جمال الدويري
الأغاني تستوجب كلاما له انسيابا موسيقيا جميلا تاما، لا يضطر المغني او المؤدي، لليّ اللسان مع منعرجات الكلام، الى درجة التلعثم وجفاف سقف الحلق، وتوتر شديد للأوتار الصوتية التي لا ترضى بالعوج والاعوجاج، وهي التي فطرها الله سبحانه في أحسن تقويم.
الركض اللاهث خلف السلم الموسيقي إن وجد في هذه العورات الفنية، ومحاولة القبض على نتوءاته، للتوفيق بين الكلمة واللحن، مغامرة غير محسوبة، تشتت الذهن والذائقة عن معنى الفكرة والكلمة، وتبعد الأداء عن معنى الغناء وعمقه وأهدافه.
الكلام القويم المموسق، يسمى شعرا، وهو بالأصل، وقبل الغناء، نصا جميلا يبهج النفس ويفرح الذائقة، وما عداه، فهو تخبيص ولصق وترقيع لحشد من الكلمات هي عورة على الشعر، وأذى مبين للأذن والقلب والروح، ومفسدة للفن والأدب، وعدم احترام للمتلقي و (مرّاق الطريق).
العثرات الموسيقية التي تواكب بعض النصوص التي يقحمها جهلة او تجار، بالفن والغناء، او الهيزعيات الغنائية هذه الأيام، يدرك تعثرها وتدني قيمتها الفنية كل متذوق عادي او قارض للشعر، تماما مثلما نلاحظ بوضوح، قفزات وذبذبات وتعرجات جدول الماء المنساب بانسجام وحنو، عندم تعترض مسيله عثرات من الحجارة والحصى، تضطر الماء به لتجنبها، والقفز عنها.
منظر يفزع الماء المنساب، ويصيب الجدول بالحنق الشديد، ويدفعه لنشاز لا يرغب به ولا يرضاه.
فلماذا يا سادة يا كرام، يرضى الكثيرون من الكتاب والمغنين والموسيقيين بنشاز كلماتهم وخنق انسيابيتها المحببة، التى لا ترضاها الطبيعة للماء في جدولها؟
كلمات ليست كالكلمات، والشعر الذي لا يشبه الشعر، والاغاني التي ليست أغاني، ليست مادة تستحق بذل الجهد وتحويلها لسوط دائم الأذى، يصفع الفن ومتلقيه، حتى ولو اتت بالمصاري والامتيازات، والألقاب والمنابر الناقصة وغير المبررة.
فاتقوا الله باللغة والفن والذائقة العامة.