المحامي د. مهند صالح الطراونة
احيل مشروع قانون مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص لسنة 2023 من قبل الحكومة على مجلس النواب والذي له حق قبول المشروع أو رفضه أو تعديله عملاً بأحكام المادة (91) الدستور الأردني، وعملا بأحكام المــــادة (69) من النظام الداخلي لمجلس النواب لسنة 2013 ، وحسب المقتضى الشتريعي سوف يتولى مجلس النواب في أول جلسة يعرض فيها المشروع على جدول الأعمال قراءة القانون قراءة أوليه ، ومن ثم إحالته على اللجنة المختصة وإلى اللجنة القانونية لإبداء الملاحظات وذلك سندا لنصوص المواد (69-72) من النظام الدالخلي لمجلس النواب .
وعلى سبيل الأسباب الموجبة لمشروع القانون قدمت الحكومة الموقرة وذلك في ضوء مذكرتها المرفقة بالمشروع أن مشروع القانون جاء لتهيئة البيئة الإستثمارية المحفزة لبناء شراكات مع القطاع الخاص وذلك للإستفادة من خبراته الفنية والتقنية في إنشاء المشروعات المتعلقة بالبنى التحتية بما يساهم في تعزيز النمو الإقنتصادي ، ولإيجاد إطار مؤسسي فاعل وإجراءات واضحة وتتسم بالبساطة والشفافية وفقاً لمباديء الحوكمة الرشيدة لتأهيل وإختيار وتنفيذ مشروعات تقدم للمواطنين خدمات مميزة وتحقق تناسباً بين الكلفة المتوقعة والمنفعة المستهدفة بأعلى كفاءة وفاعلية ، وأن تكون وزارة الإستثمار هي المرجعية الرئيسية لإدارة مراحل مشروعات الشراكة مع الجهات الحكومية ، وذلك من خلال وحدة إدارية تنشأ لهذه الغاية تسمى" وحدة مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص " تحت مظلة وزارة الإستثمار ، كذلك ورد أن من الاسباب الموجبة لمشروع القانون أن القانون من شأنه توفير آلية مستدامة للإنفاق على إعداد مشروعات الشراكة وطرح عطاءاتها، ولتحديد وضبط الإلتزامات ذات الطبيعة المالية على المشروعات.
في وصف مشروع القانون
وباستعراض نصوص مشروع القانون، وجد أنها تتألف من خمس وعشرون مادة، على النحو التالي: المادة (1) تضمنت تحديد مسمى للقانون ( مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص لسنة 2023)، وكذلك نطاق سريانه، وتضمنت المادة الثالثة تعريفات لكلمات وعبارات أينما وردت بمشروع القانون منها التعريف بمصطلح (مشروع ) بأنه أي نشاط يهدف إلى تقديم خدمة عامة أوتحسينها بمقتضى علاقة تعاقدية طويلة المدى بين الجهة الحكومية والقطاع الخاص مبنية على توزيع المخاطر ، ويكون تحت إشراف الجهة المتعاقدة ومسؤوليتها ومدرجا في السجل .وكذلك التعريف بمصطلح عقد الشراكة : بأنه الإتفاق المبرم لتنفيذ مشروع الشركة بين الجهة الحكومية وشركة المشروع وفقاً لأحكام هذا القانون ، تحدد فيه الشروط والأحكام والإجراءات وحقوق أطراف العقد وإلتزاماتهم ، فيما وضحت المادة (3) السياسة العامة للشراكة القطاعين العام والخاص ، والتي ترنو إلى إعمال مبادي ء الحوكمة الرشيدة وتحقيق التنمية الإقتصادية والإجتماعية المستدامة من خلال المساهمة في إنشاء البنية التحتية العامة والمرافق العامة أو إعادة تأهليها أو تشغيلها أو صيانتها أو إداراتها أو تطويرها ، وكذلك تقديم الخدمات العامة وتحسينها ،والإستفادة من خبرة القطاع الخاص في هذا الشأن ، والمادة (4) جاءت لتؤكد مراعاة أحكام مشروع القانون للمادة (21) الواردة في ذات المشروع فيما يتعلق بمشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص ، ونصت المادة (5) على إنشاء سجل وطني للمشروعات الحكومية الإستثمارية تسجل فيه مشروعات الشراكة وتنظم جميع الشؤون المتعلقة به بمقتضى نظام يصدر لهذه الغاية ، فيما حددت المادة (5) الإختصاصات المناطة بوحدة إدارة الإستثمارات الحكومية المنشأة في وزارة التخطيط والتعاون الدولي ،ونصت المادة (6) على أن يشكل مجلس الوزراء من بين أعضائة لجنة تسمى (اللجنة العليا لمشروعات الشراكة) على ان تضم في عضويتها الوزير ووزير المالية ووزير التخطيط والتعاون