659 بئرا مخالفة .. "المعتدون" يسرقون مياه الشعب

mainThumb

09-07-2023 11:32 PM

printIcon

ضمن إجراءاتها في مواصلة الحملة الأمنية لـ "ردم الآبار المخالفة التي تقوم ببيع المياه"، كشف مصدر مطلع في وزارة المياه والري أن الحملات القادمة "لن تكون مفاجئة إنما مبرمجة من خلال التعاون والتنسيق الحكومي والأمني".

وتتزايد مخاطر تحدي نضوب المياه الجوفية، وتثبت دراسات صدرت مؤخرا انخفاض مستوى المياه في تلك الأحواض بمعدل 8 أمتار سنويا خلال الأعوام العشرين الأخيرة.

وكشف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، في تصريحات لـ "الغد"، أن الحملات القادمة والهادفة لردم الآبار المخالفة التي تقوم ببيع المياه، والتي تندرج ضمن حملة إحكام السيطرة على مصادر المياه في مختلف مناطق المملكة، أصبحت مبرمجة، مشيرا إلى أنه بمقتضى ذلك يتم إبلاغ أسماء أصحاب الآبار المخالفة من قبل وزير المياه والري إلى وزير الداخلية، ومن ثم يتم الإيعاز للحكام الإداريين باستدعاء المخالفين.
وقال المصدر إن الحملات المبرمجة، تنص على استدعاء أصحاب الآبار المخالفة وإبلاغهم بمجريات ردم البئر وجميع تفاصيل ما يلزم، كما أنه سيجري الطلب منه التعهد بالموافقة وتنفيذ قرار الردم وعدم المقاومة، وبخلاف ذلك؛ يتم اتخاذ جميع الإجراءات القانونية وبالتنسيق مع الحاكم الإداري. وأضاف أن الحملات الأمنية ستتركز خلال الفترة المقبلة في منطقة جنوب عمان.
وتركزت حملة وزارة المياه والري لإحكام السيطرة على مصادر المياه في الوقت الراهن؛ على منطقة الرمثا وجنوب عمان، معلقة آمالا واسعة على الحملة الأمنية لردم الآبار المخالفة العاملة، والبالغ مجموع نسبتها نحو 24 % من إجمالي الآبار العاملة في المملكة، في محاولة لتقليص العجز المائي المرتقب للصيف الحالي.
وتوقعت وزارة المياه والري في وقت سابق، أن يتم توفير ما بين 17 – 20 مليون متر مكعب كثمرة لهذه الحملة الأمنية، بحسب موازنة الوزارة المائية للعام 2021. ووسط تأكيدات سابقة لمصادر مطلعة في قطاع المياه بأن حجم الطلب على المياه أعلى من المتوفر من جميع المصادر في مختلف مناطق المملكة، قدرت المصادر أن "يتحسن حجم التزويد المائي خلال الموسم الصيفي الحالي 2023 في العاصمة، بنسبة قد تصل إلى 3 % زيادة عما تم تزويده خلال الموسم الصيفي السابق ما يعني صيفا أفضل نسبيا من الصيف الماضي".
وقالت المصادر ذاتها إن حجم التزويد المائي خلال الموسم الصيفي الماضي 2022، بلغ نحو 112 مليون متر مكعب خلال أشهر الصيف الستة، وهي اعتبارا من الأول من أيار (مايو) حتى الأول من تشرين الثاني (نوفمبر)، وذلك من أصل حجم تزويد المياه الإجمالي السنوي للعاصمة خلال العام ذاته، والبالغ حوالي 215 مليون متر مكعب.
وبينت أن التحسن المتوقع على حجم التزويد المائي، مبني على أرقام وزارة المياه والري - سلطة وادي الأردن، والتي أظهرت تحسنا جيدا على مخزون المياه في سد الموجب، نتيجة جودة أداء الموسم الشتوي للعام 2022 – 2023، والتحسن في ارتفاع حجم الهطولات المطرية التي شهدتها المناطق المغذية للسد، مقارنة بتذبذبها في الموسم الشتوي الماضي والموسم الذي قبله، ما خلف حالة من الجفاف كما أعلنت عنه وزارة المياه والري سابقا.
وتستمر وزارة المياه والري، وضمن حملتها لإحكام السيطرة على مصادر المياه، بردم الآبار المخالفة العاملة، التي يبلغ عددها الكلي 659 بئرا موزعة في مختلف مناطق المملكة، في حين أنها تركز جهدها حاليا، على مخالفات الآبار"الأشد جسامة".
