فرضت موجة الحر التي بدأ تأثيرها على المملكة منذ يوم أمس، حظرا اختياريا للتجوال خلال ساعات النهار في معظم مناطق المحافظات، وبدت شوارع المدن الرئيسة شبه خالية خاصة في ساعات الظهيرة، في وقت خلت محال تجارية من مرتاديها بعد تفضيلهم تأجيل التسوق وتجنب التعرض لأشعة الشمس، ما زاد من حالة الركود التي تعانيها الأسواق.
ووفق ما رصدته "الغد" في مناطق مختلفة بعدد من المحافظات، فإن انعكاسات موجة الحر التي بدأت تشهدها المملكة، قد ظهرت واضحة منذ يومها الأول، ويعني استمرارها مزيدا من مظاهر التأثر وتوقع ارتفاع الطلب أكثر على خدمات المياه والكهرباء وتفضيل العديد من المواطنين الجلوس بمنازلهم خلال ساعات النهار.
موجة حر تنذر بإغلاق محال تجارية بإربد
وبدت المحال التجارية في إربد شبه خالية من زبائنها بسبب ارتفاع درجات الحرارة، مما زاد من حالة الركود التي تشهدها أسواق المدينة منذ بداية العام الحالي.
وينذر استمرار الأجواء الحارة وتدني المبيعات بأن تشهد إربد مزيدا من حالات الإغلاق التي باتت ظاهرة خلال هذا العام.
كما بدت شوارع إربد شبه خالية من المواطنين بعد تحذيرات من الدفاع المدني بتجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس والتقليل قدر الإمكان من حركة الخروج من المنازل إلا للضرورة.
وقال صاحب محل تجاري في وسط إربد محمد سلامة إن ارتفاع درجات الحرارة دفعه إلى عدم فتح محله إلا في وقت متأخر من اليوم لخلو الشوارع من المتسوقين.
وقال العضوان في مجلس غرفة تجارة اربد ايمن الغزاوي وأحمد الحواري إن ارتفاع درجات الحرارة تسبب بزيادة حالة الركود التي تشهدها الأسواق، مؤكدين على تراجع حجم المبيعات وبنسب عالية وأن العروض والتنزيلات باتت لا تجد نفعاً في تحريك الأسواق.
وتوقعا أن استمرار موجة الحر ربما يؤدي الى المزيد من إغلاق المحال التجارية التي تتكبد خسائر فادحة.
وقال رئيس غرفة تجارة اربد محمد الشوحة إن العشرات من المحال التجارية ستغلق أبوابها في حال استمرار موجة الحر، مبينا أن وضع التجار لا يسمح بتحمل أي خسائر وخصوصا وان التجار باتوا يعتاشون على عائد محالهم اليومي في تسيير أمور حياتهم.
وأوضح أن الأسواق تمر بأسوأ أيامها منذ بداية العام، ولم تتحسن الحركة بالرغم من الأعياد والعديد من المناسبات.
شوارع الأغوار شبه خالية
وفي مناطق الأغوار، أدى ارتفاع درجات الحرارة إلى حظر للتجوال خاصة خلال ساعات الظهيرة، اذ خلت معظم الشوارع من المواطنين الذين التزموا بيوتهم هربا من اشعة الشمس الحارقة في الوقت الذي زادت فيه الأحمال الكهربائية الى مستويات مرتفعة.
واكد عدد من المواطنين ان درجات الحرارة أجبرتهم على التزام بيوتهم خاصة ما بين الساعة العاشرة صباحا وحتى السادسة مساء لتفادي التعرض لضربات الشمس، موضحين أن معاناتهم تتفاقم مع انقطاعات التيار الكهربائي المتكررة والتي تحيل منازلهم الى ما يشبه الأفران.
وأضاف عدد من المواطنين أن قلة ممن تجبرهم ظروف العمل على الخروج من منازلهم خلال موجة الحر، لافتين إلى أن غالبية الطرق خالية من المارة والسيارات خلال ساعات النهار لتعود الى طبيعتها خلال المساء والليل.
