عادت الانفجارات المدوية جراء القصف الجوي والمدفعي تهز أرجاء مناطق عدة في العاصمة السودانية الخرطوم، وتركزت الغارات الجوية على المناطق التي تسيطر عليها قوات «الدعم السريع» في الأحياء الجنوبية للمدينة، وفي غضون ذلك، أكدت «الحركة الشعبية - فصيل ياسر عرمان»، أن خروج قائد الجيش عبد الفتاح البرهان من القيادة العامة، تم بعملية نفذتها القوات المسلحة.
ووفقاً لشهود عيان، تصاعدت ألسنة نيران ضخمة في مركز الخرطوم، وحول محيط القصر الرئاسي، الذي دمرت الضربات الجوية المكثفة أجزاء كبيرة منه في وقت سابق.
وسمع دوي انفجارات عنيفة في المدينة الرياضية وجنوب الحزام والسوق المركزية، استهدفت قوات «الدعم السريع»، التي بدورها شنت هجوماً بالمدفعية على مواقع الجيش في مقر القيادة العامة ومقر سلاح المدرعات، وفقاً لمصادر.
ويأتي التصعيد الميداني بعد مغادرة رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، الخميس، مقر قيادته الرئيسي وسط الخرطوم، الذي تطوقه قوات «الدعم السريع» من عدة جهات. وقال سكان إن مسيرات الجيش قصفت مواقع لـ«الدعم السريع» في عدد من الأحياء شمال مدينة بحري.
وأعلن الجيش السوداني، الجمعة، صد هجوم جديد لقوات «الدعم السريع» على مقر سلاح المدرعات: «تكبدت خلالها خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد العسكري».
تحذير من «التغيير»
في غضون ذلك، حذرت قيادات في «قوى الحرية والتغيير» من إقدام البرهان، على تشكيل حكومة تصريف أعمال، وفقاً لما يجري تداوله على نطاق واسع في دوائر مقربة منه.
وقال عضو المكتب التنفيذي لـ«قوى التغيير»، ياسر عرمان، على منصة «إكس» (تويتر سابقاً)، إن «الفلول» ينتظرون البرهان في بورتسودان لتكوين حكومة تصريف أعمال لإطالة أمد الحرب، والاستمرار في نهب المال العام. وتساءل: «هل يلبي رغباتهم على حساب الشعب؟»
كذلك، أكد فصيل «الحركة الشعبية - التيار الثوري»، الذي يتزعمه ياسر عرمان، في بيان ممهور باسم نائب رئيس الحركة، بثينة دينار، أن خروج قائد الجيش الفريق أول البرهان «تم بعملية قامت بها القوات المسلحة».
وقال البيان: «إن أمام قائد الجيش فرصة ليحرر إرادة القوات المسلحة من سيطرة فلول النظام المعزول، وهو أمر صعب ومعقد، لكن متى ما اتجه إليه فسيجد الدعم من الشعب السوداني». وأضاف: «إن ما يتردد عن عزم البرهان على تشكيل حكومة في بورتسودان تحت قيادة الفلول سيعمق الانقسامات الوطنية».
واقترحت الحركة على قائد الجيش، إجراء «مشاورات واسعة مع كل القوى الوطنية والديمقراطية، والعمل على توحيد منبر للتفاوض مع الشركاء الإقليميين والدوليين لحل قضية الحرب وتحويل الكارثة إلى منفعة بمشاركة فعلية من قوى التغيير».
الخشية من التقسيم
وذكر البيان: «إن توسيع دائرة الحرب لن يحسم القضية، وهناك فرصة أمام قائد الجيش لطرح أجندة جديدة قائمة على التغيير ومتلائمة مع أجندة الشعب». وأضاف أن تشكيل حكومة في بورتسودان «قد يؤدي إلى قيام سلطة أخرى موازية كما حدث في بعض البلدان، والأفضل تسخير كل الطاقات الوطنية نحو الحل السلمي المفضي للانتقال المدني الديمقراطي».
بدروه، حذر القيادي إبراهيم الميرغني، من أن الدعوة إلى «تشكيل حكومة في المناطق التي تسيطر عليها القوات المسلحة في هذا التوقيت الحرج، قد تدفع قوات الدعم السريع لتشكيل حكومة في المناطق التي تقع تحت سيطرتها، الأمر الذي يفتح الباب واسعاً لتقسيم السودان».
ويتوقع وصول قائد الجيش البرهان، الموجود حالياً في ولاية نهر النيل، إلى مدينة بورتسودان، شرق البلاد، خلال الساعات المقبلة، قبل أن يغادرها في جولة خارجية إلى دول الجوار.
إدانة أميركية
والى ذلك، أدانت الولايات المتحدة الأميركية بشدة، في بيان نشر السبت على موقع سفارتها في الخرطوم، العنف الجنسي الذي نسبته مصادر موثوقة، وكذلك الضحايا، إلى قوات «الدعم السريع» والميليشيات المتحالفة معها.
وعبرت السفارة الأميركية عن «قلق شديد إزاء التقارير عن الاغتصاب والاغتصاب الجماعي، وأشكال العنف الجنسي الأخرى ضد النساء والفتيات، في غرب دارفور ومناطق أخرى»، مشيرة إلى أن «هذه الأعمال الوحشية، تساهم في ظهور نمط من العنف العرقي المستهدف».
وأضاف البيان: «إن أميركا تضم صوتها لدعوة الممثل الخاص للأمم المتحدة فولكر بيرتس، لاتخاذ التدابير الفعالة، وعدم التسامح إطلاقاً مع العنف الجنسي».
ودعا البيان الأميركي طرفي النزاع: «إلى وقف القتال فوراً في مدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور، والسماح للمدنيين بمرور آمن لمغادرة المدنية»، مشدداً على «محاسبة مرتكبي الأعمال الوحشية التي جرت هناك». وذكر أن «المساءلة عن العنف الجنسي في الصراع تعد أولوية أساسية للحكومة الأميركية، ويتضح ذلك في المذكرة الرئاسية التي وقعها الرئيس جو بادين في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، التي وجه فيها باستخدام الأدوات القانونية والسياسية والدبلوماسية والمالية لردع العنف الجنسي».
وشدد السفير الأميركي لدى السودان، جون غودفري، الجمعة، على ضرورة «نقل السلطة إلى حكومة انتقالية مدنية»، وقال «إن الأطراف المتحاربة غير صالحة للحكم».