سرّعت فرق الإنقاذ الأحد عملياتها بحثا عن ناجين محتملين وسط الأنقاض التي خلفها زلزال دمر العديد من القرى جنوب مراكش المغربية ليل الجمعة، مخلفا أكثر من ألفي وفاة حسب آخر حصيلة رسمية ليل السبت.
ولا تزال المملكة تحت صدمة الزلزال الأعنف من نوعه، الذي بلغت شدته 7 درجات على مقياس ريختر، حسب ما ذكر المركز الوطني للبحث العلمي والتقني (6.8 حسب هيئة الزلازل الأميركية).
وبلغ تعداد ضحاياه حتى قرابة العاشرة مساء السبت (21:00 ت غ) 2012 وفاة، أكثر من نصفهم في إقليم الحوز (1293) الذي تقع فيه بؤرة الزلزال جنوب مراكش.
ويمتد في معظمه على جبال الأطلس الكبير محتضنا العديد من القرى النائية في الغالب، ما يمكن أن يصعب عمليات الإنقاذ. ومعظم البيوت في تلك القرى تقليدية لا تحترم شروط مقاومة الزلازل. وكان عدد الحالات الخطيرة بين الجرحى 1404 حالات من أصل 2059، حتى مساء السبت.
من بين القرى التي تكاد تكون دُمّرت تماما، قرية تفغاغت الواقعة على بُعد حوالي 50 كيلومترا من بؤرة الزلزال، ونحو 60 كيلومترا جنوب غرب مراكش. ونادرة هي الأبنية التي لا تزال قائمة فوق تراب هذه القرية الجبلية، وفق مراسلي وكالة فرانس برس.
ولا يزال رجال الإنقاذ يسابقون الزمن للوصول إلى ناجين محتملين تحت الأنقاض. وقد تمكنوا من إجلاء جثة تحت ركام بيت محطم، فيما لا تزال أربع جثث أخرى تحت الركام، وفق شهادات من المكان.
"لا شيء يمكن أن يواسيني"
إذا كان الحظ حالف زهراء بنبريك (62 عاما) إلا أن "لا شيء يمكن أن يواسيني. الجميع رحلوا أشعر بغصة في القلب"، كما تقول دامعة وهي تبكي 18 ضحية من أقاربها.
وتضيف "لم يبق سوى جثمان شقيقي تحت الأنقاض، لا أنتظر سوى أن يخرجوه لأودعه بسلام".
في الأثناء يتواصل الأحد إقبال المتطوعين على مراكز التبرع بالدم في عدة مدن مغربية، وفق صور تبثها وسائل الإعلام المحلية. من هؤلاء الطالب يوسف قرنفا الذي قال لوكالة فرانس "رؤية كل هؤلاء المواطنين وحتى الأجانب هنا أمر يثلج الصدر" بعد تبرعه بالدم في مراكش.
وأقيمت صلاة الغائب ترحما على أرواح الضحايا بعد صلاة الظهر في كافة مساجد المملكة. فيما كانت الأعلام منكسة في أول أيام حداد وطني لثلاثة أيام.
وأعلنت عدة دول استعدادها لتقديم مساعدات. وأرسلت الجارة إسبانيا فريقا من 56 من رجال الإنقاذ، بعدما تلقت طلبا رسميا من الرباط. في حين لم يعلن بعد عن استقبال مساعدات من دول أخرى.
ونبهت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى أن احتياجات المغرب من المساعدات هائلة، مشددة على أهمية إيصالها خلال اليوم أو اليومين المقبلين.
وعرضت قنوات محلية صباح الأحد مشاهد جوية لبعض القرى وهدمت تماما، جلها من بيوت طينية، في مرتفعات منطقة الحوز الجبلية. بينما تواصل القوات المسلحة نقل مساعدات عاجلة عبر الجو.
كما أظهرت مشاركة متطوعين من السكان المحليين في عمليات إنقاذ.
ليلة ثانية في العراء
صباح الأحد، سجلت ثاني أقوى هزة ارتدادية منذ ليل الجمعة بلغت شدتها 4.5 درجات وفق ما أكد مدير المعهد الوطني للجيوفيزياء ناصر جبور لموقع هسبريس المحلي، موضحا أن "النشاط الزلزالي بدأ ينخفض تدريجيا".
وأثار الزلزال هلعا عارما في البلاد، خصوصا أن سكّان مدن عدّة بعيدة عن بؤرته شعروا به. وتستمر المخاوف من احتمال تكرار كارثة خصوصا في مراكش.
وامتلأت شوارع الملاح، الحي اليهودي التاريخي بالمدينة، بالحطام. وقضى العشرات ليلتهم الثانية في العراء، خوفاً من انهيار منازلهم المتضرّرة.
والمغرب غير معتاد عموما على الزلازل المدمرة. واعتبر هذا الزلزال الأعنف "استثنائيا" نظرا إلى بؤرته الواقعة في قلب جبال الأطلس الكبير.
كما أن الرقعة الجغرافية المنكوبة شاسعة.
في 24 شباط/فبراير 2004 ضرب زلزال بلغت قوته 6,4 درجات على مقياس ريختر محافظة الحسيمة على بعد 400 كيلومتر شمال شرق الرباط، وأسفر عن سقوط 628 وفاة، وعن أضرار مادية جسيمة.
في 29 شباط/فبراير 1960 دمر زلزال بقوة 5.7 درجات مدينة أغادير الواقعة على ساحل البلاد الغربي؛ مخلفا أكثر من 15 ألف وفاة، أي ثلث سكان المدينة.