من جانبه، يؤكد المدير التنفيذي لشركة توزيع كهرباء وادي الاردن والشرقية المهندس مروان خريسات أن ارتفاع درجات الحرارة زاد من الأحمال الكهربائية على الشبكات والمحولات بشكل كبير، موضحا أن الشركة قامت وخلال وقت قياسي بتركيب مغذ جديد من محطة الرامة للتقليل من الأحمال بنسبة 10 % للحفاظ على إدامة التيار الكهربائي في المنطقة.
وأهاب خريسات بالمواطنين ترشيد استخدامات الكهرباء خلال أوقات ذروة ارتفاع درجات الحرارة لتلافي أي انقطاعات مفاجئة بالتيار الكهربائي، والحد من عمليات الاستجرار غير القانوني للتيار الكهربائي والتي تشكل تحديا كبيرا أمام المنظومة الكهربائية في منطقة الأغوار.
وأكد مدير زراعة وادي الأردن المهندس ياسين العدوان إنه لم تسجل أي أضرار نتيجة موجة الحر التي تشهدها المنطقة، موضحا أن الموسم الزراعي في الأغوار الوسطى انتهى مع نهاية شهر حزيران (يونيو)، ولم يتبق سوى بعض الزراعات الصيفية القليلة كالورقيات والبامية.
وأشار إلى أن ظهور علامات الذبول او الاحتراق على أوراق الموز والحمضيات بشكل خاص لا يلحق ضررا بها كونها تروى بشكل مستمر، لافتا إلى أن أشجار النخيل تعتبر من الزراعات المستفيدة من ارتفاع درجات الحرارة والتي تساعد على نضج الثمار في وقت أبكر.
وقال مدير صحة الشونة الجنوبية الدكتور نبيل ابورمان إنه لم تحدث أي إصابات بضربة شمس، مشددا على ضرورة عدم التعرض لأشعة الشمس لفترات طويلة، وضرورة اتباع الارشادات والنصائح الصادرة بهذا الخصوص، مضيفا أنه يجب الإكثار من شرب السوائل لتعويض ما يفقده الجسم نتيجة التعرق والتزام المنازل خلال ساعات ما قبل وبعد الظهر والانتباه لكبار السن والأطفال.
الأغوار الجنوبية تسجل 44 درجة مئوية
وشهدت مختلف مناطق محافظة الكرك وخصوصا مناطق الأغوار الجنوبية ارتفاعا كبيرا بدرجات الحرارة، وسجلت مناطق الأغوار الجنوبية بالغور الصافي أعلى درجة حرارة خلال ساعات النهار وصلت إلى 44 درجة مئوية، في حين سجلت باقي مناطق المحافظة درجات حرارة متفاوتة أعلاها وصل الى 34 درجة بالمناطق المرتفعة.
وبدت حركتا سير المركبات وتنقل المواطنين في مناطق عدة بالمحافظة عند حدودها الدنيا، في حين شهدت مناطق الأغوار توقفا شبه كامل مع ساعات الظهيرة لحركة المواطنين.
ووفق متصرف الاغوار الجنوبية عاطف البطوش فان ارتفاع درجات الحرارة الكبير بالأغوار الجنوبية لم يؤد إلى أي مشاكل وخصوصا في شبكة الكهرباء، إضافة الى عدم تسجيل أي اصابات ناتجة عن ارتفاع الحرارة.
من جهته اكد المدير الفني بشركة توزيع الكهرباء بالكرك المهندس يوسف العضايله إن الحالة الجوية السائدة ستعمل على رفع الأحمال على الشبكة لكنها لم تظهر بداية الموجة وستظهر خلال الأيام المقبلة.
وعلى صعيد متصل طالب سكان بالأغوار الجنوبية الجهات الرسمية بالعمل على زيادة تزويد مياه الشرب ومياه ري المزروعات خلال أيام الموجة الحارة التي تجتاح المنطقة.
وطالب المزارع فتحي الهويمل من الأجهزة الرسمية التعامل مع ارتفاع درجات الحرارة بجدية أكثر وخصوصا وان منطقة الاغوار الجنوبية تسجل أعلى درجات للحرارة بالمملكة طوال العام، مشددا على ضرورة زيادة ساعات تزويد مياه الري والشرب.
