افتُتِح مؤخراً جسر معلق جنوب المسجد الأقصى في منطقة وادي الربابة، مُشكلاً أحدث مشروع استيطاني يثير جدلاً واسعاً. ويمتد هذا الجسر على مسافة تقدر بحوالي 200 متر، يمر فوق أراض زراعية تعود للفلسطينيين، ويمثل جزءا من استراتيجية استيطانية تهدف إلى توطين المستوطنين اليهود في المنطقة.
وافتتح الجسر بمشاركة جمعية "عطيرت كوهنيم" الاستيطانية وسلطة الطبيعة والآثار الإسرائيلية في الثلاثين من يوليو/تموز الماضي، وقد تسبب في الاستيلاء على أكثر من 210 دونمات من أراضي المقدسيين ومنعهم من استخدامها للبناء أو الزراعة. ويُعتبر هذا المشروع جزءا من سلسلة من المشاريع الاستيطانية التي تستهدف بلدة سلوان المجاورة للمسجد الأقصى.
يقول الخبير في شؤون الاستيطان، خليل تفكجي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن هذا المشروع يمثل استمراراً لسياسة التهويد الإسرائيلية التي تهدف إلى تغيير وجه المنطقة والتأثير على مستقبلها، مشيراً إلى أن تكلفة المشروع تقدر بنحو 20 مليون شيقل (حوالى 5 ملايين دولار أميركي)، وهو جزء من مشروع توراتي أكبر يحيط بالبلدة القديمة من القدس.
ويشير تفكجي، إلى أن "الجسر المعلق يمتد بطول 200 متر من حي الثوري ببلدة سلوان، مروراً بأراضي حي وادي الربابة، وصولاً إلى جبل صهيون، ويمر فوق أراضي بلدة سلوان على ارتفاع 202 متر".
ووفق تفكجي، فإن المشروع الاستيطاني ينفذ من قبل ما تسمى وزارة القدس والإرث اليهودي. ويعد جزءاً من مشروع توراتي ضخم يحيط بالبلدة القديمة من القدس، وهو واحد من 10 مشاريع استيطانية يستهدف بها الاحتلال بلدة سلوان المجاورة للمسجد الأقصى.
هدف المشروع، كما يؤكد تفكجي، سياسي خطير، ومحاولة لغسل أدمغة السياح من خلال أسلوب "الراعي العبري" في مزرعة الغنم الموجودة في منطقة وادي الربابة، ومثل هذا الأسلوب منتشر على رؤوس الجبال في الضفة الغربية، بحيث يمكّن هذا الأسلوب المستوطن الراعي من السيطرة على مساحات كبيرة من الدونمات في أرض كبيرة، بادعاء ملكيته لها، ثم ما تلبث هذه البؤرة أن تتحول إلى مستوطنة كبيرة.
مشروع الجسر المعلق يستهدف بلدة سلوان المجاورة للمسجد الأقصى (مرام بخاري)
ووضع حجر الأساس لبناء الجسر في شهر مايو/أيار العام الماضي، خلال احتفال بحضور ما يسمى وزير البناء والإسكان والقدس والتراث الإسرائيلي، زئيف إلكين، إلى جانب وزير السياحة الإسرائيلي يوئيل رازفوزوف، ورئيس بلدية الاحتلال في القدس موشيه ليون.
وتضمنت خطة البناء الاستيطانية المقترحة للجسر في حينه، مروراً مريحاً للمشاة بين مختلف الأحياء والمواقع المقدسية، إضافة إلى أنه بات بعد إقامته يشكل نقطة جذب سياحي بالنظر إلى ما يشتمله من ممرات وأسوار وشوارع وأنظمة التظليل والمناظر الطبيعية والري وأعمال الإضاءة على ضفاف الجسر وعلى طوله، لكن ذلك يأتي على حساب أراضي المقدسيين، وإحداث ضرر كبير لهم.
وقد أثار هذا المشروع الاستيطاني تخوفات وانتقادات حادة من قبل المقدسيين والفلسطينيين، حيث يعتبر تدخلاً خطيراً يهدد حرمة الأراضي والتراث الفلسطيني. وقد أدى إقامة الجسر إلى تداول زحمة المستوطنين في المنطقة، مما أثر سلباً على حركة المرور وحياة المقدسيين.
وتعبر هذه الخطوة عن سياسة استيطانية استباقية تستهدف تغيير الملامح الجغرافية والثقافية للمنطقة، وتحقيق أهداف سياسية تهدف إلى تضييق نطاق الحركة والتنقل للفلسطينيين وزيادة التواجد الاستيطاني اليهودي فيها، بحسب سمير شقير أحد سكان حي وادي الربابة في بلدة سلوان، المتضررين من إقامة هذا الجسر.
ويقول شقير في حديثه لـ"العربي الجديد"، إن "إقامة الجسر فوق أراضينا تسبب في أضرار لأهالي الحي، بسبب التواجد الكثيف اليومي للمستوطنين، الذي خلق أزمة سير خانقة، تسببت في عدم تمكن المواطنين من الوصول إلى منازلهم، عدا ما يقومون به من إقامة حفلات ليلية صاخبة".
الأخطر، وفق شقير، بعد إقامة الجسر هو وضع الاحتلال يده على أراضي المقدسيين البالغة مساحتها 210 دونمات، وعدم السماح لهم بالانتفاع بها سواء للزراعة أو البناء، إضافة الى تشويه المنطقة وتغيير معالمها من أراض زراعية مزروعة بأشجار الزيتون إلى أراض حجرية لا يمكن الانتفاع بها.