الدولي ووزير الصناعة والتجارة والتموين ، وبينت المادة بعض الأحكام القانونية المتعلقة بآلية إجتماع هذه الجهة وطريقة إتخاذ قراراتها ، وحددت المادة (7) المهام والصلاحيات التي تتولاها اللجنة العليا لمشروعات الشراكة والتي تتمثل في رسم السياسة العامة لمشروعات الشراكة وتحديد الأنشطة والقطاعات ذات الأولوية ، والموافقة على السير في مشروع الشراكة بعد الإطلاع تقرير الجدوى وتوصيات الوزارة ، كذلك تختص اللجنة العليا في إقرار التقرير السنوي لمشروعات الشراكة والبيانات المالية للحساب الخاص بمشروعات الشراكة ، كذلك منحت اللجنة العليا صلاحية التنسيب لمجلس الوزراء في إحالة العطاءات وعقد الشراكة بصيغته النهائية والتفويض بتوقيعه وأي تعديلات لاحقه تطرأ عليه ، ومنح مشروع الشراكة أي حوافز أو إعفاءات أو مزايا ضرورية لإنشائه أو تشغيلة ، وتفويض جهة حكومية واحدة أو أكثر لتوقيع عقد الشراكة ، كذلك إمتلاك اللجنة إتخاذ القرار المنسب فيما لم يرد بشانه القانون أي حكم ، فيما منحت المادة (8) مجلس الوزراء بناء على تنسيب اللجنة العليا صلاحية إلغاء العطاء وتنفيذ مشروع الشراكة من خلال إستدراد العروض أو التعاقد المباشر وذلك في حال كان عدد العروض المقدمة اوالمؤهلة تأهيلاً أولياً لايزيد على عرض واحد ، ونصت المادة (9) على أن تعتبر وزارة الإستثمار المرجعية الرئيسية لإعداد مشروع الشراكة وطرح عطائه والتنسيق مع الجهة الحكومية المعنية إلى حين إتمام توقيع عقد الشراكة وذلك وفقاً لتعليمات يصدرها الوزير ، ونصت المادة (10) على إنشاء وحدة في وزارة الإستثمار تسمى ( وحدة مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص) ترتبط بالوزير وحددت إختصاصاتها ، ونصت المادة ( 11) على ان يفتح في الوزارة حساب خاص لإنفاق الوحدة على إعداد مشروعات الشراكة تودع فيه المبالغ التي تخصصها الحكومة لمشروعات الشراكة والهيئات والمنح والمساعدات والتبرعات وأي موارد أخرى ترد إليه شريطة موافقة مجلس الوزراء ، وتضمنت المادة (12) إنشاء وحدة إلتزامات ماليه في وزارة المالية وتم تحديد إختصاصاتها ، فيما تضمنت المادة (13) الإختصاصات التي تناط بالجهة الحكومية المعنية بمشروع الشراكة بعد إدراجه في السجل والتي تتمثل في الإلتزام بإعداد المواصفات الفنية وتقديم المعلومات والبيانات والوثائق الضرورية للمشروع ، وتحديد مستوى الخدمات المطلوب تقديمها في مشروع الشراكة ، إضافة إلى إبداء الرأي حول وثائق المشروع إضافة إلى الإشراف على تنفيذ شركة المشروع إلتزاماتها التعاقدية ، وللوزارة إنشاء وحدة تنظيمية لهذه الغاية ، وألزمت المادة (14) الجهة التي أحيل عليها عطاء مشروع الشراكة وفقاً للأحكام القانونية التي آتى بها المشروع ، فيما أجازت المادة (15) لأي جهة من جهات القطاع الخاص عرض فكرة مشروع الشراكة عرضاً مباشراً على وزارة الإستثمار أو الجهة الحكومية ، وفي حال كان المشروع مؤهلا وفقا للقانون والنظام يتم إدراجة كمشروع في السجل والسير في تنفيذه وفقاً للأحكام التي آتى بها مشروع القانون ،وحددت المادة (16) مدة عقد الشراكة بناء على تقرير الجدوى ومتطلبات المشروع في 35 سنة ، ونصت المادة (17) أن يحدد في عقد الشراكة حق شركة المشروع في تحصيل ما يؤديه المستفيد لقاء الخدمات العامة أومن الجهة المتعاقدة ، وبينت المادة (18) أن القانون الأردني هو القانون الواجب التطبيق على عقود الشراكة وأجازت إستخدام الوسائل البديلة لتسوية النزاعات في وجود نزاع وذلك بإتفاق أطراف العقد ، وألزمت المادة (19) المتعاقدين الحصول على موافقة مجلس الوزراء الخطية المسبقة في حال إجراء أي تعديل أو تغيير على عقد الشراكة . فيما حظرت المادة (20) على رئيس أو عضو اللجنة العليا أو أي شخص يعمل في الوزارة أو في وحدة الإلتزامات المالية أو وحدة الإستثمارات الحكومية أو لدى الجهو الحكومية المتعاقدة أو في اللجان