وكانت سلطة وادي الأردن أعلنت أول من أمس، عن تزويد الوحدات الزراعية في مناطق وادي الأردن بكميات إضافية من مياه الري، إضافة إلى التزامها ببرنامج التوزيع اليومي للمياه لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة المتوقع خلال الأيام المقبلة.
وقف أعمال النظافة بساعات الظهيرة بجرش
في جرش، أوقفت بلدية جرش الكبرى عمال الوطن عن العمل في ساعات ذروة الأجواء الحارة، حرصا على سلامتهم وتكثيف عملهم فترتي الصباح والمساء.
وتعاني أسواق جرش من ركود مضاعف بسبب إحجام غالبية المتسوقين عن ذهابهم للاسواق خلال ساعات النهار لارتفاع درجات الحرارة.
وأوضح تجار لـ "الغد" أن حالة الركود تتسبب في إلحاق خسائر فادحة بهم وخيار إغلاق المحال التجارية ساعات معينة أفضل من العمل ساعات طويلة بدون أي حركة تسوق. ووفق التاجر يحيى أبو العدس، فإن التجار حاولوا بعدة طرق تحريك الركود من خلال العروض والتخفيضات ولكن من دون فائدة، سيما وأن الظروف الاقتصادية للمواطنين صعبة، إضافة إلى أن ارتفاع درجات الحرارة وتغير أولويات المواطنين من شراء المستلزمات المختلفة إلى شراء الأغذية والمشروبات والعصائر ودفع الفواتير والالتزامات الشهرية، زاد من حالة الركود.
ارتفاع الحمل الكهربائي بالعقبة
وفي مدينة العقبة، فرض ارتفاع درجات الحرارة إلى معدل 42 درجة مئوية وهي أول موجة ارتفاع هذه السنة، حظرا اختياريا للتجوال في ساعات النهار، حيث بدت العديد من الشوارع الرئيسة في المدينة السياحية شبه خالية.
وتسبب ارتفاع درجات الحرارة بركود الحركة التجارية أثناء ساعات الظهيرة لتنشط في المساء حيث يستغل العديد من العقباويين فترة المساء لشراء حاجياتهم من الأسواق فيما يفضل البعض الجلوس على شاطئ البحر للتخفيف من حرارة الأجواء.
ويؤكد التاجر محمد ضمان أن الحركة التجارية في الليل تكون في حالة أفضل نظرا للزوم العديد من المواطنين منازلهم أثناء ساعات النهار بسبب الارتفاع في درجات الحرارة.
وتلزم العديد من الأسر العقباوية المنازل وبالذات أثناء ساعات النهار مستخدمة المكيفات الكهربائية.
ويؤكد مواطنون أن العديد من الموظفين يلجأون إلى السفر بعائلاتهم خارج محافظة العقبة وخصوصا أثناء عطلة الصيف للترفيه عن عائلاتهم بسبب الأجواء الحارة التي لا تطاق في مدينة العقبة.
من جهته قال محافظ العقبة خالد الحجاج إن محافظة العقبة وبالتعاون مع كافة الجهات الأمنية والرسمية وذات العلاقة وضعت خطة طوارئ لمواجهة هذه الكتلة الحارة وارتفاع درجات الحرارة، من أهمها توجيه النصائح والإرشادات الى المواطنين وزوار العقبة بضرورة تجنب أشعة الشمس في ساعات الظهيرة والذروة بالاضافة إلى الإكثار من شرب المياه والعصائر والمرطبات، مؤكداً أنه وجه الجهات الزراعية والمسؤولة عن نظافة مدينة العقبة الى تقليص ساعات العمل خاصة في أوقات الذروة للعاملين في تلك القطاعات.
واضاف الحجاج أن هناك خططا مشتركة مع شركة الكهرباء والمياه لإدامة وصول التيار الكهربائي إلى جميع منازل المواطنين في المدينة على مدار الساعة دون انقطاع ومثلها المياه وهناك جاهزية عالية للشركتين من خلال غرفة العمليات والفرق الميدانية لمتابعة أي ملاحظة والتحرك في حالة انقطاع الخدمة.
(الغد)