يمْثل الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مساء يوم الخميس (الساعة الرابعة مساءً بتوقيت واشنطن) أمام القاضية الفيدرالية موكسيلا أوبادهيابا، في العاصمة الأميركية واشنطن، بعد توجيه لائحة اتهام مكونة من 45 صفحة بتدخله لإلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020. ويواجه ترمب في هذه الجلسة أربع تهم: التآمر للاحتيال على الولايات المتحدة، والتآمر لعرقلة إجراء رسمي، وعرقلة الإجراءات الرسمية، والتآمر على الحقوق المدنية للأميركيين.
وفور صدور لائحة الاتهام سارع المشرعون للتعليق على الأنباء وبدا واضحاً حالة الاستقطاب العميقة على أسس حزبية على تعليقات المشرعين حيث استخدم الديمقراطيون لائحة الاتهام فرصةً لانتقاد الرئيس السابق، الذي يتصدر حالياً الانتخابات التمهيدية الرئاسية الجمهورية لعام 2024. وأعرب عدد كبير من الديمقراطيين عن دعمهم قرار هيئة المحلفين الفيدرالية الكبرى بتوجيه الاتهام إلى ترمب، وأدانوا دوره في الاعتداء على مبنى الكابيتول.
وكتب زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، والزعيم الديمقراطي في مجلس النواب حكيم جيفريز، في بيان مشترك، صدر مساء الثلاثاء: «لا أحد فوق القانون - بما في ذلك دونالد ترمب». وأضافوا: «يجب أن يتم تنفيذ لائحة الاتهام الآن من خلال العملية القانونية، دون أي تدخل سياسي أو آيديولوجي خارجي، ونحن نشجع أنصار ترمب ومنتقديه على حد سواء للسماح بالمضي قدماً في هذه القضية سلمياً في المحكمة».
من جانبها، أشادت رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، بالتحقيق الذي أجراه المحقق الخاص جاك سميث، وشددت على أهمية معالجة التهم المزعومة في لائحة الاتهام «من خلال العملية القانونية، بشكل سلمي ودون أي تدخل خارجي».
وكتب النائب الديمقراطي خواكين كاسترو على منصة «X»: «يسعدني أن أرى دونالد ترمب متهماً، لدوره في محاولة الإطاحة بنتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020، ولإذكاء الانقلاب الفاشل في 6 يناير (كانون الثاني) 2021. إذا أفلت من العقاب سيفعل الآخرون أيضاً».
دفاع جمهوري قوي
في المقابل، جادل الجمهوريون بأن لائحة الاتهام تعد دليلاً على نظام عدالة حزبيّ، وتسييساً لوزارة العدل، ومحاولةً للتشهير بالرئيس ترمب، وصرف الانتباه عن المشكلات القانونية المستمرة لنجل الرئيس جو بايدن.
واستخدم الجمهوريون منصات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بهم للوقوف خلف الرئيس السابق، وكتب رئيس مجلس النواب كيفن مكارثي على موقع «X» -المعروف سابقاً باسم «تويتر»- أن لائحة الاتهام هي محاولة سياسية لتوجيه الانتباه بعيداً عن التحقيقات الأخيرة في المعاملات التجارية لنجل الرئيس جو بايدن هانتر. وقال ماكارثي: «يمكن للجميع في أميركا رؤية ما سيحدث بعد ذلك... إنها محاولة من وزارة العدل لتشتيت الانتباه ومهاجمة المرشح الأوفر حظاً للترشيح الجمهوري وهو الرئيس ترمب». وأضاف: «سيستمر الجمهوريون في مجلس النواب في الكشف عن الحقيقة بشأن شركة بايدن ونظام العدالة ذي المستويين».
وعلى نفس الموقع، كتب النائب الجمهوري جيم جوردان، رئيس اللجنة القضائية في مجلس النواب: «الرئيس ترمب لم يفعل شيئاً خاطئاً! هذا ببساطة يعد تدخلاً في الانتخابات وعندما تقوم بتجفيف المستنقع، فإن المستنقع يقاوم».
