فاطمة الزهراء - لا تكون البيئة الأسرية المتشاحنة جوًا مناسبًا لتربية الأبناء وتوفير الأمان العائلي لهم، فالنزاع بطبيعة الحال يزرع في الأبناء شعور القلق ويغذيه مع تفاقم المشكلات ومعايشتهم لها.
لا نذكر في معرض الحديث الخلافات البسيطة بين الأزواج والتي تنتهي في حينها أو تكون خلافًا عابرًا لأمر بسيط، بل نركّز القول على النزاعات الكبيرة التي تصل في كثير من الأحيان إلى نتائج لا تُحمد عقباها.
تقول الأم فرح عيسى (اسم مستعار) إن الخلافات المستمرة بينها وبين زوجها وعدم احترامه لها أمام أبنائها ولّد لديهم كرهًا لوالدهم، وزرع فيهم عدم الثقة في المجتمع "ألاحظ أن لدى أبنائي ضعفًا في شخصياتهم، وترددًا في قراراتهم في المدرسة وفي المجتمع، وهذا برأيي لعدم الاستقرار النفسي الذي يعيشونه داخل المنزل، أحاول دعمهم نفسيًا وعدم جعل ذلك يؤثر عليهم إلا أني لا أنجح في كثير من الأحيان"
من جانبها أوضحت الطفلة ملك علي (9 سنوات) إن والديها "يصبحان ويمسيان في الخلافات" وهذا غير مريح، نقضي الكثير من الوقت في بيت جدي ولا نعود للمنزل إلا في أوقات الدوام المدرسي.
تؤثِّر المشكلات الأسرية في جوانب عديدة من شخصية طفلك وصحّته، وأثبتت دراسات عديدة أن الأطفال في جميع الأعمار، منذ سن الرضاعة حتى سن البلوغ، يتأثّرون بكيفية تعامل الوالدين مع بعضيهما البعض، ومع أطفالهما في المنزل.
الدكتور عبد الرحمن ذاكر الهاشمي بيّن أن "الأبناء عندما يعيشون في جو عائلي يعمُّ فيه البغض والتحريض والمشاحنات فمن الغريب أن يخرج الأبناء بطاقة حب إلى المجتمع، وكيف ذلك وهم يعيشون في هالة من الذم والقدح تنغرس في شخصياتهم بشكل مستمر"
وتابع أن الطفل ينسى الألم شريطة تواجده في بيئة مطمئنة، وذلك على عكس الطفل الذي يُعنف -مثلًا- في بيئة غير سوية أو انتقامًا من أمر حدث معه.
وذكر أن تعامل الوالدين مع بعضهما له كبير الأثر في سلوكيات وأفكار الأبناء، الذين ستُبنى شخصياتهم على هذه المعطيات ويقررون كيف ستكون تصرفاتهم بناءً على ذلك في المستقبل.