ 36.8%، مدفوعاً بغلاء أسعار المواد الغذائية.
وشهدت مصر في الأشهر الأخيرة ارتفاعاً في التضخّم، وانخفاضاً في قيمة الجنيه بنسبة 50% تقريباً.
وترزح الدولة التي يبلغ عدد سكانها 105 ملايين نسمة، وهي أكبر مستورد للقمح في العالم، تحت وطأة الحرب بين أوكرانيا وروسيا، الموردَين الرئيسيَين لها في مجال الحبوب.
وتضخّمت ديونها في ظل المشاريع الضخمة للرئيس عبد الفتاح السيسي، ودعم الدولة للعديد من المنتجات والسياسة النقدية لدعم الجنيه المصري.
وتعدّ مصر الآن واحدة من الدول الخمس الأكثر تعرّضاً لخطر التخلّف عن سداد ديونها الخارجية، وفقاً لوكالة "موديز".
وتضاعفت ديون مصر الخارجية بأكثر من ثلاث مرات في العقد الأخير لتصل إلى 165.4 مليار دولار هذا العام، وفقاً لأرقام وزارة التخطيط.
وبعدما اعتمدت لسنوات على دعم من دول الخليج بشكل ودائع في البنك المركزي، تحاول القاهرة بيع أصول للدولة أو إطلاق مشاريع على أراضيها للمستثمرين الخليجيين الذين باتوا يقولون إنهم يريدون "عوائد على الاستثمار".
وانتقد الباحث بالمعهد الإيطالي للشؤون الدولية روبرت سبرينغبورغ النموذج الاقتصادي المصري الذي يعتمد على "التوسع في الاقتراض من أجل مشروعات كبيرة عوائدها الاقتصادية محدودة".
ويأتي مشروع العاصمة الإدارية الجديدة الذي تبلغ كلفته 58 مليار دولار، على رأس هذه المشروعات؛ إذ وصفه الخبراء بأنه "مشروع للتفاخر".
قرض صندوق النقد
منذ العام 2017، حصلت مصر على أربعة قروض من صندوق النقد الدولي؛ لمواجهة النقص في الدولار ودعم الموازنة، لكن ما زالت مؤشرات التعافي من الأزمة الاقتصادية سلبية.
وكان آخر هذه القروض العام الماضي حين وافق الصندوق على قرض بقيمة ثلاثة مليارات دولار حتى يتاح للحكومة المصرية تأمين مصادر تمويل أخرى أبرزها من البلدان الخليجية، وهو ما لم يحدث حتى الآن.
والعام الماضي تكرر سيناريو 2017 مع الجنيه المصري؛ إذ فقد أكثر من نصف قيمته مقابل الدولار الأميركي بقرار من البنك المركزي لالتزام شرط مرونة سعر الصرف الذي وضعه صندوق النقد الدولي لإقراض القاهرة.
وحتى الآن لم يصدر صندوق النقد مراجعته الأولى لبرنامج التمويل والذي كان مقررا في آذار/مارس، وتمنح على أساسه الشريحة الثانية من القرض.
وفي ظل محدودية النقد الأجنبي في البلاد، تراجعت أيضا تحويلات المصريين بالخارج، أكبر مصدر للعملة الصعبة في البلاد، إذ يلجأ العديد إلى السوق الموازية.
وبحسب ما أفادت بيانات البنك المركزي المصري، انخفضت التحويلات، التي وصفها سبيرنغبورغ بأنها مصدر "متقلب" للعملة الأجنبية، بنسبة 26.1% في الفترة بين تموز/يوليو 2022 و آذار/مارس 2023.
وشهد احتياطي القاهرة من النقد الأجنبي ارتفاعا بسيطا ليبلغ 34.9 مليار دولار حتى آب/أغسطس، متضمنا ودائع خليجية بقيمة 28 مليار دولار، علما أنه لا يزال أقل بنحو سبعة مليارات دولار عما كان عليه قبل الحرب الأوكرانية.
أ ف ب