التي تشكل لتنفيذ مشروعات الشراكة بما في ذلك الموظفون والمستشارون والخبراء الإشتراك في أي قراريتعلق بأي شراكة تتحقق له أو لزوجه أو لأقاربة حتى الدرجة الثانية فيهما منفعة مباشرة أو غير مباشرة ، وبينت المادة الإجراءات المتعلقة في ذلك ، وحددت المادة (21) نطاق سريان القانون على العقود اللاحقة لنفاذ القانون ، فيما نصت المادة (22) أن لا يعمل بأي نص في أي تشريع آخر قائم إلى المدى الذي يتعارض فيه مع الأحكام التي آتى بها مشروع القانون ، وفوضت المادة (23) مجلس الوزراء إصدار نظام لتنفيذ القانون ، والمادة (24) نصت على إلغاء قانون مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص رقم (17) لسنة 2020 ، فيما جاءت المادة (25) من مشروع القانون تنفيذية
مما تقدم واضح أن الأحكام القانونية التي آتى بها مشروع القانون قد إرست إطار تشريعي ومؤسسي موحد لتنفيذ عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص وارست كذلك ضابطاً لعقود الشراكة ومبادئها وصورها وآليات إسنادها وإبرامها وتنفيذها ومراقبة تنفيذها على نحو تضمن الشفافية والمنافسة المشروعة والمتابعة والمراقبة ومحفزة للقطاع الخاص للاستثمار في مجال المرافق العامة ومشروعات البنية التحتية في المملكة،ولقد جاء مشروع القانون بجملة من الأحكام القانونية أنشا فيها كيانات قانونية ولجان ومواقع أخرى ترتبط بعقود الشراكة وتنفيذها وأرى أن هنالك تداخلأً في إختصاصات هذه الكيانات وعدم إحكام دقيق لها ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر الصلاحيات التي منحها مشروع القانون للجنة العليا لمشروعات الشراكة والإختصاصات التي تمتلكها الجهة الحكومية ذات العلاقة بمشروع الشراكة وكذلك وزارة الإستثمار ونطاق الرقابة التي يمارسها مجلس الوزراء على هذه العقود وبعض الإختصاصات التي منحت للمجلس ، أرى من اللازم مراجعة هذه الإختصاصات .
ورد في المادة (6/أ) من مشروع القانون أن يشكل مجلس الوزراء من بين أعضائة لجنة تسمى (اللجنة العليا لمشروعات الشراكة) على ان تضم في عضويتها الوزير والمنعي في الوزير هنا وزير الإستثمار ووزير المالية ووزير التخطيط والتعاون الدولي ووزير الصناعة والتجارة والتموين ، وأقترح بهذا السياق إضافة وزير الدولة للشئون القانونية ضمن اللجنة العليا المشار إليها سيما وان عقود الشراكة عقود قانونية بل أنها مسائل قاتونية دقيقة تحتاج التدقيق والمراجعة قبل عرضها على مجلس الوزراء .
ثمة ملاحظة عامة أرى من الضرورة الإشارة إليها وخاصة أن فكرة الشراكة بين القطاعين العام والخاص ترجع في أصلها إلى فكرة العقود الإدارية ، ومن المعروف أن هذه العقود تخضع لأحكام قانونية تختلف عن عقود القانون الخاص حيث تتمتع الإدارة بصلاحيات إستثنائية غير مألوفة في العقود الخاصة منها أن نطاق تطبيق قاعدة أن العقد شريعة المتعاقدين يضيق في العقود الإدارية ، حيث تمتلك الإدارة بعض الصلاحيات تتفوق فيها على الجهة المتعاقدة التي تتشارك معها بتسيير المرفق العام او بتقديم الخدمة العامة له، وعليه إن مشروع القانون الماثل والأحكام التي آتى بها يجب أن تقرأ مع تشريعات وأنظمة أخرى لان الغاية من بعض الأحكام التي نص عليها مشروع القانون تكون متحققه ولذلك ارى مراجعة بعض الأنظمة ذات العلاقة منها على سبيل المثال نظام الأشغال الحكومية وتعديلاته ، وعقود شراء اللوازم للدوائر الحكومية وتعديلاته وغيرها من الأنظمة التي تنظم إجراءات العطاءات والتي رسمت قواعد واضحة ودقيقة وصيغ لشكل عقود الشركة والتي تعتبرأحد أوجه العقود الإدارية .
أخيرا اقترح مراجعة التشريعات المقارنة الخاصة بعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص ، وكذلك مراجعة دليل الأونسترال التشريعي بشأن الشراكة بين القطاعين العام والخاص لما يتضمنه من أحكام قانونية يمكن الإستئناس بها .
tarawneh.mohannad@ yahoo.com