ودعت النائبة الجمهورية مارغوري تايلور غرين، التي تعد من أبرز المدافعين عن ترمب، إلى قطع الأموال عن تحقيق جاك سميث، المحقق الخاص، واتهمته بـ«تسييس التحقيق وانعدام الشفافية فيه».
وهاجم السيناتور الجمهوري توم كوتون لائحة الاتهام، وقال في تصريحات لشبكة «فوكس نيوز»: «أنا متأكد أن الكثير من خصومنا مثل الصين وإيران سعداء برؤية هذا النوع من الإجراءات غير المسبوقة والمزيد من الانقسامات في البلاد سيسبب المزيد من تشتيت الانتباه في وقت نحتاج فيه إلى مواجهة أعدائنا». وأضاف: «لست مضطراً إلى تصديق مزاعم التزوير في انتخابات 2020 لكني أعتقد أنه يجب على أي شخص أن ينزعج من أن الإدارة في السلطة (إدارة بايدن) تلاحق خصمها السياسي الرئيسي بمثل هذه النظريات القانونية الواهية التي تتعارض مع التعديل الأول للدستور».
وأبدى كوتون مخاوفه من سعي المحقق الخاص إلى محاكمة سريعة لترمب، وقال: «من الواضح أنهم يريدون محاكمة سريعة قبل الانتخابات، ولهذا السبب قدموا لائحة الاتهام في واشنطن العاصمة، وهي مدينة تميل إلى الديمقراطيين بشدة وأمام قاضية عيّنها الرئيس الأسبق باراك أوباما الليبرالي».
المنافسون
وأثار توجيه لائحة الاتهام ضد ترمب شهية خصومه ومنافسيه داخل الحزب الجمهوري الذين بدأوا في وضع خطط للتعامل مع ما يواجهه ترمب من تحقيقات لإلغاء الانتخابات ومسؤوليته عن اقتحام مبنى الكابيتول.
وحاول المرشح الجمهوري رون ديسانتوس، استغلال الأمر لصالحه دون توجيه إشارات اتهام إلى ترمب ودون الوقوف معه، وقال عبر موقع «X» إنه بينما لم يقرأ لائحة الاتهام ضد ترمب، فإنه يأمل في إجراء تغييرات من شأنها أن تقلل من الحزبية في وزارة العدل، وقال إنه إذا أصبح رئيساً فسوف يُنهي تسليح وتسييس الحكومة الفيدرالية وسيقوم بحل مكتب التحقيقات الفيدرالي وسيضع معياراً واحد للعدالة لجميع الأميركيين.
وقال ديسانتوس في بيان: «إننا بحاجة إلى سَنّ إصلاحات بحيث يكون للأميركيين الحق في نقل القضايا من واشنطن العاصمة إلى مناطقهم الأصلية. واشنطن العاصمة مستنقع، وليس من العدل أن يقفوا في محاكمة أمام هيئة محلفين تعكس عقلية المستنقع. أحد أسباب تدهور بلدنا هو تسييس حكم القانون. لا مزيد من الأعذار... أنا سأنهي تسليح الحكومة الفيدرالية».
وقال محافظ أركنساس آسا هاتشينسون، المرشح الجمهوري الأقل شعبية في استطلاعات الرأي: «هذا يوم حزين آخر لأميركا مع توجيه اتهام جنائي لرئيس سابق لعرقلة الانتقال السلمي للسلطة من إدارة إلى أخرى». وأضاف هاتشينسون: «لقد قلت دائماً إن دونالد ترمب مسؤول أخلاقياً عن الهجوم على ديمقراطيتنا، والآن، سيحدد نظام العدالة لدينا ما إذا كان مسؤولاً جنائياً أم لا».
وطالب المرشح الجمهوري بأن يقوم ترمب بالابتعاد عن حلبة السباق الانتخابي، وقال: «تعيد لائحة الاتهام الأخيرة تأكيد دعوتي السابقة بأن على دونالد ترمب الابتعاد عن الحملة»، وساند بقوة موقف ترمب وقال: «الشرطة الفيدرالية الفاسدة لن تتوقف حتى تنجز مهمتها، وهي القضاء على ترمب... وهذا أمر غير أميركي وأنا ألتزم بالعفو عن ترمب عن لائحة الاتهام هذه».