وتعمل الوزارة بكامل طاقتها لردم الآبار المخالفة صونا للمصادر المائية ومنع استنزافها وجفاف الأحواض الجوفية، وسط آمال بأن يعيد هذا القرار، هيبة الدولة وفرض القانون فيما يتعلق بقضية الأمن المائي الوطني.
يشار إلى أن الوزارة – سلطة المياه، حددت سابقا ثلاث "بؤر ساخنة" في المملكة، لبدء أول عمليات ردم الآبار المخالفة فيها، مشيرة إلى التنسيق بهذا الخصوص على مستوى أجهزة الدولة الأمنية جميعها.
وقالت الوزارة، في وقت سابق، أن "المعتدى عليه في هذه القضية، حصص الشعب الأردني من المياه"، مشددة على ضرورة المضي بتطبيق القانون على "كل من يعتدي على المياه وبسائر الأشكال، وفرض هيبة الدولة حماية للأمن المائي الوطني".
وزادت أن "الاعتداءات هي أحد الأسباب الرئيسة في عدم انتظام وصول المياه إلى المواطنين"، موضحة أن "الاستخدامات غير المشروعة للمياه تهدد المياه الجوفية التي تعاني الاستنزاف، حيث شهدت الأحواض المائية الجوفية تراجعا كبيرا بين 50-170 مترا نتيجة الضخ الجائر والاعتداءات".
وبينت أن حفر الآبار المخالفة يتسبب بتراجع إنتاجية آبار مياه الشرب، كما أن استمرار الاعتداءات على مصادر المياه يهدد مستقبل الأجيال القادمة.
ولفتت إلى أن الاعتداء على المياه وحفر الآبار المخالفة هو أحد أسباب جفاف ينابيع المياه، حيث يتسبب بتجفيف 5 ينابيع سنويا. ومنذ العام 1970 جف 150 ينبوعا.
ولطالما واجه قرار التصدي لردم الآبار المخالفة في مختلف مناطق المملكة، تحديات كبيرة، من أبرزها مخاوف أمنية، وضرورة التنسيق على أعلى المستويات للتصدي لبعض المتنفذين من أصحاب تلك الآبار.
وكانت وزارة المياه والري - سلطة المياه حسمت قرارها بردم سائر الآبار المخالفة في المملكة خلال شهر تشرين الثاني (نوفمبر) العام 2021، عقب تريث دام سنوات.
وقالت مصادر الوزارة إن تطوير أي مصادر مياه جديدة، سيتطلب وقتا طويلا، بخاصة وأن المياه الجوفية مستنزفة في المملكة، حيث اتخذت أولوية الحد من الضخ الجائر للمياه الجوفية في بلد يصنف ثاني أفقر دولة على مستوى المياه، مسارها في إستراتيجيات قطاع المياه، لا سيما وأن الضخ الجائر من الآبار الجوفية يتجاوز نحو ثلاثة أضعاف كمية السحب الآمن منها، وقدرها 270 مليون متر مكعب.
ويعزى ذلك إلى زيادة الطلب الكبير على المياه نتيجة شح المصادر المائية وأزمة اللجوء السوري، وفق أرقام وزارة المياه والري، إلا أن علاجها لم يتم ضمن المسار السليم على مدار الأعوام القليلة الماضية.
وبين نص قرار وزارة المياه حول ردم الآبار العاملة المخالفة، أن ذلك يتم استنادا للأحكام الواردة في قانون سلطة المياه رقم 18 للعام 1988 وتعديلاته، وكذلك نظام مراقبة المياه الجوفية رقم 85 للعام 2002 وتعديلاته.
وتنص المادة 18 من نظام مراقبة المياه الجوفية لسنة 2002 على أنه "للأمين العام ردم أي بئر تم حفره دون الحصول على رخصة وفقا لأحكام هذا النظام، وردم أي بئر لم يتقيد صاحبه بشروط الرخص الممنوحة له".
كما "يتحمل المخالف تكلفة إزالة المخالفات المنصوص عليها في الفقرة (أ) من هذه المادة. وإذا لم يقم المخالف بإزالة المخالفة المنصوص عليها في الفقرة (أ) من هذه المادة تلغى الرخص الممنوحة له".
وتتزايد مخاطر تحدي نضوب المياه الجوفية، في ظل دراسات صدرت مؤخرا حول الأحواض الجوفية واستنزافها، خصوصا ما نجم عنها من انخفاض مستوى المياه في تلك الأحواض بمعدل 8 أمتار سنويا خلال الأعوام العشرين الأخيرة.

الغد